العدد 2204 - الأربعاء 17 سبتمبر 2008م الموافق 16 رمضان 1429هـ

النفط والسلاح وأزمة الأسواق المالية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تتصاعد دراما المشهد المأسوي في سوق المال الأميركي، فكل يوم يتهاوى أحد عمالقة تلك الأسواق، تارة تحت ضربات فشله في تسديد فواتير ديونه التي بلغ بعضها مئات المليارات من الدولارات مثل بنك «ليمان براذرز» الذي وضع تحت حماية قانون الافلاس الأميركي بعد تعثر مفاوضات إنقاذه من ديونه التي بلغت قيمتها الاجمالية 613 مليار دولار حتى 31 مايو/ أيار 2008، فيما وصلت قيمة الديون المستحقة للدائنين الثلاثين الأوائل 158 مليار دولار حتى 2 يوليو/ تموز، والقسم الأكبر من هذا المبلغ سندات مصرفية تقدر بنحو 155 مليار دولار، وتارة أخرى من جراء فشلها في الحصول على تمويلات من خلال إقناع وكالات الترقيم بمتانتها المالية، ما سيضطرها إلى دفع مليارات الدولارات للوفاء بالتزاماتها، وهذا هو حال مجموعة «اميركان انترناشيونال غروب» (ايه آي جي) للتأمين، التي لاتزال تخوض سباقا مع الزمن للخروج من عنق زجاجة توفير مبالغ ضخمة لضمان عقود تنقذ بها سمعتها الجيدة التي لم تعد تكفي لتوفير أموال ضمان تسيير أعمالها اليومية.

وسرت عدوى تلك الاضطرابات إلى أسواق العالم الأخرى، حيث سجلت أسواق الأسهم الاوروبية الرئيسية انخفاضا تجاوزت نسبته 5 في المئة قبل أن تسترد بعضا من عافيتها. كما تراجعت الأسهم الخليجية بنسبة 7 في المئة وهي أدنى مستوياتها منذ 14 شهرا.

لكن محافظي البنوك المركزية الخليجية المجتمعين في الرياض لم يكلفوا أنفسهم عناء الانتظار حتى تنقشع غيوم الأزمة، وبادروا جماعة وفرادى لطمأنة المواطن العربي، مستبعدين أية تأثيرات كبيرة لإفلاس «ليمان براذرز» على أسواق المال في دول الخليج، مؤكدين أن «بلادهم لا تواجه تداعيات مباشرة خطيرة من جراء الاضطرابات التي اجتاحت أسواق المال في الولايات المتحدة».

ربما تعود ثقة محافظي البنوك هؤلاء، كما يقول أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة محمود عبدالفضيل، إلى «الاستثمارات العربية في الأسواق الغربية وهي استثمارات حكومية وخاصة»، ومن ثم فقد يكون المقصود من تلك التي لن تتأثر هي «الجانب الحكومي من هذه الاستثمارات»، لكن الأمر لن يكون كذلك عندما يصل الأمر إلى «الاستثمارات الخاصة (التي تستثمر في) أوعية عالية المخاطر وهو ما يجعلها عرضة لتقلبات أسواق المال».

كل الشواهد تشير إلى أن الأزمة الأميركية لاتزال في منتصف طريقها، ومن ثم فمن المنطقي أن نتوقع تناميها واتساع نطاق تأثيراتها على الصعيدين: المحلي حيث ستنتشر كي تمس قطاعات أخرى غير المؤسسات المالية، والعالمي، كي تؤثر على أسواق المال العربية، ومن بينها الخليجية. ومن هنا فعلى المؤسسات المالية الخليجية، ومعها بالطبع المواطن الخليجي، أن تهيي نفسها لكل سيناريوهات الأزمة المحتملة، بما فيها تلك التي تصل إلى مرحلة الانهيارات وذلك للأسباب الآتية:

تأثر أموال الاستثمارات الخليجية في الأسواق العالمية، بما فيها الأميركية، بتلك الأزمة ومن ثم اضطرارها إلى ضخ سيولة لتعديل الأوضاع المالية لتلك الاستثمارت، الأمر الذي من شأنه إرغامها على توفير تلك السيولة من ودائعها الخليجية، ومن المنطقي أن يقود هذا الإجراء إلى هز الأوضاع المالية في المؤسسات الاستثمارية الخليجية، وزرع بعض الشكوك في قلوب نسبة لا بأس بها من المستثمرين فيها.

اضطرار الاستثمارات الدولية العاملة في أسواق الخليج إلى سحب سيولة ضخمة من ودائعها المحلية لإعادة هيكلة استثماراتها التي تضررت من الأزمة، حيث لم تعد أمامها مصادر أخرى للتمويل أو لسد تلك الديون، وهذا من شأنه أن يثير ضجة مالية في هذه الأسواق تتبعها تداعيات تقود إلى أزمات مالية متلاحقة غير ساكنة.

تصاعد الشك في كفاءة مقاييس الشفافية المعمول بها في الأسواق العالمية، وعلى وجه الخصوص السوق الأميركية، الأمر الذي سيرغم النشطين في الأسواق الخليجية على التريث قبل التوسع في أية استثمارات جديدة، وهذه مسألة ستخلق نوعا من الركود النسبي المؤقت، الذي يخشاه صغار المضاربين في أسواق المال، وهذا بدوره سيولد حالة إرباك غير طبيعية، لها تأثيراتها السلبية على أسواق المال، وعلى وجه الخصوص الصغيرة التي تنضوي الأسواق الخليحية تحت لوائها.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2204 - الأربعاء 17 سبتمبر 2008م الموافق 16 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً