العدد 2216 - الثلثاء 30 سبتمبر 2008م الموافق 29 رمضان 1429هـ

على أبواب العيد

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أن هذا هو قدرنا... أن لا نجتمع على عيدٍ واحد. الكلّ يتكلّم هذه الأيام عن حلٍّ للمشكلة الأزلية التي يوقعنا فيها الهلال كل عام نهاية شهر الصيام!

ويبدو أننا لن نصل إلى مخرج من هذا الخلاف قريبا، فحتى من يريد العثور على مخرجٍ من الفقهاء، متسلّحا بالعلم وآراء الخبراء والمختصين، سيخرج له بعض الطواويس، ممن لم يبلغوا سطوح العلم والمعرفة والأخلاق، ليستخفّوا برأيه الفقهي، ويطالبوا بمناظرته تلفزيونيا، كأنّ أحكام الله تثبت بالمناظرات الاستعراضية على شاشات الفضائيات!

يبدو أنّ هذا هو قدرنا في الشرق، ندور في الحلقة الفارغة حول الهلال والفرقة الوحيدة الناجية، وتنقضي أعمارنا ونحن نراوح مكاننا في مستنقع العصبيات والجهل والظلم والاستبداد، لا نريد الخروج منها كما خرجت بقية شعوب الأرض. وإذا كان كلّ جهدنا وجهادنا واجتهادنا إثبات أن المذهب الآخر على باطل، وأن مذهبنا على الحق، فكيف سننظر يا ترى إلى بقية الشعوب في العالم؟

إذا كنا نرى فضائيات بعضنا بعضا، ومساجد بعضنا بعضا، ونحجّ معا ونقف في يومٍ واحدٍ على صعيد عرفات كل عام، ومع ذلك لا يكفي ذلك للاطمئنان إلى أن «الآخر» مسلم، فكيف سننظر إلى الشعوب الأخرى من «الغوييم»؟

القرآن الكريم وفي سورة المائدة، تقرأ الآية الـ 69 فكأنك تقرأها لأول مرة: «إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون». فهناك أفقٌ واسعٌ من الرحمة التي وسعت كل شيء، فالتسميات «مثل المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين لا يوجب عند الله تعالى أجرا ولا أمنا من العذاب، وإنما سبب الكرامة والسعادة هي حقيقة الإيمان بالله... والعمل الصالح»، كما يقول صاحب تفسير الميزان. بينما تعتقد كلّ طائفةٍ أو قبيلةٍ أو حزبٍ أو جمعيةٍ إسلامية أن الجنّة محجوزةٌ لأبنائها ومنتسبيها وحدهم.

ما أحوج جيلنا المبتلى بالعصبيات الطائفية، إلى استجلاء معاني الرحمة والمحبة والسلام، في ختام شهر الصيام. وإذا كان من الصعب أن تطالب باستشعار المحبة للآخر، مسلما أو غير مسلم، على قاعدة «إما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق»، إلاّ أنه ليس مستحيلا تصحيح النظرة للآخر، واعتباره بشرا له الحق في الحياة، ليس منحة وتحننا من هذا المفتي أو ذاك، وإنّما هو حقٌ مقدّسٌ منحه ربّ السماء.

يمرّ العيد، والمناطق الإسلامية هي الأكثر استهدافا خارجيا، وتصدّعا داخليا في العالم، من أفغانستان والعراق، وفلسطين ولبنان، والصومال والسودان، بينما هناك من أخذ على عاتقه إشغال الأمة ببعضها، والتحريض على العداء للآخرين من المذاهب الأخرى، فيما يستمر الضغط الاستعماري الغربي على دول المنطقة، شيعية وسنية، سواء بسواء.

وأخيرا... ما أصدق ما قاله السيدمحمد حسين فضل الله: «إننا لا نحسن التعامل مع انتصاراتنا وانتكاسات الآخرين، حتى الأزمة الاقتصادية الأميركية لم يفكر الكثيرون في كيفية استغلالها لمصلحة شعوبهم، وبدأوا البحث عن مصالحهم المتداعية بين ثنايا الاقتصاد الأميركي وشركاته المتهاوية».

الرجل الكبير، وفي لفتة إنسانية جميلة، دعا إلى الانفتاح على الطبقات المحرومة والمستضعفة، وخصوصا الأيتام والفقراء «لأن قيمة العيد هي في إنتاج الفرح الدائم للبشرية». جعل الله هذا العيد يوما سعيدا ومباركا للإسلام والمسلمين

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2216 - الثلثاء 30 سبتمبر 2008م الموافق 29 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً