نفت المملكة العربية السعودية أمس أن تكون وافقت على توجيه ضربة أميركية إلى العراق، و أعلنت أنها تؤيد أي إجراء تقره الأمم المتحدة ضد العراق إلا أنها لا تؤيد هجوما أميركيا منفردا في تحول عن رفضها القاطع لأي عمل عسكري ضد بغداد.
وقال مسئول دبلوماسي سعودي رفيع من الرياض: إن «السعودية ترفض اي ضربة منفردة اذا لم يكن هناك غطاء دولي». في الوقت ذاته استأنفت الولايات المتحدة حشد التأييد لاستصدار قرار في الأمم المتحدة يطالب بنزع التسليح العراقي ويستحسن أن يتضمن تهديدا بعواقب وخيمة إذا لم يذعن العراق.
فيما أنكرت بغداد على الولايات المتحدة الحق في التحدث عن «احترامها لسلطة الأمم المتحدة»، وذلك في الوقت الذي تتوافد فيه شخصيات أجنبية على بغداد للمطالبة برفع الحظر عن العراق المهدد بهجوم أميركي.
وكان الرئيس العراقي صدام حسين قد ترأس أمس اجتماعا مشتركا للقيادة القُطرية العراقية لحزب البعث الحاكم ومجلس الوزراء حضره رئيس المجلس الوطني سعدون حمادي. وناقش الاجتماع بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية جانبا من القضايا السياسية الراهنة، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل. ويعتقد المراقبون أن الاجتماع خصص لبحث الموقف العراقي بشأن مسألة عودة المفتشين الدوليين من عدمها، وقد ربط المراقبون بين الاجتماع الذي ضم كل الهيئات القيادية العليا في العراق ودعوة وزراء خارجية الدول العربية العراق إلى قبول عودة المفتشين الدوليين التابعين للأمم المتحدة، أملا في تجنب ضربة أميركية، معتبرين أن انتهاء الأزمة الحالية يبدأ بعودة المفتشين كخطوة أولى. وكان نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي قد طارق عزيز أعرب أمس الأول عن استعداد بلاده القبول بأية مبادرة متوازنة وشرعية تحفظ للعراق كرامته وسيادته وتمنع عنه العدوان. وقال: «إن العراق بلد منفتح وقيادته قيادة منفتحة تجاه الخيارات التي توصل إلى حل».
من جانب آخر نفت السفارة المصرية في بغداد لـ «الوسط» أن تكون مصر من بين البلدان العربية التي ستتمركز فيها قوات أميركية استعدادا لتوجيه ضربة عسكرية إلى العراق. وقد أعلن النائب البرلماني الأميركي نيك رحال للصحافيين قبيل مغادرته بغداد في نهاية زيارة استمرت أربعة أيام أنه طلب أمس الأول من المجلس الوطني العراقي في بغداد الموافقة على عودة المفتشين الدوليين إلى العراق لنزع أسلحة الدمار الشامل.
وقال النائب الديمقراطي عن فرجينيا أمام المجلس: إن «إمكان تجنب الحرب وضمان السلام يكمن في السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالعودة إلى العراق»، ودعا الحكومة العراقية إلى الالتزام بكل قرارات الأمم المتحدة «من دون تأخير». وأوضح النائب في الكونغرس الأميركي أنه أكد للمجلس الوطني العراقي أن وفده لا يريد حربا جديدة في العراق، وقال إنه يشجع زملاءه في الكونغرس «على بدء حوار مع المجلس الوطني من أجل الخير لبلدينا في المستقبل».
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي دعا فيه المدير العام للوكالة الذرية في فيينا محمود البرادعي العراق إلى السماح للمفتشين عن الأسلحة بالعودة إلى البلاد بأسرع ما يمكن، مضيفا أن مصلحة العراق تتمثل في السماح للمفتشين بتنفيذ مهمة التحقق من موقف العراق بأنه لا يملك أسلحة للدمار الشامل.
وكان العراق قد ذكر في وقت سابق من أمس أن الوفد العراقي المشارك في اجتماعات مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية المنعقدة في فيينا قد فند الادعاءات الأميركية بشأن برنامج العراق النووي، مؤكدا أن هذه الادعاءات لا تستند إلى أبسط المفاهيم العلمية وتعبّر فقط عن الحقد السياسي المعادي للعراق، وهي تستهدف كذلك الوكالة الدولية من خلال التقليل والاستهانة بإنجازاتها. وطلب الوفد العراقي من المدير العام للوكالة تأكيد استنتاجاتها عن هذا الموضوع بأن العراق لا يرغب ولا ينوي بأي حال من الأحوال الدخول في نادي التسلح النووي.
يذكر أن الوفد العراقي للاجتماع المذكور قد أكد في كلمته أن تقرير مدير عام الوكالة المقدم في 31 يوليو/ تموز 2002 إلى المؤتمر يبين بوضوح تام أن صورة البرنامج النووي التي كونتها الوكالة أصبحت متكاملة، وأن الوكالة جاهزة للتحول إلى خطة الرقابة المستمرة.
إلى ذلك أكد السفير الأميركي لدى مصر ديفيد ولش أن بلاده لا تنوي «رسم خرائط جديدة» في منطقة الشرق الأوسط في حال حصول هجوم على العراق.
وتعرض ثلاثة برلمانيين فرنسيين قاموا بزيارة مفاجئة للعراق أمس لموجة انتقادات لاذعة فيما تنصلت حكومة باريس من الزيارة ووصفتها بأنها غير رسمية وتمت في غير أوانها. وأكد مكتب الرئيس الفرنسي جاك شيراك أن هذا هو الموقف الرسمي لفرنسا فيما تسعى باريس للاستعانة بثقلها الدبلوماسي سعيا لاتخاذ موقف محسوب بدقة تجاه العراق بدلا من الموقف الذي تتبناه الولايات المتحدة.
وفيما أدان كبير مفتشي اللجنة الخاصة المكلفة بنزع أسلحة الدمار الشامل العراقية السابق الأميركي سكوت ريتر «الضغط الهائل» الذي تمارسه الولايات المتحدة على المجتمع الدولي من أجل أن «يرضخ لمشيئتها» ويدعم «حربا أميركية» ضد العراق، قال: «علينا ألا نخدع أنفسنا. إنها حرب أميركية. ما يجري حاليا ليس مجهودا دوليا من أجل أخذ العراق في الحسبان، بل ضغط هائل تمارسه الولايات المتحدة على المجتمع الدولي من أجل أن يرضخ لمشيئتها، وليس لمشيئة الأمم المتحدة».
واعتبر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو أن عملا عسكريا ضد العراق لن يكون ضروريا إذا استجاب صدام حسين لقرارات الأمم المتحدة.
من جانبه اتهم الرئيس الإيراني السابق هاشمي رفسنجاني الولايات المتحدة أمس الاثنين بتبني سياسة توسعية ومحاولة الاستيلاء على مصادر الطاقة الحيوية في العراق.
ونقل التلفزيون الرسمي عن رفسنجاني قوله: «الولايات المتحدة تهدف إلى مهاجمة العراق ليس لإنقاذ الشعب بل للوصول إلى موارده وخصوصا الطاقة»
العدد 11 - الإثنين 16 سبتمبر 2002م الموافق 09 رجب 1423هـ