عاشت الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية معركة حامية الوطيس بين ممثلي العمال الثلاثة وبقية أعضاء مجلس الإدارة، هذه المعركة التي انتهت بخسارة 100 مليون دولار أميركي من أموال المؤتمن عليهم في الهيئة ومن المال العام، في قبال 7 ملايين دولار أرباح على مدى خمس سنوات لذلك المبلغ الضخم.
هذه القضية التي فجرها الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين كشفت وستكشف الكثير عما يحدث في الهيئة العامة للتامين الاجتماعي، فمن التناقض الكبير الذي عاشه وزير المالية رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة، إلى كتلة «البصامين» في مجلس الإدارة والتي جاءت بها الحكومة من أجل تمرير مشاريعها على حساب الصالح العام.
وزير المالية وقع في مطبين غريبين وعجيبين، لا يمكن أن يسقط فيهما محنك وسياسي اقتصادي، الأول عندما أكد أن عملية تمرير القرارات بطريقة التدوير دون اجتماع مجلس الإدارة ليست بدعة ابتدعتها الهيئة وإنما سمة متعارف عليها من قبل المجالس المختلفة، كما أن اللجوء لهذه العملية من أجل تسريع القرار قبل أن تضيع الفرصة الاستثمارية على الهيئة.
مع مرور الوقت لم تضع الفرصة الاستثمارية للهيئة، كما أن وزير المالية تراجع عن قرار التدوير وأحال الموضوع إلى اجتماع مجلس الإدارة الأول، وأجل القرار إلى الاجتماع الثاني، ومن هنا يتضح لنا أن القضية لم يكن فيها أي استعجال، بل كانت محاولة لتمرير القرار قبل أن يشهد أي إرباك أو عرقلة من أي جهة.
الخلل الثاني الذي وقع فيه وزير المالية هو تأكيده على أن مشروع إقراض شركة ممتلكات 100 مليون دولار لا يمكن عرضه على لجنة الاستثمار لان المبلغ حديث القضية أكبر من أن يعرض على لجنة الاستثمار، وإنما يعرض فقط على مجلس الإدارة، لنفاجأ بعد ذلك بأن مجلس إدارة الهيئة الذي يترأسها يقر تحويل المشروع للجنة الاستثمار للبت فيه ورفع توصياتها، ليطرح السؤال نفسه ما الذي غير قناعات وزير المالية في عملية التدوير القانونية، وعرض المشروع على لجنة الاستثمار بعد أن كان ذلك ليس من صلاحياتها.
فهل غير تلك القناعات موقف ممثلي العمال المتصلب والمتشدد وغير المتنازل، أم تهديد نواب من مختلف الكتل النيابية بمحاسبة الوزير في حال تمرير القرض؟
ما شهدته قضية إقراض هيئة التامين الاجتماعي لشركة ممتلكات تحوم حولها الكثير من الشبهات، خصوصا، إذا ما عرفنا أن عددا من أعضاء مجلس الإدارة لا يعلمون شيئا، بل وضعتهم الحكومة وعينتهم من أجل تمرير القرارات التي تسعى لإقرارها في مثل هذه المجالس.
سؤال لم يستطع احد الجواب عليه حتى الآن، فلربما يمكن أن يجيب عليه وزير المالية، ماذا لو ان الحكومة قررت خلال السنوات الخمس المقبلة تفكيك شركة ممتلكات إلى عدة شركات، فمن حينها سيسدد القرض الذي وافقت الهيئة على منحه لشركة ممتلكات أمس الأول (الاثنين)؟، وما هو ضمان التسديد، إذا لم تكن الحكومة ضامنة؟
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2217 - الثلثاء 30 سبتمبر 2008م الموافق 29 رمضان 1429هـ