بعد إشهار النقابات العمالية في البحرين بدأ يتحقق الحلم الذي ناضلت من أجله الحركات الوطنية في 1938 و1954 - 1956 و1965 و1972. والعمل النقابي متعدد الوجوه، والنقابات العمالية واحدة منه.
إذ ان هناك النقابات المهنية والاتحادات النسائية والطلابية، وجميعها تشكل منظومة متكاملة للعمل النقابي والاتحادي.
وهناك حاليا مسودة لقانون يخص النقابات المهنية، وتجرى بين جمعيات المهندسين والمحامين والأطباء حوارات عن هذا القانون. وهناك ملاحظات أساسية طرحتها الجمعيات فيما يتعلق بصلاحيات النقابة المهنية.
فلكي تصبح النقابة نقابة فإنه يجب ان تحصل على صلاحية تنظيم مزاولة المهنة وقدرة النقابة على محاسبة أعضائها وضرورة إعطائها الصلاحيات للتفاوض باسم منتسبي المهنة.
وما دون تلك الصلاحيات فإن النقابة المهنية تكون اسما على غير مسمى. والقطاعات الثلاثة الكبرى (المحامون والمهندسون والأطباء) يمثلون الشرائح المؤثرة حاليا، ولكن هناك قطاع مهم اختفى من الحوارات، وهو قطاع الصحافيين.
فنقابة الصحافيين لا تقل أهمية، بل ربما هي أشد أهمية في وضعنا الحالي، من النقابات الأخرى. ولكي تستطيع مهنة الصحافة أداء دورها على أتم الوجوه فإنها بحاجة إلى حماية نقابية ضد تجاوزات مالكي الصحف أو المسئولين في الوزارات أو أية جهة تحاول إهانة مهنة الصحافة. وهناك الآن صحافيون لا يحترمون مهنتهم، إذ انهم يشهرون ببعضهم البعض، بينما يتطوع آخرون لنشر كتابات مخالفة لأخلاقية المهنة. وبعض تلك الكتابات ليست خارج المهنة فقط، وإنما خارج الذوق الإنساني أيضا.
ولانعدام وجود نقابة فإن الصحافة في خطر دائم من كل هذه الضغوط والأمراض.
وحاليا تتعرض صحيفة «الوسط» لضغوط من إحدى الوزارات سعيا لثنيها عن تغطية حوادث تهم المواطنين، ولانعدام وجود نقابة تنظم العلاقات وتدافع عن الصحافيين، فإن الأكثرية الساحقة من الصحافيين الذين يمارسون مهنتهم بشرف وأمانة يشعرون بأن المشروع الإصلاحي لم يصل إلى مهنتهم بعد.
ولو كانت هناك نقابة صحافية فإنه بالامكان تكوين لجنة شكاوى تقدم إليها الشكاوى من المواطنين ومن المسئولين ومن الصحافيين أنفسهم ويتم النظر في تلك الشكاوى ومن ثم اتخاذ قرارات نقابية مناسبة.
ويبدو ان العمال متقدمون على المهنيين في العمل النقابي، إذ توجد لدى الاتحاد العام لعمال البحرين (الذي من المفترض ان يتحول لاحقا إلى الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين) وسائل وهيئات متخصصة تستطيع القيام بما يعجز عنه حاليا المهنيون. أما الحال مع الاتحاد النسائي فهو أسوأ من النقابات المهنية، والاتحاد الطلابي مازال يخاف من ذكر اسم «اتحاد» لأن بعض الجهات تحاول فرض الأطر التي تكونت أيام قانون أمن الدولة على القطاع الطلابي.
ولعلنا في البحرين أقل قوة من شعوب أخرى في عالمنا العربي والإسلامي. ففي باكستان مثلا، وفي مطلع الثمانينات، وبعد انقلاب ضياء الحق، حاولت السلطات الباكستانية تجميد الاتحاد الطلابي في إحدى الجامعات. فما كان من الطلاب والهيئة التدريسية وحتى العاملين العاديين إلا الاضراب الجماعي حتى يسمح بعودة الاتحاد. ويمكن ملاحظة الوعي المتفوق للهيئة التدريسية التي تضامنت مع الطلاب، وليس ضدهم. هذا في باكستان قبل عشرين سنة. أما نحن فمازال كثير من الذين يسعون إلى عمل نقابي وعمل اتحادي يراوحون في المربع الأول ومازال هناك من المسئولين من يتصرف مع المواطنين بعقلية قانون أمن الدولة. والأغرب من ذلك انه مازال هناك من الطرف المعني بالنقابة والاتحاد (مهنيون، طلاب، الخ) من يتباطأ في دعم قيام النقابات والاتحادات بحسب المواصفات الدولية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 37 - السبت 12 أكتوبر 2002م الموافق 05 شعبان 1423هـ