على رغم وجود اتفاق عام على أن توزيع الدوائر الانتخابية النيابية أفضل مما كان عليه في الانتخابات البلدية؛ فإنه أثار جدلا واسعا في الساحة البحرينية. إذ ركز المعترضون على «إعطاء المحافظة الجنوبية ستة مقاعد على رغم أنها ذات كثافة سكانية منخفضة وأنه يجب تخفيض العدد» وأن التوزيع لا يعتبر عادلا إلا بحصول كل مواطن على حق مساو في التصويت.
في حين أكد الطرف الثاني - وهم الموافقون - على أن التوزيع عادل، وقد وضع في الاعتبار المساحة الجغرافية والموارد المالية والأهمية السياسية، وأنه راعى التركيبة السكانية للمنطقة.
في وسط هذا الجدل، وبغياب الأرقام الواضحة للكثافات السكانية لمحافظات مملكة البحرين، وعدم طرح المعايير التي تم هذا التوزيع بناء عليها، وعدم وجود من يجيب عن التساؤلات الصحافية من قبل الجهات الرسمية، بل ورفض مشاركة حتى الجهة الإعلامية الرسمية للدولة - التي تبنت أخيرا تأييد توزيع الدوائر الانتخابية وتفسيرها والدفاع عنها في موضوع تم بثه من خلال وكالة أنباء البحرين (بنا) - أي تجاوب معنا، فقد ارتأينا أن نستضيف شخصيتين وطنيتين، إحداهما تتحفظ على التوزيع، متمثلة في عبدالعزيز أبل، وهو ناشط في القضايا الوطنية، والشخصية الثانية هي عبدالله يوسف مطر، وهو الأمين المالي لجمعية «المنبر الوطني الإسلامي» الذي يطرح رأي جمعيته في هذا الموضوع.
الوسط: ما هي رؤاكم لتوزيع الدوائر الانتخابية النيابية؟
أبل: إن أول مأخذ على توزيع الدوائر الانتخابية النيابية أنه أتى في صورة أرقام المجمعات وأرقام الدوائر الانتخابية تحت ظل عدم وجود شفافية كافية، فهي لا تعطي دلائل علمية واضحة للمراقب، ولم يتم التعرف على معايير توزيع الدوائر الانتخابية، ولم يتم نشر المعلومات الخاصة بأعداد سكان كل محافظة ولا كل دائرة انتخابية، على رغم أن الحكومة قامت لتوها بتعداد جديد للسكان.
ومعروف أن هناك مبادئ أساسية تقوم عليها عملية توزيع الدوائر الانتخابية وهي «التحصيص» أي توزيع الحصص، فكل مقعد نيابي لابد وأن تمثله كتلة سكانية مساوية لكل المقاعد الأخرى، فهذا ليس اختراعا جديدا، وإنما ينسب هذا المبدأ إلى جاك روسو، الخبير الدستوري الذي يعتمد على أساس أن يتم التوزيع بناء على مبدأ السيادة.
فدستورا 1973 و2002 ينصان على أن السيادة للشعب مصدر السلطات جميعا، ومعناه أن توزع السيادة على كل المواطنين ممن يحق لهم الانتخاب بالتساوي بغض النظر عن أي معايير أخرى، كأن يكون ساكنو هذه المنطقة من وزن سياسي أكبر أو ذوا وجاهة... هذه هي خبرة الدول العريقة في الديمقراطية وهي موثقة في الفقه الدستوري، فلماذا لا نأخذ منها تجاربها بدلا من اختراع كل شيء لوحدنا... فنحن لسنا بمنأى عن الكويت والأردن والمغرب وغيرها من الدول العربية.
مطر: إنني أرى أنه قد روعي في توزيع الدوائر الانتخابية النيابية كثير من المعايير التي تتناسب مع خصوصية البحرين. ولا شك في أنه عندما نتحدث عن دول كبرى كالولايات المتحدة الأميركية أو بريطانيا، فإننا نشير إلى الأنظمة التي تناسبها وتناسب خصوصيتها، وفضلا على ذلك فإننا لا نرى وجودا لأي نظام دولي ملزم في هذا الشأن على رغم إقرارنا بوجود الخطوط العريضة لذلك والتي من الممكن أن نستفيد منها ونحن لا نستطيع تغليبها. فالظروف الداخلية لكل دولة وخصوصيتها ستنعكس بلا شك على سير هذه العملية الديمقراطية... إذن فتوزيع المقاعد البرلمانية على المناطق يعتبر توزيعا عادلا ويفي بمتطلبات المواطنين وخصوصا أننا قد نظرنا إلى بعض السلبيات في الانتخابات البلدية والتي تم تلافيها من قبل المشرع الآن لخلق نوع من التوازن.
وقد وجدنا أن لكل من المحافظة الشمالية والمحافظة الوسطى تسعة مقاعد، ولكل من العاصمة والمحرق ثمانية مقاعد. أما المحافظة الجنوبية فقد كانت حصتها في الانتخابات البلدية عشرة مقاعد والآن ستة مقاعد فقط وهذا عدل.
* الوسط: بالنسبة إلى المحافظة الجنوبية نقول إنه قد تم تقليل العدد من ثمانية مقاعد إلى ستة!
عبدالله مطر: هذه وجهة نظر، ولكن من وجهة النظر الأخرى نقول إنه كانت هناك 10 مناطق في البلدية مقابل ست مناطق في النيابية، ولنأخذ صحراء سيناء مثلا على ذلك فهي لا تحتوي على كثافة سكانية كبيرة، فسكانها قلة من البدو المتنقلين، ولكنها (صحراء سيناء) لم يتم تجاهلها، وقد تم انتخاب مرشحين عنها في المجلس التشريعي المصري.
وأرى من خلال بعض القراءات والاطلاعات أن الكثافة السكانية لا تعتبر المعيار الوحيد لتوزيع الدوائر الانتخابية، فهناك معايير أخرى مثل الموارد المالية والتركيبة السكانية. وأعني بذلك تباين المجموعات السكانية في هذه المنطقة فقد يكون سكانها من القبائل أو ممن تختلف أصولهم وهم مواطنون ولهم الحق وعليهم الواجبات، وكذلك أن تعداد المواطنين ليس الفصل لأنهم لا يملكون جميعا حق التصويت، فمن يقل عمره عن 18 سنة لا يجوز له التصويت أو من هو محكوم في جناية وأنا أظن بأنه قد روعيت هذه المعايير، وكذلك النظرة المستقبلية إلى المنطقة، فنحن نقر بأن المحافظة الجنوبية لا تملك الكثافة السكانية نفسها الموجودة في المحافظات الأخرى ولكنه يتوقع لها أن تحتوي على مدن مستقبلية والتي ستكون ذات كثافة أكبر خصوصا إذا أنشئت فيها المدن الجديدة والتي سيفد عليها عدد كبير من المناطق الأخرى.
وأرى أن علينا أن نأخذ هذه التجربة ونحاول في المستقبل أن نطورها فـ «ما لا يؤخذ كله لا يترك جله».
المصادر الدستورية ترفض
خصوصية البحرين في توزيع الدوائر!
أبل: لا أتفق مع ما ذكره نظيري، واطلب منه الإشارة في حديثه إلى المصادر الدستورية مثلما أفعل، فإنني هنا أستند في هذا المجال إلى المصادر الدستورية، فمثلا كتاب «القانون الدستوري ونظرية الدولة» لمنذر الشاوي - وهو كاتب عراقي ولا علاقة له بالبحرين - يقول فيه إنه «لو تم تخصيص مقعد واحد - مثلا - لأربعين ألف نسمة، بينما تم تخصيص مقعد آخر لعشرين ألفا، فإننا نكون قد أحدثنا انتقاصا للمنطقة الأولى، فكل مواطن منها يملك نصف حق نظيره في المنطقة الثانية، وإن المواطن في المنطقة الثانية يملك صوتين... وهذا يؤدي إلى تشويه مبدأ المساواة».
* الوسط: ولكن نظيرك يقول إن هذه هي خطوط عريضة وليست قوانين ملزمة دوليا؟
أبل: ولكنني أستند إلى مصدر في الفقه الدستوري، فأين مصدر الطرف الثاني، دعونا نرجع إليه فربما أجد نفسي مخطئا! فالمبدأ الأساسي للديمقراطية يقول إن لكل شخص صوتا واحدا، وهنا أتساءل فيما يقوله نظيري عن خصوصية البحرين في هذا المبدأ العالمي للديمقراطية... فهل تعني هذه الخصوصية أن نعطي مواطنا بحرينيا في منطقة صوتا وآخر في منطقة ثانية صوتين؟! هل من حصل على الصوتين أفضل من غيره؟! وهل تميز الديمقراطية بين الناس؟!
وبالنسبة إلى معايير الثروة أو الموقع الجغرافي المهم في المناطق التي يجب أن تحصل على مقاعد أكثر - ويقصد بها نظيري المحافظة الجنوبية - فإنه لو كان الأمر صحيحا فإنه يجب أن نعطي العاصمة مقاعد أكثر، ولكن في كل العالم لا يتم إعطاء العواصم، ولا مناطق الثروة مقاعد أكثر من غيرها!! وبالتالي، فإنه ينبغي علينا أن نطرح ما يقبله المنطق والعقل!! كما لا علاقة لذلك بالتطور المستقبلي.
وأما مثال سيناء فأقول إن من يسكن صحراء سيناء ممثل فعلا في البرلمان ولكنه لم يعط مثل بقية مناطق مصر، بل بني التوزيع الانتخابي على عدد السكان.
وكتاب «الحكومة الديمقراطية أصولها ومناهجها» للكاتب فاضل صفر يتناول هذا الموضوع من أسس القيم الإسلامية، ويقول إن سيادة الشعب في الديمقراطية تتمثل في أن يكون لكل مواطن نصيب مساو للآخرين في التصويت... إذن فالمواطنون متساوون في السيادة، والناخب يعطي النائب تفويضا للتشريع نيابة عنه.
وأما ما طرحه نظيري عن دور عامل التركيبة السكانية في استحقاق مقاعد أكثر فأقول ان هذا لا يجوز، فالأقليات لابد وأن تمثل، وهذا لا يعني أن نضع هذا المبرر من أجل أن نمثل الشيعة والسنة بالعدد نفسه! فكلنا مواطنون سواء كنا شيعة أم سنة، وعربا أم عجما... فهذه هي المواطنة المتساوية. وأتساءل: لماذا لم يكن هناك لغط وجدل على توزيع الدوائر في برلمان العام 1973؟! السبب وراء ذلك هو أن التوزيع آنذاك كان عادلا ومبنيا على الكثافة السكانية... فقد كان للرفاع ممثلان اثنان، ولما يعرف بالمحافظة الجنوبية الآن ممثل واحد فقط، وكان للمحرق ممثلون بين الستة والسبعة، وللعاصمة ثمانية وتوزع البقية على المناطق الباقية من دون النظر إلى الطائفية أو السلطات والنفوذ.
شمولية النظرة والمصادر ليست منزلة والنائب لكل الشعب!
مطر: مازلت أرى أنه من دواعي العدالة أن ننظر إلى الموضوع بشمولية أكثر وليس من منظور الكثافة السكانية فقط، فالنائب في البرلمان سواء من المحافظة الشمالية أو المحرق أو من الجنوبية لا يمثل نفسه أو منطقته، وإنما يمثل الشعب بأسره بحسب الدستور... وهو ليس مثل النائب البلدي الذي يسعى لتطوير منطقته، فقضايا ومتعلقات البرلمان لابد وأن ينظر إليها النواب ككتلة واحدة، وليس بحسب المناطق السكانية وهذا ما يتطلب الخروج بالتشريعات المطورة، فكلهم تهمهم المصلحة الوطنية.
وبالتالي فأنا أؤكد أن التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية يعتبر توزيعا عادلا، وان المشرع البحريني حاول - قدر جهده - أن يخرج بالحل الذي يرضي أكبر قطاع من المواطنين «السواد الأعظم».
* الوسط: نظيرك يتحدث استنادا إلى مصادر دستورية فأين هي مصادرك التي تعزز وجهة نظرك؟
مطر: إن المصادر كثيرة في الإنترنت والكتب.. والكتب التي يطرحها نظيري إنما تمثل رأي أصحابها فقط... فهي ليست كتبا منزلة ولا قوانين ملزمة على جميع الدول... وليس شرطا أنه عندما نقرأ سطرين من كتاب فلان العلاني فإنه يعني ضرورة تطبيق هذين السطرين على واقع البحرين أو على مصر أو على غيرهما!! فيجب أن ننظر إلى كل بلد من خلال خصوصياته، وهذا لا يعني أن نغفل الدراسات والكتب، ولكن يجب في النهاية أن يكون القرار للمشرع في هذا البلد وليس للكتب، لأن هذا المشرع أدرى ببلده و«أهل مكة أدرى بشعابها»... ويجب علينا بوصفنا مواطنين أن نشارك ونسهم في تمرير هذه التجربة.
دراسة الإنترنت تثبت التوزيع؟!
وأقل من ستة مقاعد ظلم وإجحاف!!
* الوسط: من خلال المتابعة يتضح أن معظم الاعتراضات منصبة على نصيب المحافظة الجنوبية على أساس أن هذه المحافظة ينبغي أن تحصل على عدد من المقاعد البرلمانية أقل من الستة المخصصة لها وفقا للتوزيع الحالي، فما تعليق مطر؟
مطر: ما تقوله صحيح، فقد تركزت الانتقادات على المحافظة الجنوبية وكأن هذه المحافظة ليست جزءا من مملكة البحرين! وأعتقد بأن المشرع قد نظر إلى الانتقادات بالنسبة إلى التوزيع البلدي على أساس أنه لا توجد فيها كثافة سكانية، فقلل الدوائر الانتخابية من عشر دوائر إلى ست دوائر فقط كما ذكرت سابقا، وأرى أن المحافظة الجنوبية تستحق هذه الدوائر الست! ولو قل عدد الدوائر المخصصة لها لكان هذا إجحافا وظلما في حقها!
فالمحافظة الجنوبية تستحوذ على 70 في المئة من مساحة المملكة، كما أن لها طبيعة خاصة، ففيها الرفاعان اللذان يحتويان على تركيز سكاني، وكذلك تحتوي على مناطق فيها تركيز سكاني ولكنها متباعدة عن بعضها بعضا مثل عسكر وجو والزلاق... فضلا عن البعد السياسي للمنطقة، فليس ببعيد عن أسماعنا ما دار عن جزر حوار... إذن فالمشرّع لم يأخذ بالكثافة السكانية وحدها، وهذا يعزز رأيي في هذا الموضوع.
وفي دراسة بحثية علمية جديدة منشورة على الإنترنت نجد أن العاصمة تحظى بكثافة سكانية تتراوح بين 13 في المئة و16 في المئة، والمحرق تحظى بكثافة تتراوح بين 12 في المئة و16 في المئة، والمحافظة الوسطى بين 10 في المئة و12 في المئة، والمحافظة الشمالية بين 12 في المئة و16 في المئة. والمحافظة الجنوبية بين 6 في المئة و8 في المئة. إذن، إذا أخذنا بهذه النسب من الكثافة مع الوضع في الحسبان المعايير الأخرى التي ذكرتها، فإنه يحق للمحافظة الجنوبية أن تكون لها ستة مقاعد كما هو حاصل الآن.
ليس على رأس البحرينيين ريشة
ولا قانون دولي ملزم بالتوزيع
أبل: إذا أردنا لكل اللاعبين في البرلمان أن يمثلوا كل الشعب، فإنه ينبغي أن يكون التوزيع متساويا بين جميع مناطق البحرين، فإننا لا نجد غضاضة لو كان عدد الممثلين لهذه المحافظة كبيرا في البرلمان لو كانت الكثافة السكانية كلها متركزة فيها... كما أنني - ومن الجهة الأخرى - أتساءل: هل سيرضى أهل المحافظة الجنوبية بعد عشر سنوات إذا تضاعفت أعدادهم أو أنشئت فيها المدن بتمثيل ستة مقاعد فقط كما هي الحال الآن؟! إذن، رجعنا إلى مبدأ التوزيع النسبي نفسه الذي يتفق عليه كل العالم عدا البحرين في هذا التوزيع! وأنا لا أؤمن بخصوصية البحرين في هذا المجال فالبحرينيون ليست على رأسهم ريشة!!
مطر: ولكنني أصر على أنه لا يوجد قانون دولي ملزم في توزيع الدوائر!
أبل: نعم لا يوجد قانون ولكن توجد مبادئ ملزمة! وقد قال الميثاق: «وفقا للمعايير السائدة في الديمقراطيات العريقة» ونحن نعرف بأن الانتخابات في الغرب لا يشوبها التزوير وهذا عكس ما يحصل في بعض الدول العربية والنامية في العالم، التي لا تمت للديمقراطيات العريقة بصلة، ففي الديمقراطيات العريقة يتم تشكيل هيئة وطنية للإشراف على الانتخابات بينما لا توجد هذه الهيئة لدينا، وألا يكون للجهة المنظمة أي انحياز لأي طرف على حساب الطرف الآخر.
وعندما تزور منظمات دولية البلدان التي تشهد الانتخابات، فإن مراقبيها يبحثون قبل أي شيء عدالة توزيع الدوائر الانتخابية بناء على الكثافة السكانية، وربما ينظرون إلى دعاوى الطعن في دستورية التوزيع من هذا الباب، فيفترض أن يكون المواطنون سواسية، ولا أعتقد بأنهم سيقتنعون لو زاروا البحرين بأنه يحق للمحافظة الجنوبية أن تحصل على عدد أكبر من حصتها من المقاعد لأنها تحتوي على قبائل عربية! فهذا الإنسان يملك حق التصويت نفسه من دون تمييز، سواء كان عربيا أم أعجميا وطويلا كان أم قصيرا. كما أن المراقبين لا يضعون للمساحة الجغرافية أي اعتبار لأن المساحة لا تعطي التفويض للنائب وإنما الإنسان نفسه! كما أن النائب لا يقول إن الأرض أو الجبل فوضها للتشريع نيابة عنهم وإنما يقول فوضني المواطنون!
ومثال آخر هو لعبة كرة القدم التي يتساوى فيها جميع من يلعبها في العالم، فلا نجد ملعبا في البحرين بقياس معين وفي بريطانيا بقياس مختلف بدعوى خصوصية البحرين!! وبالتالي فإنه ينبغي أن نثبت قواعد اللعبة ومن ثم نلعب جميعا اللعبة الديمقراطية، فكلنا أبناء وطن واحد ويجب أن نحصل جميعا على الحق نفسه سواء كنا من المحافظة الشمالية أو المحافظة الجنوبية.
مصادر إضافية من الإنترنت
ومثال (ويلز) لا يستخدم الكثافة السكانية
* الوسط: ولكن مصادرك التي تذكرها تمثل وجهة نظر كتابها؟!
أبل: هذا بشكل عام صحيح، ولكنها مدعومة بمرجعيات عالمية معروفة، فالكاتب يرجع إلى كتاب «العقد الاجتماعي» للكاتب جاك روسو، وهو من الكتّاب المعروفين عالميا حيث يقول: «يراد بالمنطقة الانتخابية منطقة أو جزءا من إقليم الدولة التي تتطابق في كثير من الأحيان مع الوحدات الإدارية، وينتخب سكانها عددا من النواب يتناسب مع سكان هذه الأرضية».
ومن الإنترنت أيضا هذه الدراسة التي تقول إن عدد النواب لكل منطقة هو محصلة عدد السكان مضروب في الكثافة السكانية لها، وهذه الدراسة من الإنترنت كذلك ولكنها تتناول المبدأ نفسه وهو الكثافة السكانية!
مطر: أنا رأيي لم يتبدل... وأنا واثق تماما بما أقوله... كما أن نظيري مازال يعتبر الكثافة السكانية هي الأساس.
* الوسط: ولكن نظيرك يملك المصادر وهو يرجع إليها؟!
مطر: ولكن توجد مصادر أخرى تقول عكس ذلك! وهذه المصادر ما هي إلا اجتهادات وليست كتابا منزلا... ولا ينبغي أن نسلّم لأي معادلة يأتينا بها هذا أو ذاك ونطبقها من دون النظر إلى خصوصية البحرين... فتطبيق كل نظرية خارجية على أرضنا ربما لا يناسبنا، كما ينبغي لنا النظر إلى النظريات والرؤى المخالفة لذلك.
ففي بريطانيا نفسها - التي يتم الرجوع إليها كل حين- نرى أن (إنجلترا) فيها نائبا لكل خمسين ألف نسمة، بينما في ويلز النائب لسبعين ألفا إذ ليست الكثافة السكانية المعيار الوحيد في التوزيع.
وأما بالنسبة إلى الهيئات الوطنية للانتخابات فإنها موجودة في البلدان الديمقراطية العريقة، وهي لم تكن موجودة عندما بدأت الديمقراطية، ونحن في بداية تجربتنا الأولى ولا ينبغي علينا القفز.
أبل: فيما يتعلق ببريطانيا فالقاعدة نفسها بالنسبة إلى الكثافة السكانية مطبقة، وللعلم فإنه لكل من (انجلترا) و(ويلز) و(اسكوتلندا) يوجد مجلس وطني محلي وربما قصد نظيري ذلك، وهذا فضلا عن المجلس التشريعي لكل بريطانيا التي تطبق عليها المعادلة نفسها كما ذكرت، وإلا فلنرجع إلى المصدر ونحتكم إليه.
الغبن لمن... للجنوبية أم للشمالية؟
وهل يعتد بما ينشر في الصحف؟
* الوسط: يقول البعض من المعارضة إن مواطنا في المحافظة الشمالية أو الوسطى سيحس بالظلم حينما يرى أن عدد الدوائر المخصصة له ليست بمعايير التوزيع نفسها في المحافظة الجنوبية!
عبدالله مطر: أنا أرى النقيض من ذلك، فالمحافظة الشمالية لديها نصيب الأسد مثلما أشرت من قبل في الإحصائية! ولكن قل لي: ألا تعتقد بأن مواطنا في قرية (الزلاق) أو (جو) سيحس بالظلم حينما لا يجد من يمثله من قريته، من يعرفه ويحس بهمومه، بل يجد من يمثله من مناطق أخرى تم دمج قريته بها؟! في حين أن المواطن في المحافظة الشمالية لديه عدد من الممثلين القريبين منه... أقول ذلك على رغم احترامي لعدالة التقسيم الحالي للدوائر الانتخابية.
أبل: أما جوابي فإنني أرى فعلا أن هؤلاء سيحسون فعلا بالهضيمة والغبن، وربما أحسوا بأنهم مواطنون من درجة ثانية لأنهم لم يتمتعوا بالحقوق السياسية نفسها للمواطنين الآخرين في المحافظة الجنوبية!
مطر: ولكن من خلال متابعتي للصحف المحلية رأيت أن معظم من شملتهم المقابلات الصحافية وهم من عدة مذاهب وتوجهات سياسية في هذا الشأن أثنوا على التوزيع، ولم تشر إلى تبرم أو شكوى من ذلك إلا أقلية فقط، فالغالبية كانت راضية، وهذا دليل على وعي المواطنين وإحساسهم بالعمل كجسد واحد.
أبل: إذا كانت هذه المقابلات ضمن دراسة علمية مطبقة فيها المعايير العلمية بحيث تكون عينة عشوائية من دون انتقاء وبعدد كاف يمثل كل القطاعات فإنه يجدر بنا أن نطلع عليها وإلا فلا نستطيع أن نعطيها وزن الدراسة العلمية البحثية
العدد 11 - الإثنين 16 سبتمبر 2002م الموافق 09 رجب 1423هـ