عندما يكتب أو يتحدث أحد ما عن واقع المسرح البحريني، تجد هذه الكلمات هي العنوان الرئيسي: «المسرح البحريني في حاجة إلى من ينتشله من القاع... المسرح البحريني يموت بطيئا... طريق المسرح البحريني يحتاج لشمعة مضيئة... المسرح البحريني لم يعد في عنفوانه السابق... المسرح البحريني بدأت تتسرب إلى روحه المحبطات... ترى إلى متى سنظل نسمع تلك الكلمات ولا نرى ونسمع النقيض لها؟
ألم نسأم جميعا من سماع هذه الكلمات؟... ترى لماذا لم يدرس المسئولون في مجال الثقافة والإعلام الأسباب التي أدت إلى تدهور واقع المسرح البحريني؟ ولِمَ لم يوجدوا الحلول لتلك الأسباب على رغم أن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حرص على توجيه المعنيين بوزارة الإعلام للعمل على تأصيل الحركة المسرحية في البلاد وتقديم كل أشكال الدعم المادي والمعنوي للفنانين البحرينيين باتجاه رفع الراية المسرحية البحرينية بحيث تأخذ مكانتها كأحد المجالات الثقافية الرائدة ولاسيما أن تاريخ البحرين المسرحي حافل بالإنجازات.
فالحركة المسرحية في البلاد تحظى بدعم لا محدود من عاهل البلاد تأكيدا منه أن المسرح دعامة أساسية من دعائم المنظومة الثقافية والحضارية للبحرين، فضلا عن مكانته الإنسانية في حياة الشعوب حيث يختزل كل الفنون ويتبنى مختلف القضايا الحياتية ويعبر عنها بصورة إبداعية من خلال النص والحركة معا.
بلا شك إن التوجهات الملكية لدعم الحركة المسرحية في البلاد تمثل نقطة تحول كبيرة في تاريخ المسرح البحريني، ولكننا لم نرَ الواقع تغير كثيرا... فخذ على سبيل المثال لا الحصر أن أحد أعمدة المسرح البحريني الأساسي هرم وهو ينتظر «تفريغه» للعطاء والإبداع في هذا المجال... نعم إنه الفنان القدير عبدالله السعداوي، فقد مر 12 عاما وأكثر على التماس تفريغه، ولكن الحال هو الحال. في البداية كان الأمر قريبا كلمح البصر أو هو أقرب من ذلك، بَيْد أن السعداوي قارب سن التقاعد والوعود أصبحت أوهاما.
4 وزراء وأكثر حملوا حقيبة الإعلام جاءوا محملين بالوعود ثم رحلوا. جاءوا ثم رحلوا، والسعداوي هو السعداوي ينهض في الصباح الباكر، يتدثر بشمس أغسطس/ آب التي تطارده في «جبايته» اليومية التي يتحصلها للأوقاف السنية من هذا التاجر ومن ذاك المتعب الذي يضاعف جهد السعداوي كي يحظى بنار أخرى تجعله يتردد ألف مرة قبل أن يقصده في المرة الثانية، وفي كل الأحوال يأتي السعداوي إلى مقر مسرح الصواري منهكا، يسرق قيلولة لراحة جسده يعاود بعدها الانصراف إلى كتبه وزهده الخاص دون أن يسأل ما الذي حدث بشأن تفريغه؟
ثلاثة وكلاء مساعدين وأربعة مديري ثقافة وأكثر وقامة السعداوي لا تحتاج إلى شهادة أحد، ولا إلى كل هذا الوقت لإثبات أحقيته في أن ينال ما نريد نحن له... عشرات الحفلات التكريمية، عشرات اللقاءات الصحافية، والكثير من الجوائز... وأكثر جاءت تبين أهمية دوره المسرحي الفاعل والخلاّق على الصعيد المحلي والعربي والدولي وأهمية تفريغه، على حين المسئولون أذن من طين وأذن من عجين! لا نفهم الرياضيات ولا نفقه لغة الأرقام... ولكن ما نفهمه جيدا أن كل ما سبق وأكثر لا يترك ثمة ذريعة ولا أية حجة لتأخير حصول الفنان عبدالله السعداوي على التفريغ!
تلك لم تكن كلماتي وإنما هي كلمات مدونة إلكترونية جديدة تحت عنوان «فرّغوا السعداوي» نجدد فيه نحن تلاميذ ومحبي فن وإبداع السعداوي مطالبات العشرات من المثقفين والفنانين والصحافيين بتفريغ الفنان المسرحي عبدالله السعداوي لبحثه ومسرحياته... بعد كل تلك الأعمدة التي سطرت في الصحف ونقشت بكلمات من القلب للقلب الكبير الذي عهدنا منه كرما واهتماما بما هو صالح للمجتمع البحريني، فتلك اليد التي امتدت لتفرح العديدين بكرمها وعطائها، لن تبخل على شعبها بتفريغ المبدع الفنان والممثل والمخرج عبدالله السعداوي، الذي ضرب صيته الآفاق بين المثقفين والمبدعين والجمهور العربي. بين يدي عاهل البلاد نضع أمر تفريغ الفنان عبدالله السعداوي، الذي أعطى للبحرين الكثير، ومازال عطاؤه متدفقا من دون انقطاع.
العدد 2157 - الجمعة 01 أغسطس 2008م الموافق 28 رجب 1429هـ