من الواضح أن جميع الأطراف المعنية بالمعلومات التي وردت إليـنا من مصادرنا في الدول الأوروبية وبالذات من المشتغلين بسوق لندن للمعادن والتي نشرنا جزءا منها ضـمن مقالنا للأحـد الماضي ما زالت تعيـــش حالة أذن من طـين وأذن من عجين وشـعارها المسـتمر إن كان الحديـث من فضـة فالسـكوت من ذهـب!
طبعا عودتنا لموضـوع الشـفافية وحاجتنا إليها له علاقـة بموضوعيـن. الموضوع الأول الأخبـار التي كان لدينا جزء منها والتي نشرتها شبكة السي إن إن (CNN) والمتعلقـة بالتحقيقات التي باشـرت السلطات الفرنسية فيـها بشأن تورط شركة ألسـتوم (ALSTOM) الفرنسـية في عمليـات غسـيل أموال ورشـاوى لمسـئولين في دول مختلفة لشراء منتجاتها. وبالمناسـبة فهذه الشركة هي من فازت بالعقـود لتزويـد ألبا بالتروبينات والمعدات لمحطـة الكهرباء خلال توسعتها الأخيرة. وكانت قد نافسـت شـركة أي بي بي (ABB) لكنها فازت بها في نهـاية الأمر. وتفيد تقاريرنا والعهدة على راويها لنا, بأن للشـخص الأجنبي الذي ورد اسمـه في القضيـة المرفوعـة من حكومة البحرين ضد شـركة ألكوا الأميركية علاقات وطيدة بهـذه الشركـة ويشـاع بأنـه هو من سـهل لها الحصول على العقود.
عمـوما هذا الأمر يمكـن أن يتسـم بالشـفافية بالتحقيق والتأكـد منه بمقارنة المواصفات والأسعار بين العطاءات التي تقدمت بها الشركات خلال تلك الفترة, بما في ذلك التأكد من أن العطاءات قد تم فتحها حسـب الأصول المرعية وعدم وجـود تسريبات لأي من هذه الشـركات عن أسعـار الشـركات المنافسـة. على أن يوضـع في الاعتبار أن أغلب التوربينات والمعدات التي تستعملها الشركة قبل ذلك كانت من شركة أي بي بي مما يمنحها أفضلية عند تساوي الأسعار والمواصفات من جهة الصيانة وقطع الغيار التي تحتاج إليها عمليات الصيانة.
الموضوع الثاني هو موضوع كانت معي معلوماته منذ أشهر ولم أر من العدل نشره قبـل أن أستأذن صديقا قديما هو الأخ محمـد دعبول الذي سمـح لي بذكره حيـن كان لي شرف الالتقاء به في مكتبـه حديثا خلال زيارتي الأخيرة لدمشق.
فقد جرت العادة وهي أهم أصول التعامـل في الأسواق المحلية والعالمية أنه في حالة الاتفاق بين البائع (وهو في هذه الحالة شركة ألبا) والمشتري أن يلتزم الطرفان بشروط العقد المتفق عليها من ناحية الكمية والسـعر وموعد التسليم والمواصفات حتى لو تم ذلك الاتفاق شفاهيا وعلى الهاتف ولم يوثق كتابة. هذا ما كانت تفعله وتلتزم به شركة بالكو منذ نشأتها وحتى تصفيتها, وأن أي إخلال بهذا قد يعرض أحد الطرفين لخسائر فادحـة ويسيء إلى سمعة الشركة في السوق المحلية والعالمية.
لكن الذي حدث أن الإخـوة سامحهم الله في شركة ألبا لم يشحنوا الكمية المتفق عليها, على رغـم أن البنك طالب المشتري وهو في هذه الحالة الأخ محمـد دعبول بدفع كامل المبلغ. ولما لم تصل البضاعة اتصل المشـتري متسائلا عن بضاعته فقيل له لقد تغيرت الأسـعار ويجـب أن تدفع الفرق! وللعـلم هذه حالة تحدث أحيانا، وعلى المتمرس في علوم التسويق والمحترف إداريا إيجاد بدائل لزبائنه تمكنه من تسلم كامل مستحقاته وتضمن بقاء الزبون معه كزبون دائم وخصوصا أن علوم التسويق الحديثة تؤكد على القيمة التراكمية للزبون.
وعلى هذا الأساس اضطر المشتري لدفع ما قيمته نحو 97 ألـف دولار زيادة على قيمة الكمية التي اتفق عليها! السـؤال الأول الذي يجب أن نطرحه على شـركة ألبا هو: ماذا سـيكون قرارهم وطريقة تعاملهم مع المشـتري في حالة لو انخفضت الأسـعار عما تم الاتفاق عليه مع الأخ محمد, هل سيخفضون أسعارهم وقيمة البضاعة؟ وماذا سيكون تبريرهم لتغير السعر وتخفيضه للرقابة الداخلية لو حصل ذلك؟ الموضوع نضعه أمام رئيس وأعضاء مجلس الإدارة خصوصا أن مثل هذا التصرف غير المسئول يوثر سلبيا على سمعة الشركة في السوق وبالذات أن دوبال لم تعد الشركة الوحيدة المنافسة لألبا على الأقل إقليميا مع بدأ العمل في مشروعات مصاهر عمـــان وأبوظبي وقـطر والسعودية, كما أن تاريخ سـوق الألمنيوم تاريخيا يمر بدورات صعود وهبوط في الأسـعار وسيأتي اليوم التي تحتاج فيه ألبا لزبائن ولن تجد أحدا منهم إن كانت هذه هي تصرفات إدارتها ومسئولي التسويق فيها
إقرأ أيضا لـ "عبدالمنعـم الشـيراوي"العدد 2186 - السبت 30 أغسطس 2008م الموافق 27 شعبان 1429هـ