رغم أن الرواتب والأجور لا تزيد في شهر رمضان فإن إنفاق الأسرة يتمدد ويزيد حتى يصل إلى ضعف الإنفاق المعتاد وربما أكثر، والسبب مشتريات كثيرة واستثنائية لم تكن مدرجة على بنود الموازنة: تمر، لفائف البقلاوة، ورق السمبوسة، طحين جميع الاستعمالات، سميد، شعيرية، حليب محلى، جيلي، كريم كراميل، حليب مجفف... وإلى آخره من أصناف المواد التي تحتاجها سيدات البيوت لإعداد الأطباق المتنوعة في شهر رمضان.

بالأمس وكعادتي كل شهر ذهبت مع عائلتي الصغيرة للتسوق (شراء المستلزمات الأساسية، بالإضافة لأغراض شهر رمضان)، دخلنا السوبرماركت فدهشنا للكم الكبير من الناس الذين أتوا للتسوق في هذا اليوم. طبعا، لم نتعجب كثيرا فنحن نعلم أن الجميع يجهز بيته لاستقبال شهر رمضان، الغريب في الموضوع أن الناس تتسابق على شراء المواد الغذائية وكأننا (الله لا يقوله) داخلين في حرب أو أن أحدا ما يتنبأ لنا بمجاعة، كل ذلك على رغم أننا نعلم جميعا أن تلك المواد الغذائية متوافرة في السوق طوال العام، فنحن في 2008، ولسنا في 1908!

تلك فعلا ظاهرة سيئة انتشرت في مجتمعنا، إذ أصبح رمضان بالنسبة للغالبية: أسواق... وأكل فقط، ونسوا أو تناسوا أنه للطاعة والتقرب لله سبحانه وتعالى... أفيقوا أيها الناس،وقفوا قليلا، تمهّلوا... وانظروا كيف أصبح رمضاننا، وراجعوا أنفسكم!

الإسراف في شهر رمضان لا يقتصر على الإنفاق على الطعام وإنما تناوله أيضا، فغالبية الصائمين ما إن يؤذن لصلاة المغرب حتى يبدأوا ماراثون تناول الطعام والانتقال من صنف إلى آخر حتى وقت الإمساك، كل ذلك لأن هناك تصورا خاطئا وهو أن الصائم لا يأكل طوال النهار، ومن حقه أن يعوض ذلك الحرمان بأكل كميات إضافية من عند الإفطار حتى الإمساك، حتى لا يجوع طول اليوم... طبعا هذه نظرية خاطئة، إذ ليست لبني آدم (مكرّمين جميعا) أسنمة لخزن الطعام، كما أنهم ولثقل بطونهم في اليوم التالي يشعرون بالخمول والكسل... كل يوم رمضاني تصبح فيه المراكز الصحية عامرة من بعد وقت الإفطار حتى وقت الإمساك، إذ إن يصيب معدة من همّه الأكل في شهر رمضان نوع من التضخم، ما يتسبب له بآلام، وتجد غالبية النصائح الطبية التي تقدم: خففوا من الأكل بعد الإفطار، فالمعدة تتعب من كثرة الهضم.

نصيحة للجميع اتقوا الله يا مسلمين، وكل عام وأنتم بخير، والله يوفقكم لصوم الشهر كله بخير وبصحة وعافية