المحاولة العبثية التي قام بها أحد الأشخاص الذي يبدو أنه لا يجيد اللغة العربية في سار فجر أمس أتت بنتائج عكسية مباشرة. فالواضح أن الذي قام بالتفجير الصوتي وحرق إطار وكتابة شعار بأسلوب أقرب إلى الأردية يوضح الجانب المأسوي الذي يعيشه بعض من يشعر بالضرر من استتباب الأمن منذ التصويت على ميثاق العمل الوطني. وكان واضحا جدا لأهل سار أن الذي قام بالعمل العبثي لا يمثلهم ولا يمثل أي اتجاه سياسي له وجوده على الساحة. ويأتي العمل العبثي بعد صدور تصريحات واضحة من رؤساء الجمعيات السياسية ومن الرموز الدينية تشجب أي عمل يثير الأوضاع، ولذلك كان واضحا للجميع أن الذي قام بالعمل المذكور إنما هو أحد البائسين المتضررين من عودة الأمن والأمان إلى ربوع البحرين. والسؤال الذي يطرحه الكثير من الناس يدور حول هوية المتضررين من استتباب الأمن وعودة الحياة الطبيعية إلى البلاد. فليس المتضرر من ذلك الذي خرج من السجن السياسي، وليس المتضرر الذي عاد من المنفى، وليس المتضرر الذي يستطيع التعبير عن رأيه في النوادي والمساجد والمجالس المنتشرة في كل مكان، وليس المتضرر الذي يستطيع أن يكتب رأيه في الصحافة، وليس المتضرر الذي فرح مع كل أبناء شعبه عندما اختفت سيارات مكافحة الشغب من المناطق السكنية، إنما المتضرر هو شخص كان يسترزق من خلال أجواء القمع ويشعر بأن مزاياه قد انتهت بنهاية القمع. هذه النتيجة ليست عاطفية وإنما تدعمها الشعارات التي كتبت بلغة غير مفهومة «عربيا» وتدعمها الشواهد المحيطة بالحدث.
وكائنا من كان الطرف الذي قام بالعمل العبثي فقد أثبت أهالي سار أنهم ضد أي عمل من هذا النوع وأنهم لا يتبنون ولا يساندون سوى الإصلاح نهجا والعمل السلمي وسيلة للتعبير عن الرأي.
البائسون هم الذين شعروا بأن شعب البحرين يرفضهم ويرفض أساليبهم، والبائسون هم الذين لا يشاركون الشعب أفراحه وسعادته بما تحقق من إنجازات على صعيد حق التجمع السلمي وحق التعبير عن الرأي وحق العيش بأمان، بعيدا عن القهر والضغط الأمني.
أما أهالي سار وأهل البحرين فإنهم الذين أثبتوا للعالم سلميتهم وتحضر وسائلهم التعبيرية وقدرتهم على الحوار والاختلاف من دون الإخلال بالسلم الأهلي. فالبحرين اليوم تعيش ربيعا جميلا، على رغم الاختلافات في وجهات النظر بشأن التعديلات الدستورية. والمشاركة من عدمها في الانتخابات النيابية. ولا شك أن هناك خاسرين من الأجواء الديمقراطية البعيدة عن التشنج وأعمال العنف، وهؤلاء ليسوا من صفوف الجمعيات والاتجاهات المقاطعة وإنما هم من العابثين الذين لا يشعرون بانتماء إلى جمعية أو اتجاه أو وطن. إن المسيرة البحرينية ماضية بإذن الله وتتجه إلى بر الأمان مشتملة على الرأي والرأي الآخر، وجميع الاتجاهات الوطنية التي نظمت صفوفها بصورة قانونية وتنعم بحرية التجمع السلمي والتعبير عن الموقف من داخل البحرين ودون الحاجة إلى اللجوء إلى أي من الوسائل التي استخدمها العابثون المتضررون من الديمقراطية ومن انتشار أجواء الأمن والاستقرار. العابثون سيشعرون بمزيد من اليأس وهم يلاحظون تجاهل الناس لمحاولاتهم وعدم انجرار الساحة لأساليبهم، وسيشعرون بخيبة الأمل على رغم أنهم حمقى لا يفقهون ما يقوله ويكتبه أبناء البحرين.
أما أبناء البحرين فإن إصرارهم على مساندة المشروع الإصلاحي في ازدياد مستمر، وهم يعايشون المزيد من الانفتاح والسماح باختلاف وجهات النظر، وهذا ما يدعونا إلى تجاهل محاولات العابثين وعدم الالتفات إليها كثيرا، فمصيرها الفشل لأنها بدأت فاشلة ومن دون غاية أو مبرر وهي مُدانة من قبل جميع الرموز الدينية والسياسية.
إن انتعاش الأجواء الديمقراطية أدى إلى عودة الاستثمارات الأجنبية إلى البحرين، وهذه الاستثمارات هي التي ستوفر الوظائف للبحرينيين وستحسن من مستواهم المعيشي، والذين يعبثون بأمن البلاد يعبثون أيضا بأرزاق الناس.
الرموز السياسية والدينية والقواعد الشعبية أدانت جميع هذه الممارسات المضرة بالبحرين وأهلها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 47 - الثلثاء 22 أكتوبر 2002م الموافق 15 شعبان 1423هـ