يشكل مشروع قانون الانتخابات الجديد الذي تقدمت به وزارة الداخلية الايرانية إلى مجلس الوزراء الذي أقره بالاجماع وأحاله بشكل سريع على البرلمان لمناقشته واقراره، من أهم الخطوات التي قامت بها رئاسة محمد خاتمي في دورتها الثانية، إلى جانب لائحة «تبيين» صلاحيات الرئيس الدستورية.
ويتوقع ان يثير هذا المشروع الكثير من الجدل بين المحافظين والاصلاحيين، انطلاقا من انه يحتوي على مادة اساسية هي محور المشروع، تنص على «إلغاء لجنة دراسة أهلية وصلاحية المرشحين» في اي عملية انتخاب شعبي، نيابية كانت أم رئاسية.
ويذكر ان هذه اللجنة تشكل العمود الفقري أو العصب الذي يقوم عليه عمل «مجلس صيانة الدستور» التابعة له، وهو استضافها في الانتخابات النيابية السابقة كورقة رابحة في مواجهة ترشيح الكثير من الوجوه الإسلامية البارزة وإبعادها عن ساحة الانتخابات بذرائع متعددة. لعل أهمها اتهام المرشح بمعارضته أو رفضه لمبدأ ولاية الفقيه، أو حتى عدم التزامه بالصلاة أو التعاليم الدينية. ونجح إلى حد ما في التقليل من حضور هذه الوجوه في المجلس الحالي.
وعلى رغم ادراك الاصلاحيين عموما، والحكومة خصوصا، امكان ان يمر هذا القانون من «مجلس صيانة الدستور»، لأنه يعني في حال موافقته عليه، التخلي عن أهم سلاح في يده، وبالتالي حصر نفوذه في اطار الصراع مع البرلمان على شرعية بعض القوانين ودستوريتها، إلا انهم يراهنون على الاثر الذي قد يحدثه اقرار مثل هذا القانون في البرلمان، حتى ولو لم ينل موافقة «مجلس الصيانة» ويكفي ان تكون هناك سابقة قانونية وبرلمانية في اقرار إلغاء هذه اللجنة ووقف عملها.
في المقابل، يرى المحافظون، ان المساعي التي يبذلها التيار الاصلاحي لإلغاء اللجنة هدفها النيل من إسلامية النظام وافساح في المجال أمام الاشخاص المعادين للثورة والنظام للوصول إلى البرلمان وبالتالي ضرب الهوية الدينية للثورة، منطلقين من تأكيدات ان مؤسس الثورة الامام الخميني اشار بتشكيل هذه اللجنة لمنع الانحراف في المستقبل، في حين يؤكد الاصلاحيون، وبناء على كلام للامام الخميني ايضا ان هذه اللجنة كانت ذات صفة مؤقتة ولا تحظى بغطاء قانوني.
يذكر ان هذه اللجنة كانت على قاب قوسين او ادنى من رفض أهلية محمد خاتمي للترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية الاخيرة لاعتبارات مختلفة، غير ان تدخل جهات عليا منع صدور هذا القرار الذي كان من الممكن ان يدخل البلاد في ازمة كبيرة في حينها.
لذلك فإن جهد الاصلاحيين ينصب على ازالة هذه العقبة من طريق العملية التشريعية ورفع هذ السيف عن رقبة العملية الديمقراطية وبالتالي التخفيف من تدخلها في الشأن الانتخابي وحصره في اطار الرقابة على القوانين المحالة من البرلمان ودراسة مدى مطابقتها للدستور والشرع
العدد 47 - الثلثاء 22 أكتوبر 2002م الموافق 15 شعبان 1423هـ