العدد 2163 - الخميس 07 أغسطس 2008م الموافق 04 شعبان 1429هـ

موريتانيا... الانقلاب رقم 14!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هكذا... وفي غمضة عين، استيقظ العالم صباح الأربعاء على خبر انقلاب نفذه قائد الحرس الرئاسي، أطاح بالرئيس الموريتاني المنتخب!

موريتانيا القصية الواقعة على تخوم الوطن العربي الغربية، هي البلد العربي الوحيد الذي استمرأ لعبة الانقلابات حتى كسر الرقم القياسي (14 انقلابا حتى الآن)، بعد أن أصبحت موضة قديمة في بقية الأقطار العربية.

ولأنه عصر الديمقراطية وليس عصر الانقلابات، فقد هبّ العالم أجمع ليعارض هذه الخطوة غير المقبولة أخلاقيا وقانونيا وسياسيا واقتصاديا وسيكولوجيا... وسوسيولوجيا أيضا!

الاتحاد الإفريقي أدان الانقلاب، والاتحاد الأوروبي أدان الإطاحة بالرئيس، وهدد بإيقاف المساعدات لموريتانيا، على رغم معرفة الأوروبيين أن الانقلابيين لا يفكرون أو يكترثون بقطع المساعدات ولا غير المساعدات!

أما الوزيرة كوندوليزا رايس، فأدانت الجيش لإطاحته بالحكومة «المنتخبة»، وفي الوقت نفسه ناشدت الجيش «إطلاق سراح الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله ورئيس الوزراء يحيى ولد محمد، وإعادة الحكومة المنتخبة الدستورية الشرعية إلى الحكم فورا». وهو ما دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من «احترام سيادة القانون والإعادة الفورية للنظام الدستوري في البلاد».

العسكريون من جانبهم أعلنوا في البيان رقم (1) عن تشكيل «مجلس دولة» لحكم البلاد، يضم 11 شخصا كلهم من العسكريين. إلا أن الأخبار المتضاربة تثير الاستغراب، وبعضها تبدو أقرب إلى الطرافة بالنسبة للمشاهد على الطرف الآخر من العالم العربي. فوزير السياحة في الحكومة (السابقة) ظلّ وزيرا للسياحة يوم أمس، وعندما سُئل ليفسّر هذه «الحزّورة» ضحك وقال: «نعم... ما زلت وزيرا للسياحة، وأنا مع هؤلاء الضباط المحترمين، فهم حماة الديمقراطية»!

الأعجب من ذلك أن بعض النواب أيّدوا الانقلاب، ودعا أحدهم الشعب للالتفاف «حول قوى التغيير والإصلاح»، محتجا على فساد الرئيس «الذي كان يسافر مع زوجته وابنته وأولاده على حساب الموازنة العامة، في رحلات وأسفار لا فائدة منها» حسب قوله.

الجامعة العربية، وبحكم عراقتها وتاريخها وتقاليدها وأمومتها للشعوب العربية، أعربت على لسان أمينها العام عمرو موسى عن «قلقها الشديد لما جرى في موريتانيا»... من مخالفةٍ للديمقراطية والأعراف السياسية والتقاليد العربية في تداول السلطة بصورة حضارية! ومن حقّ الجامعة العربية أن تقلق وبشدة، لما جرى في موريتانيا من انتهاك صارخ للديمقراطية، وخرق فاضح للأعراف والتقاليد الديمقراطية، بعيدا عن نسبة الـ 99 في المئة، وتوريث رئيس الجمهورية الحكم لفلذة كبده وثمرة فؤاده، بعد أن يبقى الريّس حتى يتوفّاه عزرائيل!

على أن أول رد فعل عربي رسمي، صدر في بيان مشترك عن رئيسين عربيين، أعربا عن قلقهما «المشترك» من الانقلاب العسكري في الدولة الشقيقة... الرئيس الأول جاء إلى السلطة في انقلاب عسكري قبل عشرين عاما، والثاني جاء إلى الحكم في انقلاب عسكري أيضا، ولكن قبل أربعين عاما!

حتى وقتٍ قريبٍ... كانت الصحافة العربية تتغنّى بالديمقراطية الموريتانية، لما كانت توفّره من حريةٍ للأحزاب وشفافيةٍ في الانتخابات، واحترام صوت الناخب الموريتاني، وهو أمرٌ تفتقر إليه غالبية البلدان العربية الأخرى التي قطعت شوطا طويلا في تزوير الانتخابات وتزييف إرادة الجماهير... والكذب على سكان الأرض والسماء!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2163 - الخميس 07 أغسطس 2008م الموافق 04 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً