مع اقتراب المشهد الانتخابي لبرلمان 2010، ارتفعت الأصوات من قبل الجمعيات التي تشكل تحالف القوى المعارضة في البلاد بضرورة الدخول في المعترك البرلماني المقبل بقائمة وطنية موحدة، منعا لتكرار التقسيمة الطائفية للبرلمان الحالي حيث سادت معادلة (17/23)، وتوالت التصريحات المناشدة أحيانا والمحذرة في أحايين أخرى من مغبة دخول الوفاق منفردة في الانتخابات القادمة، واحتكار المقاعد الانتخابية المضمونة للمعارضة الوطنية، وعددها فيما يبدو 18 مقعدا إذا ما أدخلنا ضمنها الدائرة السابعة من العاصمة (الماحوز والسقية والعدلية والسلمانية) والتي يحوز نيابتها حاليا عزيز أبل.
السؤال المطروح: لماذا ترفض «الوفاق» الدخول بلائحة انتخابية موحدة مع جمعيات ذات تاريخ نضالي كـ «وعد» و«أمل»؟
الوفاقيون يعتقدون أنه لا داعي للتنازل عن المقاعد التي استطاعوا الوصول إليها، وأن الحديث عن القائمة الموحدة يبدأ بعد الانتخابات في حال استطاعت الجمعيات الحليفة لها الحصول على مقاعد برلمانية، لكن هذا التوجه يقابله من يرى فيه أنه لا يختلف كثيرا عن التوجه السلطوي الذي ساد طوال العقود الماضية منذ تعطيل الحياة البرلمانية إلى فترة الانفراج السياسي الحالية، حيث عملت الحكومة وهي التي كانت مهيمنة على السلطات الأخرى حينها بعقلية أنها تملك جميع أوراق اللعبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأنه لا داعي لإشراك الآخرين طواعية في إدارة البلاد وأن من يريد الدخول عليه أن يتحمل إصر وتبعات هذه الرغبة، كما لا يجوز القول إن عدم التحالف مع قوى المعارضة يأتي بسبب الانتقادات التي وجهها كل من شريف والمحفوظ للوفاق بسبب هذا الموضوع أو ذاك، لأن هذا الكلام كنا نسمعه طيلة سنوات «أمن الدولة» من قوى حكومية من أن من ينتقد فهو مقصي ومحروم... ولا ولاء له ولا ثقة.
يبدو أن الوفاق وهي القوة الوحيدة الممثلة في البرلمان من قوى المعارضة حسمت أمرها، وقررت أن تنفرد بمقاعد «المعارضة» وما رغبتها في الترشح في 20 دائرة انتخابية إلا مؤشر على أنها لا تريد أن تنسق مع الجمعيات الأخرى في أمر الانتخابات أو التنازل لإحداها بمقعدين أو ثلاثة، وهو أمر ينبغي مناقشته في حوار مغلق بين الجمعيات الوطنية وأخص منها (الوفاق ووعد وأمل)، وإذا ما كانت الوفاق ترى أن التجربة التي خاضتها مع النائب المستقل عزيز أبل لم تكن بمستوى طموحها، فلا أعتقد أن هذا الأمر ينطبق على أسماء أخرى عرفت بتاريخها النضالي المشرف كإبراهيم شريف ومنيرة فخرو أو الشيخ المحفوظ، أو غيرهم من الأسماء التي يمكن الركون إليها والثقة بها، لأنه إذا كانت الوفاق لا تثق بالجمعيات التي تتحالف معها، فلا داعي من أن تهجر التحالف الذي تقيمه مع هذه الجمعيات في قضايا مصيرية كالتجنيس والتمييز والتعديلات الدستورية، لأن الحديث بخطابين ولغتين إزاء طرف واحد هو أمر لا يمكن القبول به أو الحصول على تبرير مقنع له.
البعض في الوفاق يقول إنهم على استعداد للقبول بقائمة وطنية موحدة ولكن بعد الانتخابات، وهو كلام يحتاج إلى وقفة تأمل، فالمقاعد التي حصلت عليها الوفاق وفق التقسيمة المجحفة للدوائر الانتخابية هي أقصى قدر ممكن كانت المعارضة قادرة على تحصيله فيها، لذلك فنحن نسأل الوفاق هل تعتقدين أن كوادر المعارضة من الجمعيات الأخرى قادرة على اختراق دوائر الموالاة المغلقة؟
إذا كنتم تعتقدون ذلك فأنتم واهمون، وإذا كنتم تؤمنون بأن قوى المعارضة ممنوعة من اختراق تلك الدوائر فهل لكم أن تقولوا لنا من أين سيصل مرشح للمعارضة إذا لم تتنازلوا له عن هذا المقعد؟
ولنا أن نتساءل هنا إذا ما كانت الرغبة الوفاقية في احتكار المقاعد البرلمانية تنطلق من رؤية وطنية تؤمن بالشراكة مع القوى الأخرى، أم أنها تنظر إلى المقاعد النيابية من منطلق الغنائم أو هي - لا سمح الله - لا تثق بحلفائها.
شخصيا أعتقد أن الوفاق تستطيع أن تمثل المعارضة الوطنية تمثيلا لائقا وفق الصلاحيات والإمكانيات المتاحة، وهي من خلال تراكمات الخبرة التي اكتسبتها تستطيع أن تطور من الأداء في الداخل البرلماني، لكنني متأكد أيضا أن على الوفاق أن تفسح للآخرين الموثوقين اقتسام النضال البرلماني معها، ولها أن تأخذ عليهم ميثاق شرف يتم التوافق عليه، وخاصة بعد أن أثبتت التجربة أن أداء الوفاق البرلماني الناجح والمؤثر لم يكن مرتكزا إلا على عدد أقل من أصابع اليد من كتلتها النيابية العريضة.
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 2505 - الأربعاء 15 يوليو 2009م الموافق 22 رجب 1430هـ