العدد 2186 - السبت 30 أغسطس 2008م الموافق 27 شعبان 1429هـ

مستقبل أفغانستان يعتمد على شعبها

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

قابلْت «زكية» في مطعم الأمم المتحدة في كابول، جزئيا لأن المكان مناسب وكذلك لأنه لا يوجد بعْد العديد من الأماكن العامة التي يمكن أن يجلس فيها رجل غربي للحديث مع امرأة أفغانية وحدهما.

زكية (ليس هذا هو اسمها الحقيقي) مديرة سابقة لمنظمة أفغانية غير حكومية اسمها «المعونة الإنسانية للنساء والأطفال في أفغانستان»، تأسست في يناير/ كانون الثاني 1999.

وبدأت المنظمة كمجموعة معونة إنسانية بسيطة تساعد النساء والأطفال، ولكنها تُدرِج الآن ضمن أهدافها «تشجيع دور المرأة في المجتمع»، وكذلك «دعم إعادة بناء البلد».

إذا كان لأفغانستان مستقبل فهو عائد لجهود أناس مثل زكية، الذين يشكلون جزءا صغيرا ولكنه بدأ يبرز من المجتمع المدني، مصمما على تحدي دعاة الحرب والأصوليين الذين مازالوا يسيطرون على السياسة الرسمية في أفغانستان.

«نحن بحاجة إلى السلام» تقول زكية، «ليست قنابل الأميركيين هي الجواب. يتوجب على الطرفين أن يجلسا ويتحدثا في يوم من الأيام. السؤال الوحيد هو: كم منا يجب أن يُقتل قبل أن يحصل ذلك؟». أضغط للحصول على رأيها بشأن ما إذا ستتقبَّل أن يكون لـ «طالبان» دور في الحكومة. تتوقف قليلا قبل أن تجيب: «نعم. سوف يكون ذلك ثمنا كبيرا ندفعه، ولكن إذا وضعوا أسلحتهم جانبا وقبلوا الدستور، لمَ لا؟ هناك أناس لهم التوجهات نفسها في الحكومة الآن. ما يحصل الآن هو أسوأ، لأنه بينما يستمر النزاع يجري تحويل مجتمعنا بأكمله إلى طالبان وإلى الفساد».

عملت زكية مع شبكة من المجموعات النسائية الأفغانية ومنظمات حقوق الإنسان للضغط باتجاه إصلاحات تشريعية، مثل قانون يضع حدا للعنف ضد المرأة. وقد شاركت إلى جانب هيئة حقوق الإنسان الأفغانية المستقلة في مؤتمر لبحث تجارب عدد من الدول الأخرى مع نظام قانوني يرتكز على الشريعة ومبادئ الفقه الإسلامي، ودراسة أفضل الممارسات لقانون جديد بشأن العلاقات الأسرية.

كذلك قامت زكية بعمليات تأثير ضد مسودة مشروع مقترحات لإجراءات جزائية كان من المحتمل أن تخفض الحد الأدنى لسن المسئولية القانونية الجزائية للفتيات والفتيان. بعد مقابلة مع الرئيس حامد قرضاي، رفض الرئيس توقيع هذه المسودات التي تميز ضد الأطفال، لتصبح قانونا.

كذلك ساعدت منظمة المعونة الإنسانية للنساء والأطفال في أفغانستان على إنشاء مراكز للاجئين للنساء الهاربات من العنف الأسري، الذي يشكل قضية خلافية ضخمة في أفغانستان، حيث مازال الكثير من القضاة والمدعين العامين يعتبرون أن «الهرب من المنزل» جريمة يعاقِب عليها القانون. كما تشارك المنظمة في شبكة المرأة الأفغانية وشبكة البرلمانيات من النساء.

وتدير المنظمة مشاريع تربوية وكذلك عمليات استجابة في مجال الصحة ورعاية الطفل والإرشاد والحماية ودعم النشاطات المدِّرة للدخل. وتعمل المنظمة التي توجد مكاتبها الرئيسية في كابول كذلك في سبع مقاطعات أخرى ومع مجموعات من اللاجئين عبر الحدود مع باكستان وبيشاور.

مازالت أصوات مثل زكية معزولة نسبيا، ولكنها أخذت تعلو وتصبح مسموعة، في بلد بدأت فيه البنات للتو بالحصول على التعليم مرة أخرى، ليس من المثير للدهشة أن هناك هذا العدد القليل جدا من النساء المهنيات وصانعات القرار... يحتاج ذلك إلى وقت طويل للتغيير، وسوف تحتاج المواقف الاجتماعية إلى وقت أطول.

أفغانستان بلد يتمتع بالكرامة وبحسن الضيافة عند استقبال الزوار، ولكنه مرَّ بتجربة العديد من الغزاة الأجانب، ويصعب على شعبه قبول فرض ما يرونه قيما أجنبية تماما مثلما يصعب إخضاعهم باستخدام قنابل جيوش الغرب.

تؤكد زكية أنها مسلمة وطنية يُصيبها فساد القيم الإسلامية الحقيقية التي يتبناها الأصوليون بالغثيان، تماما مثل استمرار القوى الأجنبية في تدمير بلادها.

يبدو أن العديد من الليبراليين الغربيين يعانون من مشكلة معينة في فهم أناس مثل زكية، ولكن وجهات النظر التي عبرت عنها تمثل وجهات نظر مئات الحوارات التي أجريتها مع أصدقاء وزملاء أفغان عبر السنين. يعرب هؤلاء عن الارتياح للإطاحة بنظام «طالبان»، وعرفان حقيقي بالجميل تجاه المجتمع الدولي لتدخله الدولي، يضاف إليه إحباط بسبب عدم استغلال الفرصة لكسر قبضة جنرالات الحرب ورجال العصابات الذين جمَّعوا قواهم وعملوا على تقوية مراكزهم خلال السنوات الست الماضية.

شعرت مؤخرا كذلك بغضب متصاعد ناتج عن عدم كفاءة استراتيجية المجتمع الدولي للمعونة والتصرف الوحشي السخيف للحملة العسكرية. ومازالت هناك نافذة فرص لتغيير التوجه الواسع للسياسة الغربية تجاه أفغانستان، ولكنها تضيق يوما بعد يوم.

*عامل في مجال المعونة الإنسانية، عمل مع عدد من منظمات المعونة الإنسانية وحقوق الإنسان، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2186 - السبت 30 أغسطس 2008م الموافق 27 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً