العدد 2213 - الجمعة 26 سبتمبر 2008م الموافق 25 رمضان 1429هـ

نسمات الياسمين (منوعات)

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

في زحمة الانشغالات اليومية خلال شهر رمضان، لا أجد متسعا لمتابعة أي مسلسل مما يعرض في هذا الشهر لأكثر من حلقتين، وأنقطع عن المتابعة لفترة ثم أعود صدفة لأشاهد حلقة أخرى بعد فترة أخرى.

وفي وسط كل ذلك يبقى مسلسل «ظل الياسمين» أحد أبرز الانتاجات الرمضانية الذي يختص بكسب انتباهي ومتابعتي حالما أجده يعرض على الشاشة، وذلك لبراعة الصنعة الإخراجية للمخرج أحمد المقلة، الذي وظف تقنيات هائلة لكي ينقل المشاهد لمسلسله نحو حقبة زمنية خاصة، ببراعة وحبكة فنية، تجانست فيها براعة الماكياج والأزياء والديكورات، حتى أصبح المشاهد في حيرة من هذه البيئة المتميزة التي خلقها المقلة وفريقه، إذ هي كما آلة الزمن التي عادت بالكاست الفني بأكمله ثلاثين سنة للوراء، وأخذت تتقدم بهم حقبة بحقبة.

في هذا المسلسل المتميز، وقبل يومين، دق أحد المشاهد جرس رسالة هامة، في ظني أن المسلسل كان يسعى لكي يعكسها، إذ إن «طلال» الذي يقوم بدوره الفنان البحريني يوسف بوهلول، وهو الشخص المتغطرس المتجبر قد ابتلي بابنته «بنة» التي تؤدي دورها الفنانة نجوى، وهي الابنة التي اكتسبت من والدها صفاته وسلوكه السيئ، فيما «ياسمين» التي أدت دورها الفنانة شهد الياسين، ذات الطباع والسلوك الإنساني الراقي قد تحول ولدها «جاسم» الذي يؤدي دوره الفنان حسن أحمدي ليصبح نسخة من إنسانية وسلوك والدته، ما يرسخ مفهوما قلما يطرقه المنتوج السينمائي أو التلفزيوني، وهو ما نقوله عموما «الحب يطلع على بذره»، وليس ما يشيع في المسلسلات والأفلام أن يأتي الصالح من ظهر الطالح الفاسد ويتصارع معه.

مثل هذا المفهوم أيقظ حكاية لأحد الحكماء، كان يرويها مما عايشه، إذ كان في صغره يتعامل مع رجل يشتري منه بعض المواد، وكان هذا الرجل يشتكي كسل ابنه وتلكؤه عن المساعدة في العمل أو حتى الحضور للمساعدة، وبعد أن توفي حل ابنه مكانه في إدارة الأعمال، فعاصره الحكيم أيضا، وسمع منه الشكوى نفسها عن ابنه الذي يتغيب عن العمل، ويقضي معظم وقته في المسجد، تاركا أباه وحيدا في العمل، لتتكرر القصة نفسها مع الحفيد بعد أن تمرض أبوه، وأصبح وحيدا في العمل دون أن يتفكر في أمره أيّ من أبنائه الذين تركوه يعمل وحيدا كما فعل أبوه في جده وفعل هو في أبيه.

الزبدة هي في العبارة التي تقول: «بروا آباءكم، يبروكم أبناؤكم»، وكم كان جميلا في المسلسل أن يطرق هذا الباب الإنساني المهم، لترسيخ مبادئ التخلق والتجمل بالصفات الحميدة كي تنشأ عليها الأجيال التي ستأتي من بعدنا.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2213 - الجمعة 26 سبتمبر 2008م الموافق 25 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً