العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ

في نبذة من مكاتبات السلاطين مع مشايخ آل مذكور

الباب السابع

ومما كتبه ميرزا مهدي خان الوزير إلى الشيخ نصر خان رحمة اللّه عليه:

وقد بلغي إنك اجتمعت مع رجل مسيحي وكلمته في الجزائر والخليج، وتزعم إنه سياحا، فغرك بمنقولات خطابه، ومقولات أيابه وذهابه، حتى مددت له بساطا منيعا، وشددت وسطك له سريعا، أما قرأت قوله تعالى: (لن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتى تتبع ملتهم)، فإن اتبعت أهوائه بعدما فهمت حكم اللّه فأنت إذا من الهالكين، ولا تخفضن جناحك إلاّ للمؤمنين، والسلام على من اتعظ بمواعظ اللّه ورحمة اللّه وبركاته.

مهدي

ومما كتبه الشيخ نصر خان إلى الوزير المهدي خان جواب كتابته:

وأمّا ما ذكرتم في مكالمتي مع المسيحي ومودّتي له، فما بلغكم فغير بالغ، وأنتم تعلمون إن مواظبتي في الثغور ودقتي في الأمور مشهور غير منكور، وأما بسط الفراش وإطعام الناس فمن شيم الأنبياء والسلاطين، فأميرنا لم يحسن تركها، والسلام.

عبدكم نصر

ومما كتبه الوزير المهدي خان ـ رحمة اللّه عليه ـ إليه أيضا:

فقد وصل كتابك إلينا كالخطيب المصقع، له عبارات وإشارات وتصريحات وتلويحات، إلاّ إنه لاينفعنا ولاينفعك، إذ ليس لنا كلام في الإطعام من حيث الحلال والحرام فله موضع آخر في فقه الأحكام، وإنما كلامنا في علم السياسة وموضوعات الرئاسة، فما أشبه كلامنا وكلامك مع من قال: أريه السهي ويريني القمر، وقد حكي لي من أثق بحكايته إن الرجل المسيحي قد استجازك في إكتشاف جبيلات البحر، وحصر أراضيها وتلالها، وإنما أغضيت طرفي عن ذلك وحملتك على أحسن المسالك، لعلمنا بحسن سيرتك وصفاء سريرتك، فأعملوا بما ترونه لكم من الصلاح، وتعتقدونه من جادّة الفلاح، والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

مهدي

ومما كتبه الوزير المهدي خان إلى الشيخ غيث خان في مسقط ما مضمونها:

وأما ما كتبت في الخراج ونقصه عمّا كان لا يقبله السلطان، مع علمكم بكثرة الإحتىاج إليه، وقد سمعت إنّ الدنانير المسكوكة عندكم ليس عليها أثر الإسلام، فإن كان كما سمعت فأمنع الناس عن بسطه وقبضه حتى تُرسل إليكم سكة سلطانكم، وورق خاقانكم، لإن للأشياء مناسبات، ولا ينسب للثغور غيرها والسلام.

مهدي

ومما كتب ه الشيخ غيث خان إلى الوزير مهدي خان:

فكاتب الوقائع كتب إليّ وقائعا عجيبة، منها إن بعض الخوارج قد عزموا الخروج على عبدكم،ومنها إن شيخا من شيوخ عمان قد أمر الناس على المقابلة معي والمخالفة مع سلطان العجم، ومنها أن المراكب والسفن التي تركناها في بندر الصبّة والسيراف قد أحرقوها ولم يعرف فاعلها، ومنها أن جماعة البياضية قد اتصلوا بالزنجبار وشكوا عند سلطانه لأنه بياضي فأوعدهم في هذا العام التدارك والتلافي لما فاتهم، وعلى الجملة الناس في إضطراب وإلتباس ومالي إليكم إلاّ الإلتماس، والسلام.

عبدكم غيث العرب

فأجابه المهدي خان ـ رض ـ:

أما ما ذكرت من أمر الخوراج فما لهم من خروج، والشيخ العماني لا يقدر على ذلك إذا كنت بصيرا في أمرك هنالك، فمحاصرة مسقط لأمثال هؤلاء ممتنعة الحصول، بالخصوص مع حصنك المنيع وبنيانك المرصوص، وإحراق الجواري على ما بلغني منسوب إلى جارك، فلا تخبر الناس على ما أتيت، ولتكن من المتجاهلين، واتصال جماعة البياضة بسلطان الزنجبار ضدان لا يجتمعان، فليس لهم على ما فاتهم إلاّ الحزن واليأس، وقد أمرنا خوانين الدشت والهولة على معاونتكم إن طرقكم طارق، فأمر الناس بالصبر وتوكل على اللّه، وكن كالجبل لا تحركك العواصف، والسلام.

مهدي

ومما كتبه الوزير المهدي خان للشيخ غيث خان في البحرين:

غيث الجود، وغوث المنجود، قد وصل كتابكم المرقوم، ودرّ خطابكم المنظوم، يخبر عن صحة مزاجكم، وصفاء مائكم وزجاجكم، فحمدنا اللّه على ذلك وشكرناه مما هنالك، وإن سألتم عنّا فنحن في إصلاح ما أفسدته، وإنجاح ما المته، وأعلم إن الناس قد أكثروا الشكاية عمّن أمّرتهم على البلاد، وأعطيتهم زمام العباد، فأتاني جماعة من الحجاج يشكون من شيخ الإحساء وما صدر عليهم منه في الصبح والمساء، أقسم باللّه الذي علت كلمته لأن أمكني اللّه عليه لأقيمن عليه حدا يضرب به الأمثال ويحكي عنه الرجال،فإذا أتاك كتابي فأسقطه عن مسقط رأسه،وحاول بينه وبين أساسه، حتى يفيء إلى أمر اللّه ورسوله، ويرجع إلى مأمولنا ومؤموله والسلام.

مهدي

ومما كتبه السلطان شاه عباس الصفوي للشيخ عبد خان من آل مذكور سنة 1011:

وما كتبت إلينا من حفظك للثغور، فلا زلت في ذلك محمودا مشكورا، إلاّ أن بعض رؤساء الدين قد أسند إليك فعلا مجهولا، وعملا باطلا، ولو حفظت لنا ألفا من الأمصار، ويصدر منك حركة تضاهي حركة الأشرار، ما أنت عندنا بمكان ومقدار، ومن سعادة السلطان أن تكون ولاته متأدبين بآدابه، وجادين على نهج صوابه، ولقد علمت أهمية الثغور لدينا، ومسؤليتها علينا، خصوصا البحرين؛ فإن عورتها مكشوفة وخطتها مخوفة ، والعدو قريب منها، وكثيرا ما يأتيها فجأة وأعلم أنه قد ألزمنا عليك أولا أن تتخذ لحراستها من الأمناء الثقات، ومن انتخبتهم من الشجعان الكماة، وأن تؤكد عليهم في إستعمال أسباب الحفظ والإستظهار، إذ في ذلك حسم لمادّة طمع الكفار، وإنما أمّرتك على جزائر العرب وأمصارهم، وفوضتك أمر جندها وزعمائها واسرارهم، لتكون ذلك رغبة لك في فتح سائر الديار، ومعونة على إجتناء تلك الأثمار، والسلام على المجاهدين في مرضات اللّه ورحمة اللّه وبركاته.

ومما كتبه ميرزا مهدي خان الوزير إلى الشيخ غيث خان:

فقد بلغني إنك عجزت عن مقاتلة شيخ القطيف، ووليته إمارة الوضيع والشريف، حتى قَتَل رجلا من أعمامك، وانهد ركنا من قوامك، ولقد كنت اظنك عند الهزاهز وقورا، وفي المعارك صبورا، فما ذكرته حق لكن لافي حقك، وصدق لكن لا من خلقك، فإذا وصل كتابي إليك فاحمل عليه حملة الأسد، ولا تنتظر المرافقة من أحد، فإن كففت عن الثغور ألسنة الطاغين، فنعم الوفاق وإلاّ لا ترجو منّا إلاّ الطلاق، وما كتبت إلينا من قلّة الخراج فلا تخش عن سلطانك، ولك الأمر فاقض ما أنت قاض، ولاتقف عن هذا الأمر، وأكتب لنا حالات زيد وعمرو، فما كنت إلاّ كالبدر التمام يزيد هزالا حتى يعود هلالا ، والنخل ذات الأكمام تصير حطبا بعدما تعطي رطبا، وجاهدوا في اللّه حق جهاده فإن في ذلك عزة وتشريفا وتكريما ، ولاتقعد عن الجهاد فإنه إهانة وذلا والسلام.

مهدي

ومما كتبه الشيخ غيث خان إلى الوزير المهدي خان:

إن أهل البلدة المعروفة، وأرباب قريتنا الموصوفة، عاملونا بالغدر والإنكار، ومنعونا الراحة والقرار، ونهبوا أموالنا بالعتوّ والإستكبار، ومن المعلوم الواضح عند سلطاننا الأعظم وخاقاننا المكرم، إن إمام مسقط منع الناس الجمعة والجماعات، وأمرهم بإطاعة عبد من عبيده إذلالا للشيعة، وإخمادا للشريعة، ومن المعلوم الواضح عند جنابكم الشريف أزادكم اللّه العزة والتشريف إني قليل البضاعة والنفقة ، ولاأقدر على المقاتلة مع هؤلاء الفسقة، وشيخ القطيف قد خرج عن طاعتنا، ونقض عهود الخلافة ، فالأمر إليكم ولاحول ولاقوة إلاّ باللّه العليّ العظيم، وإن عبدكم لايقدر على الحركة ولا السكون، فحير في أمره مع هذا الملعون والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

عبدكم غيث

ومما كتبه الوزير المهدي خان إلى الشيخ غيث خان:

فاعلم أيها الشيخ إن النوم للراعي مستلزم لفقدان اغنامه، فتيقض عن رقدتك، وإغتنم في مدتك، لئلا يهلك الذئب أغنامك، ولعمري أغنامك أغني منك، فوالذي خلقك فسواك، لو كنت كما كان فاخترت سواك، وقد كثرت الشكاية عن فقرك، وأظهرت النكاية من دهرك، مع إن سفن التجارة قد تجري في بحرك، والمراكب السيارة قد تسري في برك، فأمرك غريب، وشأنك عجيب وما هذه البلية التي ابتليت بها إلاّ من نفسك، وكأني بك وقد هجموا على أرضك، بل على عرضك، وطمعوا في نقدك بل في فقدك، وقطّعوا إقطاعك بل أظلاعك، حتى ضاعت جلّ ضياعك، وهدموا حصونك وقلاعك، وعفت آثار دارك، وانمحت أطلال ديارك، فما تصنع بالسيف إذا لم تك قتّالا، فكسّر حلية السيف، وقم ضع لك خلخالا والسلام.

مهدي

ومما كتبه الميرزا مهدي خان وزير نادر شاه إلى الشيخ غيث آل مذكور:

نور حدقة الإمارة والرئاسة والإقبال، ونور حديقة البسالة والسياسة والإجلال، شيخنا الوقور الشيخ غيث خان آل مذكور، أما بعد فقد ساعدنا التوفيق بزيارة كتابكم، والإستماع لخطابكم، أما ما ذكرتم من أمر الرجل من أنه قد ضاقت به النصيحة، وطابت له الفضيحة، ورضي بالقصة الشنيعة دون المليحة، فدعه فإنه رأي التعب مريحة، فخخف ما عندك من الهمة العالية في نصيحة نفسه الفانية، ودعه وغرامه، وقللّ نصيحته وملامه، وإعزب من ذلك إنك لاتعلم من يهواه، وليس عندك خير من هواه، والحكم على الغائب شاهد عليك بالمعائب، وقد بلغني أن من قلّت بضاعته، وغرته جماعته، فقد خالف الأمر، ونقض العهد، واستولي عليه الشيطان فخان السلطان.

وقد أمرناكم بإخراجه من الجزائر، أو إرساله إلينا بالزواجر، فما أقعدك عن التابعة لأمر الوزير إلاّ الجبن والخيانة وسوء التدبير، فإن شئت تبعت طريق السلامة، وإن شئت سلكت سبيل الملامة ، فالذي يحلو لك من الطريقين فاتبعه بغير بين والسلام.

مهدي

ومما كتبه بعض مشائخنا إلى الشاه عباس الصفوي في سنة 1014 حين غلبت البرتغالية على البحرين:

ومما قال فيه: كيف رضيت همته العلية، وشيمته القدسية بالجلوس في دار أصفهان، والإغضاء عن جمع ما تشتت من أهل إيران، أم كيف قعدت به حميته ورسبت به غيرته، عن إقامة أعمدة هذه الطريقة الحنيفة، وتشييد أعلامها الواضحة الجلية، التي هي عين منهاج العترة المحمدية، بعد أن صُرفت في إظهار نورها الاعمار، وارتكبت في تشييد دعائمها الأهاويل والأخطار، فحسبك من تشتت شملها، وتفرق كلمة أهلها، واضمحلال آثارها، واندراس أعلامها، ما لو تأمله الشاب لشاب، او حمل بعضهم هذا الأمر جبل رضوي لساخ وذاب، كيف لا وقد كانت الآفاق بسنا نوركم مشرقة، وافئدة المخالفين بثواقب شهب تحقيقات أهلها محترقة، على الخصوص آبائك الكرام وأجدادك العظام، حتى صارت الطريقة لا تُنسب إلاّ إليهم، ولا تُعرف إلاّ بهم، حتى كأنها صارت مقرونة بهم، فبوجودهم ظهرت، وبموتهم فُقدت، ولم يبقَ من أطلالها إلاّ عروش خاوية، وآثار متداعية، ومع ذلك اكتفينا من عمارها بالخراب، ومن مائها بالسراب، فأبي الدهر الخوّان إلاّ قلع آثارها من أصولها، واضمحلال أسمها فرضا عن رسمها، لأنه بعد أن هدأت في البحرين شقشقتها، واطفئ من سائر الآفاق نورها، لم يسمو لها ذكر ولم يظهر لها حيث إلاّ في هذين البلدين القطيف والبحرين، فأما البحرين فقد صاح فيها صائح القوم، ونعق ناعقهم، فاستجلبت عقول الهمج الرعاع، واستمالت قلوب المسلمين في الجملة، بعد أن أظهر الحاسد غيه، والمخادع بغيه، فتهافتت عليها الناس كتهافت الفراش على النار، فدني وأحرق نفسه، ولو اهتدي رشدا لأبعد.

واما كاتب الوقائع فقد تذكر عهود أوطانه، ورجع إلى مكانه، فليس منكم فيها مرشد ولا مساعد، وأما الخوّانين فخانوا العهد وخلّوا العقد، وجلسوا في زاوية الخمول، أما خوفا من سلطان البرتغالية، أو طمعا في دنياهم الدنية، ولعمرك أنهم في سكرتهم يعمهون، ولا حول ولا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم.

وهذا كتاب كتبه إلى علماء البحرين، وحرضهم على حفظ الثغور والتدبر:

أما إني أخبرتكم بأنّ لكم خصم قوي، وعدو غوي يكمن لإبادتكم، ويحول بيننا وبين إرادتكم، ويريد أن يطلع من مكمنه، ويشدّ عليكم من مأمنه، فيدرككم ويهلككم جميعا، ولا مناص من كيده، ولا خلاص من قيده، وينبغي لعلماء الإسلام وحماة الدين وحفظة ثغور المسلمين أن يقطعوا دابر الطغيان، ويستأصلوا شأفة البغي والعدوان، فأين أمر معروفكم، وما هذه المنكرات بأعينكم، ولعمري قد تضعضعت البلاد، وتزلزلت الأغوار والأنجاد، واختلّت مصالح العباد، وقامت قيامة الأمجاد

وما الدين إلاّ بالجهاد قوامه

ولاقام إلاّ بعد سلّ القواضب

ولا المجد إلاّ بالشجاعة والندا

وجري العوالي فوق مجري السلاهب

والسلام عليكم وعلى العاكفين ببابكم ورحمة اللّه وبركاته.

مهدي

الشيخ عبد الرسول خان من آل مذكور :

وهو إبن الشيخ نصر المتقدم ذكره، وهذا الشيخ بعد مجيء والده إلى بوشهر استوطن بوشهر، فلما مات أبوه تصدي للحكومة في بوشهر وسائر الجزائر من بحر فارس، فدانت له المشائخ العرب، وحُملت إليه الهدايا والضرائب، وكان شابا مدبرا، وله يد في السياسة وأمر الرعية، وله حروب في الدشت وبعض الجزائر، وهذا الشيخ أول من أخذ في تعمير بلدتنا بوشهر، وكان يأمر بأمر سلطان البرين وخاقان البحرين محمد شاه قاجار وفتح على شاه قاجار، وللشيخ مع هذين السلطانين مكاتبات، وله عندهما منزلة رفيعة وجاه عظيم.

