أيتها الأنثى... يا أم الإنسان وملهمته...أنت الأم والألم...الأمومة قدرك الأحلى والأمر...الأمومة ماضيك وحاضرك ومستقبلك...لا تنكري الماضي لا تتنكري للحاضر لا تغلقي النوافذ في وجه المستقبل...كوني أماٌ حتى وان لم تكوني والدة...كوني أم الأطفال جميعاٌ...كوني أماٌ للفكر والحق...للحرية والعمل والجمال...كوني أنت كوني أنثى.
كلمات عنها...الأنثى الأم ، سألت رضيعا لما يكمل عامه الأوّل بعد عن أمه...أشرق وجهه الجميل بابتسامة ساحرة وقالت روحه لي:ماما...تزعجني كثيرا حين تنظف أنفي وهي تعتقد بأنها تريحني ، تحممني تعطرني وتلبسني أجمل الثياب.. ماما هي التي تراني دوما أجمل طفل في الدنيا وهي التي أحبها أكثر من كل شيء في الدنيا، وليتها تعلم أن حضنها أكثر دفئا من سريري المزين بالدمى.
وليتها تدري أن ذراعيها أحب إليّ من أرجوحتي وأنها حين تضمني إلى صدرها تغنيني عن حِرامي الصوفي الجميل..
وليتني أستطيع أن أخبرها بأن حليب ثديها يسكت جوعي ويملأ قلبي بالحب والأمان والسكينة...
وليتني أستطيع أن أخبرها أن صوتها هو قصائد الشعر في نظري.
ونبض قلبها هو موسيقاي المفضلة التي لا أمل من سماعها أبداٌ.
سألت طفلاٌ دون الثالثة من العمر عن أمه فقال:أمي هي التي تفهم لغتي حين يعجز الآخرون...تداوي ألمي بقبلة وكأنّ البلسم الشافي في شفتيها أمي هي التي عجزت عيناها عن النوم عندما لم أستيقظ بسبب الحمى وأصبحت عيناها نجمتان تحرسان ليلتي الطويلة وتراقبان ميزان الحرارة بصبر وقلق وحب.
وهي التي تحول كفاها إلى كمادات باردة معطرة باليا سمين.
أمي هي بوظة الفراولة المفضلة لدي هي بالوني وكرتي وأرجوحة العيد.
سألت طفلة ستكمل قريبا عامها السابع عن أمها فقالت:أمي...هي دميتي الجميلة أضمّها في الليل...وهي كأس الحليب الدافئ أشربه في الصباح هي عروسة اللبنة أخذها معي إلى المدرسة...وهي فراشة أزين فيها شعري وتغار منها رفيقاتي
أمي هي مكافأتي حين أحصل على علامة العشرة وهي مشكلتي إن حصلت على الثمانية أمي هي علبة ألواني أرسم نفسي بها صبية ترتدي فستاناٌ أبيض، وأمها بالقرب منها تذرف من عينيها حبات لؤلؤٍ ثمين وتصلي أن تكون أيامي كلها بيضاء.
سألت صبية في الخامسة والعشرين من عمرها عن أمها فقالت:
أمي هي خاتم خطوبتي هذا فلولا أمي لما كنت أنا كما أنا ولما أحبّني خطيبي...
أمي هي رائحة القهوة المرة تحضرها في صباحات العيد...
أمي هي بستان الزهور في بيتنا تضم لي طوقا من ياسمين الصيف وتتوجني أميرة...
وتغلي الزعتر والنعناع والبابونج في الخريف والشتاء لتدفئني وتخفف عني أعراض الزكام
وتهديني ضمة نرجس لتعلن بداية الربيع...تعطر ثيابي بأزهار الخزامى المجففة في كل الفصول
أمي هي الأفكار النبيلة في رأسي والحب الكبير في قلبي...
هي ضفيرتي تتمايل بدلال على كتفي...ضفيرتي التي طالت خصلاتها بين يديها وشاخت يداها وهما تضفران الضفيرة...
أمي هي ثيابي وعطري علبة مكياجي...
هي فستان زفافي سأرتديه واثقة بنفسي مقبلة على حياة جديدة وكلّ ما أحلم به أن أكون في يوم، تماما...كأمي...أما.
سألتهم وسمعت كلماتهم ولم أعرف ماذا أقول؟
فمذ أصبحت أما انقلبت كل المعاني في حياتي وأصبح للأيام طعم وعطر ولون...
لكن أمي ما تزال شجرة الزيتون تطعمنا من ثمرها زيتونا شهيا، وتمسح جباهنا المتعبة
بزيتها المبارك...
ولا تزال معطاء على رغم المحن ولا تزال راسخة على رغم العواصف...
يا أمي أشجار الزيتون تعمر كثيرا لكنها لا تشيخ...
كندة يوسف بركة
العدد 2185 - الجمعة 29 أغسطس 2008م الموافق 26 شعبان 1429هـ