قال تقرير دولي إن الأزمة المالية العالمية الناتجة عن مشكلة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية كانت لها آثار سلبية محدودة حتى الآن على الاستثمارات الخارجية، ولكن وقع الأزمة سيظهر أكثر خلال العام الجاري، وعلى المؤسسات الاستثمارية التي تستثمر في الخارج أن تأخذ مزيدا من الحذر بشأن الإنفاق الاستثماري.
وذكر «تقرير الاستثمار العالمي» الذي صدر في البحرين الأسبوع الماضي، أن أزمة الرهن العقاري التي اندلعت في أميركا كان لها تأثير على الأسواق المالية وتسببت في حدوث مشكلات سيولة في العديد من الدول، ما أدى إلى ارتفاع تكاليف العمليات الائتمانية.
وأوضح التقرير «يبدو أن التأثيرات الاقتصادية الجزئية والكلية التي مست قدرة الشركات على الاستثمار في الخارج كانت محدودة نسبيا حتى الآن».
وأضاف «على المستوى الاقتصادي الكلي، يحتمل أن تتأثر اقتصادات البلدان المتقدمة بتباطؤ اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية وبتأثير الاضطراب في الأسواق المالية على السيولة. ونتيجة لذلك يحتمل أن تنخفض التدفقات الداخلة إلى هذه الدول وكذلك التدفقات المالية الخارجة منها، ويحتمل أن تواجه الاقتصادات النامية هذا الخطر بفضل نموها الاقتصادي المرن نسبيا».
وبين التقرير أنه بالإضافة إلى تأثير الأزمة الائتمانية الشديدة في الولايات المتحدة الأميركية، فقد تأثر الاقتصاد العالمي أيضا بالانخفاض الكبير في قيمة الدولار الأميركي، وقد ساهم هذا التراجع في حفز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الولايات المتحدة.
وأضاف «أفضى تباطؤ الاقتصاد العالمي والاضطراب المالي إلى حدوث أزمة سيولة في أسواق المال والإقراض في العديد من الدول المتقدمة، وأدى ذلك إلى هبوط عمليات الاندماج والشراء، إذ سجلت قيمة الصفقات تراجعا بنسبة 29 في المئة في العام 2007».
وكان قال تقرير دولي توقع أن تواجه المصارف والمؤسسات المالية في مختلف دول العالم زيادة في هبوط قيمة السندات والأوراق المالية التي يتم تداولها في الأسواق المالية والبورصات بالتزامن مع ارتفاع خسائر القروض المعدومة في النصف الثاني من العام الجاري في ظل الأزمات المالية التي تعيشها الأسواق والتي أدت إلى خروج مصارف عالمية كبيرة.
وأوضح التقرير أن الاضطراب الذي تواجهه أوضاع رأس المال واستمرار الأخبار السلبية بشأن سوق الرهن في الولايات المتحدة الأميركية «ستؤدي إلى موجة كبيرة من انخفاض القيمة في النصف الثاني من العام 2008».
وأضاف أن الصناعة المالية ضخت كمية ضخمة من رؤوس الأموال خلال السنة المنصرمة لتعويض تراجع السندات والأوراق المالية الأخرى، وأن أوضاع الأسواق في الوقت الحاضر غير مشجعة، «وتواجه المؤسسات المالية موجة قادمة من انخفاض في قيمة الأوراق المالية في ظل تراجع الفرص للحصول على رؤوس أموال إضافية».
وضخت المصارف المركزية في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية وكذلك بعض الدول الآسيوية مئات المليارات من الدولارات في السوق في الآونة الأخيرة بعد تفجر أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية بهدف تبريد السوق.
وكانت السلطات الأميركية وضعت خطة طوارئ بقيمة 85 مليار دولار لإنقاذ شركة أيه آي جي وتجنب إشهار إفلاسها بهدف تبريد الأسواق التي اهتزت بسبب إفلاس المصارف الأميركية العملاقة والناتجة أساسا عن أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية.
وانتشرت الخسائر إلى المصارف والمؤسسات المالية في مختلف دول العالم بسبب أزمة الرهن العقاري الأميركية، من ضمنها مصارف وصناديق استثمارية في البحرين وبقية دول الخليج العربية، وخصوصا المؤسسات التي تستثمر بقوة في السوق الأميركية. وقد كشفت بعض المؤسسات عن خسائرها، إلا أنه ينتظر أن تعلن المزيد من المؤسسات عن خسائر في المحافظ الاستثمارية.
كما أفاد التقرير أن «هبوط قيمة السندات والأسهم انتشرت جغرافيا ومؤسسيا. الوسطاء والمستثمرون عبر الكرة الأرضية ساهموا في تمويل الرهن العقاري الأميركي أثناء سنوات الازدهار، وبالتالي فهم يتحملون قسطا من الخسائر في هذا الهبوط».
وأضاف «في حين أن الصناعة العالمية قد تكون تخطت نصف فترة الهبوط في قيمة السندات والأوراق المالية، فإن أقساما أخرى غير مدعومة بالرهن العقاري في خطر بعد تراجع الأسعار في الأشهر القليلة الماضية، متوقعا أن «تقوم المؤسسات المالية بتخفيض كبير في قيمة الأوراق المالية في النصف الثاني، وقد بدا هذا الاتجاه بالفعل».
ويقول اقتصاديون، إن مؤسسات مالية خليجية ومصارف وكذلك مستثمرين من المنطقة خسروا مئات الملايين من الدولارات في الأسواق الدولية معظمه ناتج عن أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية وكذلك تراجع أسواق العقارات، ولكن الأسواق الإقليمية ظلت مرنة في وجه التدهور المستقبلي للاقتصاد العالمي.
من ناحية أخرى، أرجع التقرير زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إفريقيا والذي بلغ 53 مليار دولار في العام 2007، وهو رقم قياسي، إلى «الطفرة التي شهدتها أسواق السلع الأساسية ونمو مستوى ربحية الاستثمارات الأجنبية وتحسن بيئات السياسات العامة».
وأضاف أن «طفرة أسعار السلع الأساسية ساعدت إفريقيا في الحفاظ على مستوى عالٍ نسبيا من الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه نحو الخارج والذي وصل إلى 6 مليارات دولار في العام 2007».
وذكر التقرير أنه على رغم تزايد التدفقات الداخلة، «فإن نصيب إفريقيا من مجموع الاستثمار الأجنبي المباشر ظل في حدود 3 في المئة»، لكنه قال «تبدو إمكانات تزايد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الداخلة (إلى إفريقيا) في العام 2008 واعدة في ضوء استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية والمشاريع الكبيرة التي سبق الكشف عنها، والمدفوعات الوشيكة الناشئة عن صفقات اندماج وشراء»
العدد 2216 - الثلثاء 30 سبتمبر 2008م الموافق 29 رمضان 1429هـ