وفي سنة عشرين ومائتين بعد الألف كتب إليه بعض العلماء ما صار في البحرين على الشيعة، وتبضع الشريعة، فكتب الوقائع حسب ما صار إلى حاكم فارس، فلم يجبه أحد لإختلال الملك وفساد داخله، ثم استوطن في بوشهر في السنة المذكورة علاّمة الدهر الشيخ حسن آل عصفور قدس اللّه روحه، فأرسل الشيخ عبدالرسول خان كتابا إلى السلطان الأعظم فتح على شاه وذكر فيه ان الشيخ حسن من آل عصفور وهو من عماد بلادنا البحرين ومن بني أعمامنا قطن بوشهر، وهجر من البحرين مع بني أعمامه لكثرة ما وقع عليهم من الشتم والسبي، فكتب إليه السلطان فتح على شاه بالفارسية كتابا، فأكسيته لباس العربية ليكون طرازا واحدا.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

معتمد السلطان الشيخ عبد الرسول خان ماذكرت في مجيء شيخنا الوقور الشيخ حسن من آل عصفور إلى بلدكم فمن حضكم وإقبالكم، إذ هو رئيس ملتنا وشريك دولتنا، فقررّت له في كّل سنة خمسمائة تومانا، وهذه وظيفتي إلى جنابه، وأما وظيفتك فأكرمه وعظّم مكانه، فكما جعلتك حاكما على الناس فجعلته حاكما عليكم لولم يكن بلدكم ثغورا، لما رضيت توقفه هناك مع احتىاج الناس إليه في دار الخلافة.

وأما أمر البحرين فأمرنا حاكم فارس بإنتزاعها من يد الخوارج والسلام.

وسيأتي حالات هذا الشيخ في حالات العلماء.

ولمشائخ آل مذكور خدمات عظيمة في عصر هذا السلطان، مثل مقاتلة الشيخ حسين خان مع الافرنج في جزيرة خارك وسائر الجزائر فشكر اللّه مساعيهم الجميلة.

ذا حدس صائب، له يد طولي في السياسة وأمور الملكية، واستوطن في الدير والكنگون وبندر الفاو من بنادر الدشت، وله مقاتلة عظيمة بعد وفاة نادرشاه في البنادر مع جماعة الإفرنج المشهورين بالفرنسيين، حتى صفّا عنهم الجزائروالخليج وقصته مشهورة.

فصل في أسماك البحرين وحوتها

ولحومها الّذ من سائر لحوم الأسماك، بل لحوم الأسماك التي تكوّنت في هذا البحر ـ أعني البحر الفارسي ـ أطيب والذ من سائر حيتان البحار، وقد ذكر علماء الطبيعة بأن السمك يستنشق بأصداغه، فيقوم له الماء في تولد الروح الحيواني في قلبه مقام الهواء، وإنما استغني عن الهواء في إقامة الحياة ولم نستغن نحن عنه.

قال الجاحظ: ونسيم الهواء الذي يعيش به الطير لو دام على السمك ساعة قتله، وما ذكره الجاحظ من كون النسيم يضر بالسمك فليس على إطلاقه، لإن من السمك نوع يطير على وجه الماء مسافة طويلة ثم ينزل كما هو مشاهد في الخليج، وللسمك أنواع وأحسنها وأطيبها والذها: الحمام، ثم الراشكو، والبياح العربي، والسبيطي، والصافي، ومن أصنافه ما هو على شكل الحيات فرب سمكة تأتي في بعض فصول السنة وتنقطع في بعضها، ومن جملة أنواعه: السقنقور، والدلفين، والتمساح، ونوع منه المسمي بربيان المعروف عند الأعاجم بميگو وله حلقة عجيبة ولحم حار بعكس لحوم غيره فإنه بارد رطب، وربيان البحرين أغلي من ربيان بحر عمان وسائر الجزائر وأفخر.

قال بعض الطبيعيين: ويكره من جملتها الأسود والأصفر والأجامي، وسمك الأنهار والعيون بل ترث الأمراض المزمنة، ومن أنواعها سمك يقال لها: الكواف ولصيده أمر غريب وشأن عجيب؛ لأن للصيادين طبيلات يطبلون بها، وهم يستعملونها في الليالي المقمرة فيجتمع هذا النوع من السمك حول السفينة التي فيها الصيادون فيسهل صيدها، وهو مخصوص ببعض فصول السنة، وهو بجملته كثير الأكل لبرد مزاج معدته وقربها من فمه، وإنه ليس له عنق ولا صوت.

وفي البحرين ما يوجد من أقسامه غير ما ذكرنا إلاّ بعض الأقسام الأخر الذي ضبطناه ورأيناه مثل: الميد العربي، وجمجام، وميد صفطي، واشكون، وچفدار، وچنعد، وحاكول، ووحار، وجنبس، ومچوه، وكرارج، وسلوس، وفي بحر عمان وسائر جزائر فارس يوجد غير هذه الأقسام، بل لا تُعدّ كما في بلدتنا بوشهر مثل: الحلوا وهو قسمين الأبيض والأسود، وخارو، ومشعوم، وشوريده، وكباب، وغبات، وثير وغير ذلك.

فصل في ذكر تكون اللؤلؤة

قال المسعودي: وقد ذكرنا كيفية تكوّن اللؤلؤ وتنازع الناس في تكوّنه، ومن ذهب منهم إلى أن ذلك من المطر، ومن ذهب منهم إلى أن ذلك من غير المطر، وصفة صدف اللؤلؤ العتيق منه والحديث الذي يسمي بالمحار والمعروف بالبلبل، واللحم في الصدف والشحم وهو حيوان يفرّغ ما فيه من اللؤلؤ والدر خوفا من الغاصة كخوف المرأة على ولدها، وقد أتينا على ذكر كيفية الغوص، وإن الغاصة لا يكادون يتناولون شيئا إلاّ السمك من اللحمان والتمر لا غيرهما، من الاقوات وما يلحقهم وذكر شيء، إذ أنهم لخروج النفس من هناك بدلا عن المنخرين يجعل عليهما من الدفل أو من القرن بقسمها كالمشقاص لا من الخشب، وما يجعل في آذانهم من القطن فيه شيء من الدهن فيعصر من ذلك الدهن اليسير في الماء في قعره فيضيء لهم بذلك في البحر ضياء بينا، ومايطلون به أقدامهم وشفاههم من السواد خوفا من بلع دواب البحر إياهم ـ إلى أن قال ـ وللغواص واللؤلؤ وحيوانه أخبار عجيبة.

وللعلماء في ذلك إختلاف عظيم، والذي استفدناه من تتبع مستخرجات أصناف الحيوانات البحرية من كلمات أرباب الهيئة الجديدة: أن اللؤلؤ رشحة من رشحات الدود المعروف بابيكول الذي هو نوع من المالوس الدود البحري الذي يعيش في طبقات الماء، وبيان ذلك: أن هذا النوع من الدود إذا أراد التغذي استجلب الحيوانات الذرّة إلى جوف الصدف، فربما صادف معها حين دخولها شيء من الذرات السنخية فتتصدع الدودة بملاحقة هذا النوع من الذرات السنخية، فترشح عليها رشحة هي مادة اللؤلؤ، فتتكون حسب مشيئة الله تعالي لؤلؤة تامة، ثم يغطيها بغطاء يحجبها عنها، وكذلك الصدف رشحة من رشحات هذا الدود: وذلك أن هذا النوع يبيض كالسمك فإذا انفقست البيضة عن الدودة رشح جنباها وظهرها مادة النورة مايعة فبالتصاق ماء البحر يحصل فيها الإنجماد فيصير صدفا، وهو بمنزلة الجلد الثاني للدودة، بحيث يكون إنطباقه وإنفتاحه بإختيارها وإرادتها، وهذا الصدف إنما هو نوره يستعمل في مضانّه.

والغوص مختص بجزيرة سيلون والبحرين وعمان وخارك والبحر الأحمر وخليج المكسيكا، وعمق ماء اللؤلؤ عشرة أذرع إلى عشرين.

والقول بأن تكوّن اللؤلؤ من ماء المطر إن صدر عن أهل العصمة فمؤل، اللّهم إلاّ أن يقال إنها تكوّنت من مطر نيسان وهو من جزء مادة الدودة، ويقربه ما قالوا من إنها قلّت إن قل ماء مطر نيسان إذ له مدخلية تامة في تكون الدودة.

العدد 2194 - الأحد 07 سبتمبر 2008م الموافق 06 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً