العدد 2213 - الجمعة 26 سبتمبر 2008م الموافق 25 رمضان 1429هـ

صحافيون... أم هواتف عمومية!

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد نشر «الوسط» في الأسبوع الماضي خبر تقاضي صحافيين أجورا من الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي نظير خدمات صحافية وعلى مدى ثلاثة أعوام وبشكل شهري، انهالت الاتصالات من مختلف الصحافيين، فمنهم من يسأل عن هؤلاء، ومنهم من يعرفهم لكنه أراد الدفاع عنهم والتبرير لهم، ومنهم من رفض الفكرة وعبّر عن سخطه منها.

بالطبع، القضية لم تكن غائبة عن الجسم الصحافي؛ فالجميع يعلم بما يدور في الكواليس ومن يقبض ومن لا يقبض من الصحافيين نظير خدمات جليلة لمؤسسات حكومية وخاصة، ولكن لم يكن الدليل موجودا لأحد، إلا أن «الوسط» نشرت صورا من صكوك ووثائق تثبت حصول صحافيين على 350 دينارا شهريا من صندوق التقاعد، مع اعتراف الهيئة بأنها وظفت هؤلاء بالدوام الجزئي لمساعدتها إعلاميا، كما أنها تسعى لاستقطاب آخرين من صحف أخرى.

الإجراءات القانونية لصندوق التقاعد سليمة، ولا يمكن أبدا الطعن فيها، فالعقود موجودة والنظام يسمح بذلك، ولكن العيب ليس في «التقاعد» التي تبحث عن مصلحتها، وإنما في شرف المهنة وأخلاقياتها، فالصحافة مهنة لا يمكن ان تستقيم إلا باستقامة العاملين فيها، فكيف تصبح سلطة رابعة مراقبة في ظل أن العاملين فيها يقبضون من هنا وهناك؟

كيف يمكنهم الكشف عن مكامن الخلل في أي جهاز رسمي أو خاص، إذا كانوا يتقاضون منه أجرا؟ «دهان سير» الصحافيين أصبحت سمة بارزة في الكثير من المؤسسات الرسمية والخاصة، وذلك بعد أن رسّخ ثلة من الصحافيين المتسلقين والمتملقين لهذا المبدأ السيئ، ليسيئوا إلى مهنة الصحافة بما اقترفوه.

هذا الحديث لم تقله «الوسط» لوحدها بل حتى «منظمة مراسلون بلا حدود» عندما زار ممثلوها البحرين في يونيو/ حزيران الماضي تحدثوا عن وجود صحافيين في البحرين مرتشين، وهذا أمر حقيقي وواقع معروف، ولا يمكن غض النظر عنه دون تصحيح.

مَنْ المسئول عن ذلك؟ بالطبع وكما قاله الأمين العام لنقابة الصحافيين محمد فاضل، بعض المؤسسات الصحافية التي رسّخت لذلك وفق مبدأ المصالح، أو لغض النظر وعدم اكتراث. وأضيف عليه أيضا غياب الجسم الصحافي الحقيقي الذي يمكنه أن يرسّخ المبادئ الحقيقية للعمل الصحافي والعمل على تعزيزها ومن ثم مراقبتها ومحاسبة المخالفين.

بيت الشعر المعروف القائل «إذا كان رب البيت بالدف مولع فشيمة أهل البيت كلهم الرقص» هو أفضل ما يمكن أن نتحدث عنه بشأن بعض الصحافيين مع مرؤوسيهم. المطلوب الآن من جمعية الصحافيين البحرينية التحرك للقضاء على هذه الحالة قبل أن تتحول الى ظاهرة، فهي بالتأكيد تعلم ما يحدث، وإن استمرار سكوتها عن قيام ثلة من منتسبيها بقبض أجور عن النشر سيثير الكثير من علامات الاستفهام، ولاسيما أن بعض الصحافيين تحولوا لهواتف عمومية لا تتكلم إلا لمن يدفع لها.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 2213 - الجمعة 26 سبتمبر 2008م الموافق 25 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً