العدد 45 - الأحد 20 أكتوبر 2002م الموافق 13 شعبان 1423هـ

تجربة البحرين... خطوات إلى الأمام

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الدول المجاورة تنظر إلى البحرين باهتمام خاص وسترتب كثيرا من أوضاعها بناء على ما ينتج عن تجربتنا الحالية. وفي الوقت الذي لا يدعي أحد بأن ما لدينا يحتوي على كل المواصفات الديمقراطية البرلمانية، إلا أنه يمكن الاشارة إلى الكثير من الايجابيات التي تحققت بفضل تظافر جهود المخلصين. فالبحرين ليست بلدا بسيطا، وانما يحتوي على كل التعقيدات الموجودة في البلدان الكبيرة، ولذا فإننا نعيش حالة «مختبرية» بكل ما للكلمة من معنى. فلدينا جميع الاتجاهات السياسية الاسلامية واليسارية والعلمانية والليبرالية، ولدينا التقسيمات المذهبية الرئيسية، ولدينا التوزيع الإثني، ولدينا اللهجات العديدة، ولدينا الجاليات الأجنبية، ولدينا المعطيات المختلفة للمجتمعات المنوعة في كل شيء.

ولذا فإن نجاحنا في تكوين اطار سياسي واجتماعي يحفظ اصالتنا من جانب ويضمن التعددية الايجابية من جانب آخر سوف يعطي أنموذجا للآخرين يستطيعون من خلاله حل بعض المعضلات التي يواجهونها.

غير أن أفضل ما نستطيع تقديمه للآخرين هو قبول وجود الرأي الآخر والرأي المعارض الذي يستطيع ممارسة دوره السياسي من دون خوف ومن دون أن يحدث ذلك خللا في السلم الأهلي. فالمصالح المجتمعية لا يمكن المحافظة عليها إلا اذا سمحنا بتمثيلها في مختلف الأمور الحياتية.

وما يهمنا هذه الأيام هو التفكير فيما بعد الانتخابات وكيفية اقناع الأطراف المقاطعة بالمشاركة في الحياة العامة بالقرب من مواقع القرار. اذ لا يمكن اغفال الأطراف المقاطعة لأهمية الدور الذي لعبته في انجاح الاصلاحات وأهمية ما تستطيع القيام به عند مشاركتها، مع الاحتفاظ بآرائها المعارضة.

وهناك الآن جلسات مستمرة بين عدد من المخلصين يحاولون من خلالها طرح افكار تعرض بصورة محايدة على القيادة السياسية من جانب وعلى الجمعيات المقاطعة من جانب آخر. وهذه الأفكار تسعى لإشراك المقاطعين بوسيلة تكون مقبولة لديهم ومن دون أن تضحي بما يهدفون إليه، ولكن من خلال المشاركة المباشرة أوغير المباشرة.

والحديث عن المشاركة غير المباشرة ليس بالشيء الجديد في السياسة. فكثير من الأطراف التي تصل إلى طريق مسدود في علاقاتها تفتح مجالا آخر يكون مقبولا لدى الطرفين ويمكن من خلال هذا المجال التعاون فيما يتفق عليه إلى حين ايجاد الفرص المناسبة للمشاركة المباشرة. وعلى رغم أن الطريق يبدو مسدودا نوعا ما لأن الأطراف أعلنت موقفا يصعب معالجته في الوقت القصير المتاح، فإن الأوضاع ستتحرك بعد الانتخابات، وبالإمكان تحريكها بطريقة تهدف إلى تقريب وجهات النظر هادفين من ذلك تمثيل جميع المصالح المشروعة لفئات المجتمع المختلفة. ان الحياة السياسية في بلدان كثيرة تتمحور على مؤسسات قد لا يكون البرلمان هو قلبها. وهذا ليس فقط في البلدان الأقل تطورا، وانما حتى في بلدان مثل ايطاليا فإن البرلمان ضعيف مقارنة بالمؤسسات القضائية والاجتماعية والنقابية والتجارية. وعلى الرغم من ضعف البرلمان والعملية السياسية هناك، فإن إيطاليا لديها تطور كبير على المستوى الاقتصادي ومستوى الحريات العامة يفوق كل ما لدى العالم العربي على رغم أن عدد سكانها لا يتعدى خمس ما هو موجود في الوطن العربي.

إن الحياة السياسية البحرينية لديها الكثير من المؤسسات والروافد والقطاعات المتحركة اجتماعيا وسياسيا، وهي جميعها تلعب أدوارا متكاملة مع بعضها البعض. والجمعيات المقاطعة لها دورها الوطني الذي تستطيع ممارسته لدعم حركة الاصلاح ولتقديم نموذج جديد للتعايش السلمي الايجابي الذي لا يخالف وجود آراء معارضة، وفي الوقت ذاته يجمع كل الأطراف من أجل بناء الوطن الحافظ لكرامة المواطنين

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 45 - الأحد 20 أكتوبر 2002م الموافق 13 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً