في الخامسة والنصف من عصر أمس تسلمت صحيفة «الوسط» بيانا من وزارة الداخلية قالت فيه ان سيارة خاصة كان يستقلها 3 مواطنين تعرضت لـ «اعتداء من مجهولين بالمولوتوف». وأضاف البيان «انه بينما كان الشبان الثلاثة قادمين من حلبة البحرين للسيارات شاهدوا نحو 25 شخصا كان البعض منهم رجالا يرتدون عبايات نسائية متجمهرين على جانب الشارع، وعندما وصلوا بالقرب منهم تفاجأوا بقيام هؤلاء الأشخاص بقذف الزجاجات الحارقة (المولوتوف) على سيارتهم».
مباشرة بعد ذلك طلبت «الوسط» الالتقاء بالاشخاص الذين كانوا في السيارة، وفعلا اجري اللقاء مع اثنين، فيما (الثالث كان مرهقا) وهما شابان في مقتبل العمر (19 الى 20 سنة)، وسائق السيارة جاء من دراسته في أميركا لقضاء العطلة مع عائلته، وتحدثا بشكل مباشر عن تفاصيل ماجرى لهما الساعة الثانية والنصف من فجر أمس (الأربعاء)، وكيف أنهما تعرضا لهجوم من اشخاص ملثمين، وكيف تمكنا من الفرار من الموقع. بعدها توجهت «الوسط» الى الموقع نفسه (في كرزكان - دمستان)، لأنه بحسب الوصف من الشابين اتضح ان المكان يقع في تلك المنطقة، وهناك شوهدت الكثير من الكتابات الجدارية وصور للمعتقلين.
إن اللجوء الى استخدام العنف لتحقيق أهداف سياسية له جذوره ومسبباته ومحفزاته، والتصريحات التي لا تلامس واقع الامر بشيء لن توقف مثل هذه الأعمال، كما أن التحقيقات الرسمية لا تغني القائمين على العمل السياسي المرتبط بالشارع من إجراء بحوثهم الخاصة بهم، والالتقاء بمن يشارك في نشاطات تؤدي إلى استخدام العنف، وتفحص الكتابات الجدارية والصور التي تعلق، ومقارنتها بالخطاب المطروح هنا وهناك. إن مثل هذا الجهد تقوم به الأحزاب السياسية الفاعلة على الساحة في بلدان اخرى من أجل ان تصل الى نتائج وسياسة عملية لمعالجة الواقع.
ولنا أن نسأل: ما هي الفائدة من الادانات، او التهرب من الادانات، او المزايدة في التصريحات اذا كانت دواعي العنف السياسي مستمرة؟ إن العنف السياسي مرفوض، ومعالجته لاتكمن في الادانات فقط، وإنما بنزول المعنيين بقيادة الشارع السياسي الى الواقع ومعالجة الامور بحكمة بعيدة عن المزايدات أو التملصات.
انه لمن المؤسف أن ننشر خبرا عن العنف السياسي في هذا اليوم بالذات (2 اكتوبر / تشرين الأول)، وهو اليوم الذي اختارته الامم المتحدة للاحتفال بـ «اليوم العالمي للاّعنف»، وقد اتخذت الأمم المتحدة هذا اليوم للدعوة إلى «عالم بلا عنف» لانه يصادف عيد ميلاد المهاتما غاندي، الذي حرر الهند من الاستعمار البريطاني واسترجع حقوق شعبه الهندي من دون أن يلجأ الى العنف.
ولقد قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في رسالته بمناسبة هذا اليوم (منشور ص 19) ان «ثمة علاقة فلسفية بين المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان المكرسة في الإعلان العالمي لحقوق الانسان وبين اساليب اللاعنف التي استخدمها المهاتما غاندي». ودعا الأمين العام في رسالته القيادات الدينية والمعلمين والفنانين وآخرين كثيرين للاضطلاع بمهمة نشر ثقافة «اللاعنف»
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2218 - الأربعاء 01 أكتوبر 2008م الموافق 30 رمضان 1429هـ