أحيت معظم الصحف الاسرائيلية، الذكرى الأولى لأحداث 11 سبتمبر/ ايلول، باعتبار انها «شريك» الولايات المتحدة والعالم الحر في «الحرب على الارهاب» وحرضت أيضا من خلال التأكيد على وجود أدلة تؤكد امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. وفي مقالات للصحف الإسرائيلية لن تجد يمينا أو يسارا في موضوع الحرب على العراق فالكل مؤيد «لاحتلال» أميركا للعراق، باعتبار ان ذلك يضعف كلا من إيران وسورية والانتفاضة الفلسطينية ويرتب «هزيمة عربية شاملة» تمكن من حل مفروض على الجميع.
حتى ان صحيفة «جيروزالم بوست» انتقدت قبل يومين من الحدث «نيويورك تايمز» الأميركية لأنها تبنت وجهة النظر الأميركية المعارضة للحملة على العراق، واعتبرت «جيروزالم بوست»، «ان استقرار الشرق الاوسط والسلام العالمي معرضان للكثير من الاخطار إذا احجمت واشنطن عن ضرب العراق»؟ وحرصت «هآرتس»، الولايات المتحدة، للإسراع في شن الحرب على العراق، من غير الاهتمام بوجود أدلة مادية واضحة في العلاقة بين زعيم القاعدة وصدام حسين. وأوردت بعض الصحف العبرية معلومات تشمل مختلف الدول العربية، على أنها شريكة في «الارهاب» وتحدثت عن تعاون عربي تتزعمه ليبيا للحصول على أسلحة نووية، وتشارك فيه مصر وتموله المملكة العربية السعودية.
ولم يكن غريبا ما أوردته الصحافة العبرية، ففي ذكرى 11 سبتمبر، تناوبت الطبقة السياسية في الدولة العبرية، على إثبات شراكتها مع الولايات المتحدة وقال شارون ان «الاحداث هي بمثابة إنذار لكل الديمقراطية التي تحتاج إلى حماية نفسها من جميع أولئك الذين يريدون تدميرها». وأضاف ان «أي ضعف قد يؤدي إلى دفع ثمن غال جدا، مؤكدا ان اسرائيل «ملتزمة مكافحة الارهاب منذ إنشائها» العام 1948 ورأى ان الحرب التي شنت على «المنظمات الارهابية» ستنتهي بـ «انتصار قوى النور على قوى الظلام». كما نزعت الدولة العبرية كعادتها نحو التهديد، فقد حذر الرئيس الإسرائيلي موشيه كتساف من ان تل ابيب سترد «على وجه اليقين» على أي هجوم عراقي بالصواريخ يستهدفها في حال توجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية إلى العراق، فيما اعتبر رئيس الاستخبارات العسكرية اهارون زئيفي ان الضربة العسكرية الاميركية «أمر محتوم» متوقعا حصولها قريبا.
وغمزت «جيروزالم بوست»، من قناة ما أشيع العام الفائت عن احتفالات أقامها الفلسطينيون بمناسبة سقوط البرجين، فأشارت إلى ان السلطة الفلسطينية استنفرت قواها الامنية لمنع تكرار احتفالات زعمت أن الفلسطينيين سيقيمونها ابتهاجا بذكرى 11 سبتمبر في قطاع غزة والضفة الغربية. وأضافت ان السلطة الفلسطينية تخشى من أن تؤثر مثل هذه الاحتفالات سلبا على صورتها، وأن تظهر الشعب الفلسطيني كمؤيد للإرهاب، ولزعيم القاعدة أسامة بن لادن، وفي مقال افتتاحي للصحيفة الإسرائيلية رأت «جيروزاليم بوست»، أن إزاحة صدام يجب أن تكون البداية وليست النهاية في حرب الولايات المتحدة ضد الارهاب كما انه يجب ان تشن هذه الحرب باسم الديمقراطية، معتبرة ان الامثولة التي تعلمها الاميركيين من 11 سبتمبر هي ان الديمقراطية هي الضمانة الوحيدة للاستقرار العالمي والسلام في منطقة الشرق الاوسط.
وحبك موقع «دبكا نت ويكلي»، على الإنترنت، رواية عن تعاون عربي تتزعمه ليبيا للحصول على أسلحة نووية، لافتا إلى ان اجهزة الامن الاسرائيلية، استطاعت الحصول على معلومات في يونيو/ حزيران الماضي عن جهود مشتركة ليبية مصرية، للحصول على السلاح النووي، بمساعدة كوريا الشمالية، وبتمويل من السعودية! ونقل الموقع الاسرائيلي ، عن مصادر عسكرية واستخباراتية لم يحدد هويتها، ان اجهزة الامن الاسرائيلية، استطاعت الحصول على معلومات في يونيو الماضي، عن تلك الجهود.
وأوضحت المصادر، ان الرئيس المصري حسني مبارك، الذي يعتبر فوق الشبهات، بسبب موقعه كساع للسلام في الشرق الاوسط، وكحليف للولايات المتحدة، استغل موقعه هذا للعمل بشكل سري مع الرئيس الليبي معمر القذافي، لبناء مفاعل نووي في الكفرة، جنوب الصحراء الليبية، وآخر في الاسكندرية.
وتصدرت افتتاحية للصحيفة الاسرائيلية «هآرتس»، تحت عنوان «في مواجهة محور الشر» لتقول، انه في 11 سبتمبر الماضي، أدرك الكثير من الناس أن العالم تغير، فانعكاسات الصدمة الأولى لفداحة الكارثة أدت إلى الكلام عن حرب شاملة ضد الإرهاب العالمي.
واحتاجت البلدان، وكذلك الناس إلى وقت كي يستوعبوا أن مصطلح «الحرب ضد الإرهاب» ضيق جدا ليشمل التحدي كاملا الذي يواجهه العالم المتطور. ومن هنا حرضت الصحيفة الاسرائيلية، الولايات المتحدة، على الإسراع في شن الحرب على العراق، من غير الاهتمام بوجود أدلة مادية واضحة في العلاقة بين زعيم «القاعدة» وصدام حسين، ورأت ان الطائرات التي تم اختطافها وتحويلها إلى صواريخ موجهة هي من ضمن هذه الاسلحة، كذلك الفيروسات المطورة في المختبرات العراقية. وهذا هو تحديدا وجه الشبه بين العراق وتنظيم «القاعدة» وبلدان أخرى مصنفة ضمن «محور الشر» في العالم. وهذه هي الرابطة الاساسية المروعة بين اسامة بن لادن والعراق وبلدان اخرى موجودة على لائحة بوش لمحور الشر. وليس السؤال الحاسم هنا، أي ارهابي تحديدا التقى بأي مسئول عراقي؟
وكتب ران إيدليست في «يديعوت أحرونوت»، ان الامل الاخير لشارون من اجل استقرار حكومته وتأجيل الحسم في موضوع إخلاء المستوطنات يكمن في نشوب حرب الآن، فالحرب ضد السلطة الفلسطينية هي الآن في مرحلة الاحتضار وهي تأجلت بحسب الكاتب الاسرائيلي ضد العراق، فماذا يبقى؟ بقيت سورية، ومن هنا شارون يعد للضربة السورية، والشرط الاول هو حشد وتجنيد البيت الابيض. ففي اعقاب 11 سبتمبر دخلت الولايات المتحدة في دوامة مناهضة للارهاب وكلمة السر هي «القاعدة» فإذا نجح شارون في أن يسوق لدى الاسرائيليين وخصوصا لدى الاميركيين أن سورية تدعم «القاعدة» عندها سيحظى برخصة للحرب، أو على الاقل لمبرر فيما بعد.
وربما يكون يوئيل ماركوس في «هآرتس»، اكثر من لخص الحالة الاسرائيلية ما بعد سبتمبر، فقد رأى ان رئيس حكومة اسرائيل آرييل شارون، كان من أبرز المستفيدين من حوادث سبتمبر. فلقد جنب هذا التاريخ شارون، اتخاذ قرارات «مؤلمة» أو طرح أي نوع من مبادرات السلام مع الفلسطينيين. وأضاف ماركوس، ان شارون اليوم، ينتظر من الولايات المتحدة ان تفرض نظاما جديدا في منطقة الشرق الاوسط، فرئيس الحكومة الاسرائيلية، يراهن، على أن تقوم الولايات المتحدة بتخليصه من كل اعدائه، فبعد العراق، قد تأتي سورية وإيران، وحزب الله، وحركة حماس، وربما ليبيا أيضا، من يدري؟ وتابع قائلا: باختصار سيقوم الرئيس الاميركي جورج بوش، بانجاز كل شيء لشارون، وما على الاخير إلا أن يقطف الثمار. لكن ماركوس، تساءل بخبث الساخر، ماذا لو خابت توقعات شارون؟ وماذا لو فشل الأميركيون في استبدال نظام شرير في العراق بنظام أفضل؟ وماذا لو احتل نظام شيعي مكان صدام؟ وأضاف متوجها إلى شارون، إذا كنت تمتطي ظهر النمر، فلن يضرك أن تفكر بما قد يحصل في الغد
العدد 11 - الإثنين 16 سبتمبر 2002م الموافق 09 رجب 1423هـ