تلقيت، عبر البريد الإلكتروني، ملفا إحصائيا يبدو أنه من مطبوعات منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك). تحاول المطوية أن تكشف بالأرقام والنسب المئوية كيف تتوزع مردودات بيع نفط دول «أوبك»، لذلك فكل ما يرد هنا من أرقام ومعلومات إنما هي بعض معلومات قمت بترجمتها - وآمل أن يكون النقل إلى العربية أمينا - مما ورد في تلك المطوية الإعلامية.
بات من المسلمات الاعتقاد بأن الدول المنتجة للنفط، وخصوصا تلك الأعضاء في منظمة أوبك، تجني أرباحا فاحشة من بيع نفوطها، لكن الأرقام تدحض هذه الخرافة، وتؤكد أن هناك أرباحا فاحشة، لكنها لا تعود إلى دول «أوبك» بل إلى الدول الأعضاء في منظمة السبعة الكبار، والتي هي الولايات المتحدة الأميركية وكندا واليابان وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة التحدة، التي تجني أموالا من خلال الضرائب التي تفرضها على النفط.
ولو أمعنا النظر في بعض أرقام تلك الفترات التي شهدت أسعار النفط خلالها قفزات واسعة مثل الفترة ما بين 1996 و2000، فسنكتشف أن الدول السبع الكبار حققت أرباحا وصلت قيمتها إلى 1.3 تريليون دولار من الضرائب التي فرضتها على النفط، ومقابل ذلك لم يكن نصيب دول «أوبك»، خلال فترة السنوات الخمس ذاتها أكثر من 850 مليار دولار. ويشار هنا إلى أنه بينما كان المبلغ الأول، على ضخامته، أرباحا صافية لم تكلف أيا من الدول السبع أية مبالغ إضافية، ونجد أن دول «أوبك» اقتطعت نسبة من تلك المداخيل لتغطية نفقات البحث والتنقيب، والإنتاج، والشحن.
الأرقام ذاتها تكشف أن المعدل السنوي لدخل الدول السبع من بيع النفط خلال تلك الفترة كان يربو على 170 مليار دولار سنويا، في حين كان المعدل السنوي لدول «أوبك»، للفترة ذاتها يقرب من 100 مليار فقط. وتبيح لنا الأرقام أن نستنتج أن العبء الحقيقي الذي يئن تحته المستهلك في الدول المستوردة للنفط، هو بند الضريبة، وبالقدر ذاته فإن المستفيد الحقيقي من وراء ذلك الارتفاع في الأسعار هو حكومات الدول المستهلكة عبر الضرائب التي تحصِّلها من المواطنين لقاء شرائهم واستهلاكهم المنتجات المستخرجة من النفط الخام.
ومن النظرة العامة الشمولية، تنتقل المطوية إلى شيء من التفاصيل، فتقول إن كل سائق مركبة بات يدرك تماما كم هو مكلف ملء خزان مركبته، لكن ما يجهله الكثيرون هو من أين تأتي هذه الكلفة، وأي طريق تسلك كي تستقر في جيوب المستفيدين الحقيقيين من الارتفاع غير المنطقي في الكلفة. وتورد المطوية الأرقام التي تدحض اللوم الذي تتلقاه دول «أوبك»، من دون أن تغفل التفاوت بين ما تحصل عليه كل دولة من السبع الكبار على حدة، لكنها جميعا تحصل على أربعة أضعاف ما تجنيه أي من دول «أوبك».
وتخلص المطوية إلى القول إنه على رغم أن النفط وأسعاره وتذبذباتها، بات الشغل الشاغل لوسائل الإعلام التي أصبحت تولي هذا الموضوع المزيد من الاهتمام، محاولة التعمق في دراسة اتجاهات الأسعار وتحلل انعكاسات أي تذبذب فيها على الاقتصاد العالمي... نجد أن هناك تعتيما، يولد فهما خاطئا، يحيط بأسعار النفط الخام، وأسعار المنتجات المستخرجة من ذلك النفط الخام، مثل الغازولين.
إلى هنا ينتهي ما نقلناه من مطوية «أوبك» التي حاولت في نص مختصر مزود بالرسوم البيانية أن تنير أذهان المستهلكين النهائيين لمشتقات النفط، وخصوصا المركبات الفردية من سيارات ودراجات نارية، بأن اللوم لا ينبغي ألا يقع على الدول المنتجة، بقدر ما تتحمله حكومات الشعوب المستهلكة، من خلال الضرائب التي تفرضها على ذلك الوقود المستورد.
نضيف نحن هنا إلى ما جاء في مطوية «أوبك» ما يكمل دورة استخدام النفط المستورد الذي تغذي نسبة عالية منه المصانع المنتشرة في الدول السبع الكبرى، والتي يعاد تصدير منتجاتها إلى الدول الأعضاء في «أوبك» في شكل بضائع مصنعة من بينها السيارت والمعدات التقليدية الثقيلة، أو تلك التي تدخل في صناعة تقنيات الاتصالات والمعلومات، وهذه الأخيرة لها أسعار خاصة باهضة، نظرا إلى القيمة المضافة التي تكتنزها تلك المنتجات.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2228 - السبت 11 أكتوبر 2008م الموافق 10 شوال 1429هـ