ما بين دعوة زير الدفاع الايراني الادميرال علي شمخاني لإعداد المجتمع الايراني للمقاومة المدنية، والكلام الجديد والهادئ لوزير الخارجية كمال خرازي امام الجمعية العامة للامم المتحدة عن القضية الفلسطينية والتحول البارز في التعاطي معها وعن موضوع السلام في الشرق الاوسط. يبدو ان الموقف الايراني على اثر تطورات الازمة العراقية تتنازعه مخاوف متعددة اولها الخوف من استهداف اميركي لإيران بعد العراق، والثاني محاولة استيعاب موقف الاتحاد الاوروبي من الاعتراف بإسرائيل وما حمله من تهديد اميركي مبطن في هذا الاطار.
كلام خرازي في الامم المتحدة، حمل إشارات واضحة على تغيير في الموقف الايراني من القضية الفلسطينية وعملية السلام في الشرق الاوسط، حين أعاد الحديث عن الرؤية الإيرانية للحل والتي تتركز على عودة جميع اللاجئين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس واجراء الانتخابات الحرة، وفي الشطر الاخير تراجع واضح عن الانتخابات التي دعا إليها مرشد الثورة الايرانية منذ اكثر من عام والتي تقوم على اخراج جميع اليهود الذين اتوا الى فلسطين من غير سكانها الاصليين، ومن ثم اجراء انتخابات لتحديد نوع النظام ومن يحكم.
اضافة الى هذا، فإن خرازي قد اشار في خطابه الى عدم معارضة إيران لما قد يتوصل إليه الفلسطينيون من حل في الارض المحتلة، حتى ولو توصلوا الى اتفاق على اقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية ، طالما يرون في ذلك تحقيقا لمصلحتهم.
أما الادميرال علي شمخاني وزير الدفاع ، فقد دعا بوضوح الى استعادة تجربة المجتمع المدني في المقاومة اثناء الحرب العراقية الايرانية التي اثبتت فعاليتها، معتبرا ان الارداة الاجتماعية والإستفادة من طاقات المقاومة الشعبية هما الركنان الاساسيان في الاستراتيجية الدفاعية لإيران.
واعتبر شمخاني أن إيران تمر اليوم في أزمات متفاقمة وارتدادية، لذلك فإن استعادة تلك التجربة هي من ضروريات المرحلة.
واكد شمخاني ان المنطقة تمر في ظروف امنية معقدة ولا يمكن التنبؤ بتطوراتها، مضيفا أن ايران وبناء على الاسس العقائدية والمصالح الوطنية تعارض بشكل قاطع واحادي الجانب لاي عمل عسكري اميركي على العراق، مشيرا الى ان الهجوم على العراق سيترك اثارا كثيرة في المنطقة، اقلها المساهمة في ظهور بؤر أمنية في المجال الجيو - سياسي لمنطقة الخليج. وستأتي امريكا ببدعة سياسية غير متعارف عليها في القضاء على الانظمة السياسية التي لا تتفق معها. واكد شمخاني أن القوات المسلحة الايرانية على درجة عالية من التأهب حتى لا تفاجأ باي عمل، وان وزارة الدفاع على استعداد كامل وقد وضعت كل إمكاناتها من اجل تطوير الارضية اللازمة من اجل الدفاع السريع والاني والتعامل مع الضربة الاولى.
يذكر، ان كلام شمخاني جاء في حفل الاعلان عن انتاج وتصنيع اول طائرة نفاثة اطلق عليها اسم «انتغرال - شفق» في مصانع وزارة الدفاع الايرانية.
فهل يعتقد المسئولون الايرانيون بان الهجوم على العراق قد دخل مرحلة العد العكسي الفعلي، وان المواقف الصادرة عن مراكز القرار الايراني تعبر عن مخاوف جدية من ان تكون إيران هدفا اميركيا تاليا بعد العراق او بالتزامن معه
العدد 11 - الإثنين 16 سبتمبر 2002م الموافق 09 رجب 1423هـ