مكالمة من التربية لم تأتِ
في أعقاب القراءة السابقة التي نشرناها في العدد (30) لرسائل القراء، تمنيت وانتظرت مكالمة من وزارة التربية للاستفسار عن الشخص الذي لم ننشر اسمه في رسالة الأخت «سكينة» التي فهم كل من قرأها مدى ما تعرضت له من ابتزاز ومحاولة إذلال على يد قسم التوظيف. كنت أعتقد أن الوزارة ستتصل، ولو من باب المداراة وإبداء الاهتمام، ولكن كما يبدو أن السياسة المتبعة هي التجاهل، فقولوا ما شئتم وانتقدوا، ونحن سنضرب بالمواطنين وصيحاتهم وآهاتهم عرض الحائط! سياسة ليست بعيدة النظر... ولا أدري إلى أين ستؤدي مثل هذه السياسة غير الحكيمة؟
على أن هذه السياسة لم تقتصر على القطاع العام وانما تعدته إلى الخاص، تشابهت قلوبهم! ففي شكوى من طالبات إحدى المدارس الخاصة شكت الطالبات من تصرفات أحد مدرسي الرياضة، فلم يجدن ملجأ غير «الوسط» بعد أن اهملت الإدارة شكاواهن. وفي اليوم التالي لنشر الرسالة وصلنا رد «مفحم»! فنشرنا تعقيبا بوجود اسم المدرس المتهم لدينا، ونحن مستعدون للتعريف به عند الاتصال بنا. ولكن مر أكثر من أسبوع ولم تصلنا المكالمة ولا رسالة الاستفسار... فالسياسة واحدة: المؤسسات لا تخطىء... والمواطن متهم في كلامه حتى يثبت العكس! وأنكم تريدون أن تشوهوا صورتنا. مع العلم أننا مجرد باحثين عن الحق ونشر الحقيقة .. التي تلتقي مصالح البعض على إخفائها.
الفقير يحن على الفقير
نشرنا قضية ذات صبغة فاقعة، عن أسرة جائعة مكونة من 15فردا، تشكو من الجوع في بلد الخيرات، لم يعجز عن إطعام مواطنيه ومثلهم من الوافدين والمقيمين. عائل الأسرة عاطل عن العمل منذ أكثر من خمسة عشر عاما، مع أنه صاحب خبرة، عمل في عدة بنوك ومازالت أوراقه لدينا في «الوسط»، وبعد انسحاب بعض البنوك من البلد في منتصف الثمانينات بقي عاطلا عن العمل. بعض بناته خريجات من جامعة الكويت منذ خمسة أعوام لم يتم توظيفهن لعدم وجود «الواسطة». يوم نشر الرسالة وصلتنا عدة مكالمات من مواطنين يرغبون في مساعدة الأسرة المنكوبة: صاحب كراج في سلماباد، وصاحب دكان، ومواطن ومؤسسة تموين كبرى وهكذا، وكلهم يتحدثون بخجل وكأني بأعينهم تفيض من الدمع. آخر المتصلين في نهاية الدوام هي وزارة التربية المعنية الأولى بالموضوع. وللأسف لم تحل الوزارة قضيتهم حتى كتابة هذا المقال (أي بعد مرور أكثر من أسبوعين). هل بات بعض أصحاب المناصب لا يشعرون بينما يحن قلب الفقير على الفقير؟ صاحب الكراج الطيب ليس باستطاعته توظيف الأب ولا ابنتيه بطبيعة الحال، والأسرة لا تبحث عن مساعدة مادية بقدر ما تبحث عن عمل يقيها ذل السؤال.
ديوان المظالم
نجد أنفسنا في وسط المعمعة حين يكون من أبرز أدوار الصحافة في بلادنا الدفاع عن الناس ومصالحهم، ونقل شكاواهم كما ينقل البريد الرسائل لأصحابها. وهو دور نعتز بالقيام به ولكن نتمنى أن لانتحول إلى ديوان مظالم. والأحرى بالوزارات والمؤسسات الحكومية القيام بدورها والاضطلاع بمسئولياتها الوطنية، فما أنشئت للإثراء على حساب المواطن وإنما لصالحه ولتيسير حياته والقيام بمصالحه. ولكن إذا انسدت السبل في وجهه لجأ إلى الصحافة لعله يوصل صوته وينال حقه بعد طول مماطلة وعناء. أحدهم كتب يقول: «أرجو مساعدتي في نشر رسالتي لديكم حيث ضاقت بي السبل ولم أجد طريقا أصل به إلى حل لمعضلتي، فكل أبواب المسئولين مغلقة ويستحيل الوصول إليها، والأمل الأخير طرق بابكم للوصول إلى المسئولين»... ثم يسرد تفاصيل معضلته، وهذه النبرة تتكرر كثيرا في رسائل القراء الذين ليس لهم أب ولا أم.
لو سهل أمر الوصول لما امتلأت صفحة البريد بالشكاوى والآهات، واعلموا ان «الوسط» ليست من غواة الإثارة والمشاغبة، فقط أعطوا الناس حقوقهم وانجزوا معاملاتهم في يسر، وسوف ترون صفحة «بريد» تمتليء بالأشعار الحرة والخواطر الجميلة والتعشق بالطبيعة والجمال. ولكن مادامت المظالم باقية، والمشكلات معلقة على أبواب وزارات الدولة من تربية وإسكان وعمل وصحة...، فلا تنتظروا من الصحيفة أن تتحالف مع «تقصيرالوزارات» و«ضيق المعيشة» و«صعوبة الزمان» ضد المواطنين.
الصناديق الخيرية تحت الهجوم
وصلتنا رسالتان يشكو أصحابها من تعاطي الصناديق الخيرية مع حالاتهم، ويلقون اللوم عليها في عدم مساعدتهم. ولأننا نعلم ما تعانيه الصناديق الخيرية من عدم تعاون بعض الناس، وما يعانيه العمل التطوعي من انحسار وابتعاد فئة الشباب عن هذا المجال الحيوي، فإننا نتحفظ في نشر هذه الرسائل، داعين الجمهور إلى تفهم الوضع الحرج الذي تمر به هذه الصناديق، ومحاولة دعمها وتثبيتها خدمة للمجتمع، خصوصا وانها من أهم دعائم المجتمع المدني، والذي ينعكس أداؤه سلبا أو إيجابا على مئات الأسر المحتاجة في كل مدينة أو قرية في هذه البلاد الطيبة. وإذا كان لي من نصيحة أسوقها لجميع أبناء المجتمع فهي: تمسكوا بهذه المؤسسات الخيرية التي تساعدكم وقت الضيق ولا تفرطوا فيها. إنها صندوق التقاعد للفقراء والمحتاجين الذين ليس لهم صوت ولا تسمع لهم أنة في الزحام، ولا يسألون الناس إلحافا. وما أكثرهم.
رسالة من الشبح
من أغرب الرسائل التي وصلتنا في هذه الفترة رسالة قرأتها فارتجف قلبي، بسبب ما كتبه صاحبها: «حيث إنني أعلم بعضا من علم المنايا والبلايا، وهذا باقٍ من العلوم الإلهية، ولا أحد يستطيع الوصول إليه إلا بالتقوى». وكتب عن القضية الفلسطينية ، وأراد ان نوقّع مقاله باسم «الشبح» وذلك «لأسباب أمنية من الدول المعادية للإسلام والمسلمين» كما قال!
أما علم المنايا والبلايا فذلك ما اختص به الله أولياءه الصالحين، أما من ادّعى ذلك فأنا شخصيا أتحفظ في الأخذ بقوله، ربما لطبيعتي التي تميل إلى الشك والتحفظ على ما أسمع. ويذكرني ذلك بما قاله الإمام الشافعي، حينما سئل (رحمه الله) عمن ادعى رؤية الجن، قال: «نحن لا نقبل شهادته».
رسالة ضد المرأة!
استلمت رسالة من أحد القراء شممت منها رائحة أبي العلاء المعري، أو عباس محمود العقاد أو من سار على نهجهما. اعتذرت لصاحبها عن نشرها بقولي مداعبا: «... أنت تقول عن المرأة أنها ظالمة بينما الجمعيات النسائية تقول انها مظلومة، ولابد أن نحوّل القضية إلى القضاء ليحكم فيها بقوله الفصل. فمن الصعب عليّ نشر هذه الرسالة لئلا تثور عليّ الزوابع؟!.. فأجابني:
«كنت مناصرا قويا للمرأة في البداية، ولكن بناء على ما رأيته وخبرته منها - وعمري الآن 47 عاما - وقد نضجت تجاربي وأصبحت أقدر على التمييز والحكم، فأنا اليوم خصم قوي للمرأة. التحول في موقفي تم ببطء شديد، ولكن لا يلدغ العاقل من نفس الجحر مرتين!!»
ساعد الله قلبك إذن يا«عيسى»...! الرسالة طويلة ولذيذة لولا ما فيها من نبرة متحاملة، إن لم أقل معادية للمرأة. وهي من حيث المضمون قد تكون محل «شبه إجماع» من قبل الرجال، خصوصا بعد أن تصيبهم لدغات الأنثى، ويعانون من قربها الأهوال! وهناك تعبير أدبي يصف المرأة بأنها «شر كلها، وشر مافيها أنه لابد منها». وفي وصف أكثر حداثة مستوحى من عصر الصناعة انها كالسيارة لابد منها، ولكن الويل للفقير عندما «يبتلش» بسيارة قديمة الطراز...!!
المؤامرة على قرية!
ومن بين الرسائل العجيبة ما جاءنا بشأن تحقيق نشرناه حول السوق الشعبي بجدحفص وكانت صاحبة التحقيق تتحدث عن معاناة الناس ومشكلاتهم أملا في التفكير في حل، ولم تكن مدركة أن موضوعها سوف يثير أحد أبناء المدينة الذي تصور أن الموضوع يأتي في سياق «مؤامرة» ضد منطقته «الصامدة لتهميشها ونقل السوق منها، وهو أحد معالمها البارزة وأحد أسباب ازدهارها». إذن تبرز نظرية «المؤامرة» مرة أخرى! والآن ليس ضد العرب والمسلمين وإنما ضد «منطقة» ليس فيها ما يجذب أبناء القرى المجاورة إليها غير سوق فواكهها وخضرواتها!
عندما قرأت رسالته الألكترونية على الزميلة صاحبة التحقيق قالت بعفوية وعلى وجهها علامات الابتسام والدهشة: «حرام عليك والنبي ياشيخ...»! وهكذا يذهب سوء الظن بصاحبه أحيانا. وصاحبنا تساءل: «هل فكرت الوسط أن تناقش كبار رجالات القرية، بدلا عن بقية المواطنين؟» وليته سأل نفسه: وأين «كبار» الرجالات عن السوق وأهلها الذين أفنوا أعمارهم بين البعوض والذباب؟
رسالة احتجاج من كرزكان!
وصلتنا رسالة تحمل عنوان «عدد كبير من الأهالي يستنكرون عنوان ما نشرته الوسط» عن الكتابة على الجدران، معتبرين ذكر اسم المغني«بوب» في العنوان اساءة للقرية وأهاليها... والمحرر لم يقصد الإساءة للأحباء في هذه القرية ولا إلى غيرها، فالظاهرة عامة لكل القرى والمدن ولم تقتصرعلى قرية معينة، كيف وأهل القرى هم نور العين، ويكفي ان لدينا من الزملاء هم من أبناء هذه القرية الكريمة
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 44 - السبت 19 أكتوبر 2002م الموافق 12 شعبان 1423هـ