على رغم كل ما قد يقال عن ايجابيات وسلبيات مرحلتنا السياسية الحالية، فإن الأمر الذي نفخر به جميعا هو أننا استطعنا أن نعبر عن آرائنا جميعا من دون اللجوء إلى أساليب القهر أو العنف أو التشهير. فالقوى السياسية عبرت عن آرائها المؤيدة والمعارضة من دون حرج، كما أن اجهزة الدولة لم تنتقم من اي طرف معارض.
الاتجاهات السياسية ايضا تمر بتجربة صحية، اذ تتلمس طريقها وهي تحاول تحديد موقفها من القضايا الحرجة امامها. وأي منصف داخل أو خارج البحرين لابد وأن يقدر هذه الروحية العالية في التعامل.
فعلى رغم شدة الحوارات وعلانيتها لم تحدث قلاقل في البلاد، وعاد كل مواطن بعد التعبير عن رأيه إلى منزله آمنا. ربما هذا هو الانجاز الاهم في العهد الاصلاحي الحالي، وهو ما نأمل ان نؤكد عليه جميعا.
فلو أننا جميعا حافظنا على حرية التعبير وحرية التجمع المصحوبين بالسلم الاهلي، نكون بذلك أسسنا ديمقراطية حقيقية، بعض النظر عن رأينا في المشاركة أو المقاطعة في الانتخابات.
وعلى هذا الاساس فإن حرية التعبير تتطلب السماح لمختلف الآراء بالتنيفس من دون الحاجة للكتابة على الجدران. فالكتابة على الجدران تكون مطلوبة فيما لو منع المواطن من التعبير عن رأيه في ندوة جماهيرية أو في وسائل الاعلام.
اننا نعيش ديمقراطية حتى ولو لم تكتمل مؤسساتنا وحتى لو لم تكن صلاحيات تلك المؤسسات بحسب الضوابط الدولية للديمقراطية.
فأهم شيء هو أن يشعر المواطن بأنه كريم وحر في وطنه، ودليل حريته هو أن يستطيع التقاء من يحب وان ينتمي للجماعة التي يؤيدها وأن يعبر عن رأيه المعارض أو المؤيد من دون خوف من سلطات أمنية أو من تخوين من قبل أطراف في المجتمع.
ومع الاستمرار في المحافظة على هذه الانجازات المهمة فإننا بلا شك سنعزز تجربتنا وممارستنا لحياة اكثر انسانية.
والبحرين لها الحق ان تفتخر امام العالم بأنها كمجتمع صغير استطاع ان يختلف ديمقراطيا ويستطيع أيضا تطوير تجربته مع الأيام. هذا ما يستشفه المرء وهو يتحاور مع مختلف الآراء والاتجاهات... هذه الاتجاهات التي يقودها أناس عصرتهم الحياة وناضلوا وضحّوا كثيرا في السجون والمنافي و قاسوا الحرمان من العمل والحياة الاعتيادية.
أمامنا الكثير من الصعاب، ولكنا نمتلك العزيمة والاصرار على المحافظة على اهم الانجازات: حرية التجمع وحرية التعبير والسلم الاهلي
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 11 - الإثنين 16 سبتمبر 2002م الموافق 09 رجب 1423هـ