العدد 2501 - السبت 11 يوليو 2009م الموافق 18 رجب 1430هـ

«وهل الطائر إلاّ بجناحيه يطيرُ؟»

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

خبران عن المرأة نقلهما موقع الـ«سي إن إن»، الأول يقول إن العمال في تركيا يضعون، هذه الأيام، «اللمسات الأخيرة على أحدث مساجد اسطنبول، مسجد (ساكرين)، والذي يمتاز بأنه أول مسجد تصممه امرأة في البلاد، كما أن النساء تشارك في بنائه على مستوى اليد العاملة في ظاهرة قد تكون الأولى من نوعها في التاريخ. وتقف خلف التصميم المهندسة زينب فاضل أوغلو، التي اكتسبت شهرتها العالمية من تقديم تصاميم رائعة لحانات وملاه ليلية وفنادق حول العالم، في حين أعرب مفتي أسطنبول عن سروره حيال مسار بناء المسجد، متمنيا رؤية المزيد من الجوامع التي تحظى بـ «لمسة نسائية» على حد تعبيره».

الخبر ثاني، أيضا بشأن المرأة، الذي ينقل عن الناشطة السعودية في حقوق المرأة وجيهة الحويدر، قولها «إنها قامت بمحاولة مغادرة السعودية إلى البحرين من دون إذن من أي من أولياء أمورها الذكور، وهي تعلم أن السلطات لن تسمح لها بالخروج، وذلك لإثبات ضرورة أن تعامل النساء في بلد الحرمين الشريفين على أساس إما أنهم مواطنات ناضجات، أو تركهن كي يغادرن البلاد إلى الأبد... وإنها كما توقعت، قامت السلطات بمنعها من الوصول إلى البحرين عن طريق البر، نظرا لأنها لا تحمل إذنا بالخروج من ولي ذكر».

ليس القصد من وراء نشر هذين الخبرين الاستنتاج بأن أوضاع المرأة في تركيا باتت كما تتمناه المرأة، أو أن اوضاع المرأة في السعودية هي الأسوأ في دول العالم، بقدر ما هو التأكيد على أن المرأة قادرة، عندما تتاح لها الفرصة أن تثبت كونها كفوءة كالرجل، كما قرأنا عن تصميم مسجد «ساكرين»، وبالتالي فليس هناك ما يبرر استمرار الوصاية الذكورية غير الطبيعية والمنطقية في الآن الذي لا يزال البعض مصر على التمسك بها، وأنها بالمقابل، قد تحرم من أية مساهمة جادة في تطوير المجتمع، حينما تفقد أبسط حقوقها مثل السفر بقرار منها وليس بوصاية من غيرها. وفوق هذا وذاك فإن حقوق المرأة، لا تزال على مستوى العالم من دون أي استثناء، مغتصبة.

على رغم ادعاءات جميع الدول والرؤساء، لا تزال المرأة تعاني من عدم المساواة، إن لم نقل من الظلم والإجحاف بحقوقها. فعلى مستوى الدول لا تزال المرأة الأميركية على سبيل المثال، وكما تعترف الإحصاءات الرسمية الأميركية التي نشرتها صحيفة «الواشنطن بوست» لا تحصل إلا على «متوسط دخل يمثل 78 في المئة من متوسط دخل الرجل العادي الذي يشغل وظيفة مماثلة، وهي لا تزال غير ممثَّلة إلى حد كبير في مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا»، وأن 42 في المئة من العاملات الأميركيات يتعرضن لتحرشات جنسية في العمل، يتحاشى أكثرهن التقدم بأية شكوى بشأنها خشية أن يتعرضن للانتقام أثناء العمل أو الفصل التعسفي منه. أما في في فرنسا فيقل أجر المرأة العاملة عن الرجل بنسبة 33 في المئة، والأسوأ من ذلك اليابان حيث يصل الفرق إلى 40 في المئة.

وكشف استفتاء عالمي أجرته مؤسسة قياس الرأي العالمي «World Public Opinion»، بمناسبة احتفالات يوم المرأة العالمي، أن 35 في المئة فقط من الروس يعتقدون بأن «مساواة المرأة بالرجل أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى المجتمع»، وتنحدر هذه النسبة إلى 31 في المئة في مصر.

ولا يختلف الأمر في المنظمات العالمية عنه في الدول، فعلى مستوى الأمم المتحدة، على رغم أن هناك ومنذ العام 1946 لجنة خاصة لمتابعة أوضاع المراة، لا تزال تجتمع سنويا لمناقشة الشئون المتعلقة بحقوق المرأة.

يشكل العام، على رغم إعلان الأمم المتحدة العام 1975 سنة دولية للمرأة واعتبارها الفترة من 1976 - 1985 عقد الأمم المتحدة للمرأة، ووجود هيئتين مخصصتين لقضايا المرأة تحت إمرة الأمم المتحدة، لكن تقارير الأمم المتحدة، جميعها، بما فيها ذلك المتعلق بمتطلبات تحقيق أهداف التنمية الرئيسية بحلول العام 2015 تؤكد تخلف المؤسسات العالمية، بما فيها الأمم المتحدة عن «تحقيق المساواة التي ينبغي أن تحظى بها المرأة».

هذا الأمر نلمسه أيضا في تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي يعترف في خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة «بأن النساء استمرين في أن يكن أقل تمثيلا في آلية صنع القرار في حكومات العالم». كما ذكر تقرير للأمم المتحدة صدر أخيرا أن عمل النساء «يستمر في أن يكون أقل قيمة كما أن النساء أقل تمثيلا في مواقع صنع القرار وتقدر الإحصاءات أن هناك 100 مليون طفل غير قادرين على حضور الدراسة عبر العالم، وأن غالبية هؤلاء من الفتيات في حين أن غالبية الأميين من النساء». ويشارك رئيس البنك الدولي السابق الأميركي بول وولفوتيز، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حين يؤكد أن «استمرار الفقر والفرص غير المتساوية للمرأة أديا إلى بطء التنمية وأعاقا تحقيق أهداف الألفية للتنمية».

وعلى المستوى العربي، يطالب تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2005: في باب «نحو نهوض المرأة في الوطن العربي» بوضوح بتحقيق أمرين، إن كان للمرأة أن تحقق الحد الأدنى من المساواة التي تطمح لها، الأول «إصلاح كامل للسياق المجتمعي من خلال، ليس فقط سن القوانين واللوائح الرامية إلى القضاء على جميع أوجه التمييز (ضد المرأة)، وإنما... إلى تعميق الوعي الاجتماعي للمرأة بقضاياها، وللمجتمع بقضايا المرأة». والثاني «حركة مجتمعية قادرة على إنجاز مهمة نهوض المرأة في عموم الوطن العربي، من خلال العمل للقضاء على إرث التخلف، عبر القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة».

وليس هناك من دعوة عربية، من أجل إنصاف المرأة العربية من تلك التي أطلقها الشاعر العربي معروف الرصافي (1875 - 1945) حين قال، في حاجة المجتمع إلى المرأة والرجل على حد سواء: وهل الطائر إلاّ بجناحيه يطيرُ؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2501 - السبت 11 يوليو 2009م الموافق 18 رجب 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً