العدد 2216 - الثلثاء 30 سبتمبر 2008م الموافق 29 رمضان 1429هـ

العمل وليس المجاملة الكلامية للمرأة الباكستانية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أوضحت سفيرة الولايات المتحدة إلى الباكستان آن باترسون أن أحد أهداف الولايات المتحدة الرئيسية في الباكستان هو تمكين المرأة.

أثناء افتتاحها غرفة قراءة باسم سوزان أنتوني بجامعة فاطمة جناح للبنات في لاهور يوم 17 سبتمبر/ أيلول، ذكرت السفيرة اسمي أنتوني وجناح على أنهما رائدتان ونموذج للمرأة الباكستانية. إلا أن الطريق إلى تمكين المرأة - لسوء الحظ - طريق طويل تعتريه العقبات.

تعتبر أمور كالفساد والأمية والأنظمة شبه الإقطاعية في المناطق الريفية، حسب اجتماعات جرت حديثا بين مشاركين من مؤسسات أكاديمية والمجتمع المدني في «الوكالة اليابانية للتعاون الدولي - صورة وضع النوع الاجتماعي في الدولة»، والتي عقدت حديثا في أربع مقاطعات باكستانية لتقييم وضع حقوق الإنسان في الباكستان، تعتبر عوامل رئيسية وراء عدم المساواة في النوع الاجتماعي في الباكستان.

وعلى رغم أن تحسين هذه القضايا تبدو عملية بعيدة المنال، إلا أن المنظمات المحلية غير الحكومية تعمل بجد على هذه القضايا بمساعدة شركاء محليين وهيئات دولية. كذلك أدّت سياسات الحكومات السابقة، مثل سن قانون جرائم الشرف العام 2004 ومشروع قانون حماية المرأة العام 2006 إلى زيادة حماية حقوق المرأة في الدولة،

إلا أن ذلك كله غير كافٍ.

فالباكستان يتعرض لمعوقات الفساد على المستويين المنهجي والمجتمعي.

في المجال المهني، على سبيل المثال، وعندما تتنافس المرأة على منصب ما في مجال الخدمة العامة للدولة، يقف أمامها في الغالب أفراد فاسدون يروّجون، من خلال الرشاوى أو الاتصالات الشخصية، لمرشحيهم المفضلين. ولا تتمكن النساء ذات الكفاءات العالية أحيانا، وهن جديدات في المجال السياسي، من التعامل مع النظام بالأسلوب ذاته.

يجري في قطاع الرعاية الصحية أحيانا تجاوز ترقية النساء اللواتي لا يقبلن الرشاوى، ويجري بدلا من ذلك إعطاء المناصب العليا على السلم الإداري لرجال يُعتبرون من الذين يقبلونها. وهذا لا يؤثر على النساء فقط وإنما يكون له أثر شديد الخطورة على أداء الرعاية الصحية الشاملة.

وحيث إن المرأة تواجه تمييزا اجتماعيا وثقافيا وسياسيا ومؤسسيا، يجعل الفساد غالبا من وضعهم أكثر صعوبة وسوءا. ويقتصر الوصول إلى المؤسسات الحكومية كالمستشفيات الأساسية والرعاية الصحية والمدارس، على الاعتبارات في النوع الاجتماعي، ويتفاقم بسبب الفساد.

الأمية هي العامل الرئيسي الثاني الذي يؤدي إلى تفقير المرأة الباكستانية، ما زال معدل الأمية في الباكستان، البالغ 50 في المئة متخلّفا عن دول أخرى في المنطقة، وقد تضاعف عدد النساء الأميات في الباكستان منذ العام 1951 ثلاث مرات. تشكل المرأة 60 في المئة من السكان الأميين، ويجري بالتالي استثناؤها بشكل غير متناسب من التعليم العالي وفرص التوظيف.

ويعتبر مفتاح خفض معدلات الأمية عند الإناث أساسيا مثل إنشاء المدارس بشكل مناسب. وبحسب وزير التجارة السابق زبير خان، تفتقر المدارس في المقاطعة الحدودية الشمالية الغربية إلى المرافق الصحية، وهي قريبة من الأماكن التجارية، وهي كذلك غير منفصلة من حيث النوع الاجتماعي. تؤدي هذه العوامل إلى إبقاء الفتيات خارج المدارس عند وصولهن سن البلوغ، بسبب العادات التقليدية في المنطقة، التي تحدّ من ظهور المرأة في المجالات العامة.

ويؤدي هذا كله إلى عامل ثالث هو الأنظمة الإقطاعية الأبوية في المناطق الريفية، التي تضمن بقاء المرأة خلف أبواب موصدة. حتى لو كانت امرأة من بين القلة النادرة الذين يحصلون على تعليم، إلا أنه لا يسمح لها أن تعمل إلى جانب الرجل حيث إن ذلك يعتبر وصفا «حديثا» يعبس أفراد النخبة الريفية تجاهه.

قد تفلح النساء الفقيرات الأرض، إلا أن تعليمهن يعتبر تهديدا لنظام الحكم السائد في المنطقة. ويُنظَر إلى التعليم، الذي يُعتبر أنه يعمل ضد التفكير الإقطاعي والوضع السائد، على أنه تهديد مزعج للتقاليد، يشجع الفتيات على التفكير والعمل والزواج حسب إرادتهن، وهو ممارسة غير مقبولة في مناطق الباكستان الريفية.

هناك ضرورة لخطوات إضافية للتعامل مع هذه العوامل.

يتوجب على الحكومة الباكستانية الجديدة أن تعمل على تقوية وزارة تنمية المرأة، وهي الآن صغيرة وغير مجهزة بشكل جيد، وتفتقر إلى المعرفة اللوجستية والفنية لتتعامل مع مشكلات النوع الاجتماعي العديدة التي تواجهها الدولة. تحتاج الدولة إلى تمويل متزايد وروابط أقوى مع وزارات رئيسية أخرى لضمان ألا يجري تهميش النوع الاجتماعي بشكل مستمر في حوار التنمية في الباكستان.

لا يكفي الكلام المنمّق في موضوع تمكين النوع الاجتماعي، فقد حان الوقت للقيام بعمل فاعل، وتطبيق قوانين العامين 2004 و2006 التي تؤثر على حقوق المرأة بالحرف والروح. تتوجه جميع الأنظار إلى الحكومة الديمقراطية الجديدة لكي تعمل بفعالية باتجاه المساواة في النوع الاجتماعي حتى يتسنى لجميع مواطني الباكستان أن يستفيدوا ويشاركوا في مستقبل الدولة.

* باحثة مشاركة في معهد سياسة اللتنمية المستدامة في اسلام آباد ، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2216 - الثلثاء 30 سبتمبر 2008م الموافق 29 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً