العدد 2503 - الإثنين 13 يوليو 2009م الموافق 20 رجب 1430هـ

إصلاح العلاقة الأميركية السورية المحطمة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

مثلها مثل بيت مهدّم، طالما احتاجت العلاقات بين الولايات المتحدة وسورية إلى إصلاح وإعادة بناء منذ سنوات عديدة. وقد بدأت منذ نداء الرئيس باراك أوباما يوم تنصيبه في 20 يناير/ كانون الثاني للمشاركة مع «الغرماء» نشاطات بطيئة ولكنها ثابتة وجادة للعمل من قِبَل الطرفين لاستعادة هيكل ومادة العلاقة المتداعية الآيلة للسقوط.

تشكل أخبار تداعي وسقوط العلاقات الثنائية التي تفتقر إلى رابط أساسي من الاحترام المتبادل والثقة أخبارا قديمة، فعلى سبيل المثال، وجد استطلاع أجرته مؤسسة غالوب في مارس/ آذار 2009 للرأي العام في سورية أن 64 في المئة من المستَطلعين كانت لهم وجهة نظر غير إيجابية تجاه الولايات المتحدة، ولم يوافق 71 في المئة على زعامة الولايات المتحدة. ويمكن توقع نتائج مماثلة من استطلاع حول وجهات النظر الأميركية العامة حيال سورية.

وإذا أجرينا الاستطلاع نفسه اليوم فسوف يُظهِر على الأرجح تحولا في وجهات النظر، فقد جرى التعبير عن اهتمام بالعمل نحو أهداف مشتركة من قبل كل من الحكومتين، هي خطوات صغيرة باتجاه إصلاح شبابيك وأبواب البيت المتهدّم.

وقد اتخذت كلا الدولتين هذه الخطوات، فقد جرى التخلي عن العبارات الازدرائية في الدبلوماسيّة السورية واختفت نداءات واشنطن بتغيير النظام في سورية. بدلا من ذلك ينادي الرئيس السوري بشار الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم ببداية جديدة.

وقد اعترف فريق أوباما بأهمية سوريا ودورها في تشكيل منطقة خالية من النزاعات الوحشية والمكلفة. كذلك قام جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية بالوكالة لشئون الشرق الأوسط ودان شابيرو من مجلس الأمن القومي بزيارة دمشق مرتين. كما قابل وفد أميركي من القيادة العسكرية نظراءه في سورية لبحث قضايا أمنية تخص العراق، وأجرى المعلم ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مكالمة هاتفية مثمرة صُممت لتمهيد الطريق لمزيد من المشاركات الثنائية. وفي حركة طال انتظارها، أعلنت الولايات المتحدة الآن أنها سترسل سفيرها إلى دمشق، وهو موقع تُرِك خاليا عن قصد لفترة أربع سنوات طويلة.

لقد بدأت احتمالات إعادة بناء علاقة عملية تظهر بصورة إيجابية.

سوف تنظر دمشق إلى هذا الإعلان على أنه عملية تقوية لأسس العلاقة. إلا أن هذه فقط بداية سلسلة من الخطوات الدبلوماسية الضرورية لإعادة بناء البيت.

ورغم أن الولايات المتحدة وسورية تختلفان بقوة حول كيفية التعامل مع العديد من التحديات أمامهما، إلا أنهما قامتا كذلك بتحديد مجالات للاهتمام المشترك.

واحدة من هذه المجالات هي العراق. يشكّل التعاون الثلاثي بين سورية والولايات المتحدة والعراق حول أمن الحدود مجالا حاسما من التعاون.

وتفتح «اتفاق وضع القوات» الطريق لانسحاب القوات المسلحة الأميركية، ولكنها لا تغطي العديد من القضايا المهمة التي لا يمكن إلا لإشراك الدول المجاورة للعراق من قبل الولايات المتحدة، ابتداء من سورية حلّها. ولم تكن سورية خجلة من التعبير عن رغبتها بعراق يتمتع بالسلام وبحكومة مركزية مستقرة آمنة. ما تخافه سورية إلى أبعد الحدود هو دولة ذات حكومة مركزية ضعيفة ونزاع مدني عرقي على حدودها الغربية. وتستطيع سورية مساعدة الولايات المتحدة على إيجاد خروج عسكري بنّاء من العراق، ويمكن للولايات المتحدة دعم تعاون اقتصادي معزز بين العراق وسورية.

في هذه الأثناء تقوم الولايات المتحدة من خلال مبعوثها الخاص جورج ميتشل بتغيير سياستها برفع الأيدي حيال المفاوضات السورية الإسرائيلية، التي توسطت بها الحكومة التركية خلال فترة السنة والنصف الماضية. يجد صانعو السياسة الأميركيون بالتأكيد أساليب للعمل مع تركيا للمساعدة على تيسير انسحاب إسرائيلي من مرتفعات الجولان وإيجاد مساحة جديدة مجردة من السلاح مقابل السلام وتطبيع العلاقات بين البلدين.

مع التقدم إلى الأمام سوف يكون من المهم أن تعترف دمشق وواشنطن بالتطورات الإيجابية عندما تحصل، بدلا من إعادة نمط وصنع مطالب لا يمكن التفاوض عليها.

ولن تعيد عملية إدارة الرئيس أوباما بالمشاركة وحدها بناء البيت المتهدّم. سوف تمر الخطوات الإيجابية بمراحل تقدم وتأخر، وتحتاج إلى تعزيزات، إلا أن المشاركة المتبادلة البناءة هي السبيل الوحيد إلى الأمام. وفي هذا المجال لا يمكن لسورية تجاهل المطالب الأميركية باستحداث تغييرات إيجابية في المنطقة.

سوف تكون هناك حاجة للوقت لاستعادة جوهر العلاقة والتقدم بثقة ثم متابعة عملية تشاركية ثنائية الاتجاه. لتستمر عملية إعادة البناء والتأهيل، لبنة لبنة.

*كبير مستشاري منظمة البحث عن أرضية مشتركة لبرنامج الولايات المتحدة وسورية- مديرة المسار الثاني لوحدة التوسط في منظمة البحث عن أرضية مشتركة، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2503 - الإثنين 13 يوليو 2009م الموافق 20 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً