تجدد العراك، دماء تسيل في مكان مقدس، فوضى وخلافات ومشاحنات، ولكمات من هنا وهناك، على ماذا؟
قضية انتهت وأنهتها السنون، أصحابها منعزلون يعيشون لوحدهم في عالمهم بعيدين عن الآخرين، لا خوف منهم ولا تأثير لهم حتى بنشاطهم الحالي ودراساتهم وما قيل عن تحركاتهم للتوسع والانتشار.
أحداث لم أجد لها مبررا أبدا للدخول والغوص فيها، أحداث لا نعلم هل أوجدتها الصدفة أم جاءت ضمن تخطيط عام لإرباك الساحة وإيقاظ ذلك التنين النائم وخلق الفتنة بين صفوف الناس.
غريب ما حدث وما سيحدث، فلا أعتقد أن هذه هي الجماعة الوحيدة التي انشقت وأوجدت لنفسها منهجا مختلفا ظهرت على مدار التاريخ، ولم يعد لها وجود الآن مثل القرامطة والحشاشين والواقفية وإنما هي حركات ارتبطت بزمن معين ولم تصمد لفترات طويلة.
كما انقرضت الكيسانية والفطحية والمحمدية والواقفية، ومن الإسماعيلية انقرضت القرامطة، بينما من الزيدية انقرضت البترية والجارودية المرئية والابرقية واليعقوبية والعقبية والجريرية واليمانية، ومن أهم أسباب انقراض الكثير منها هو أنها كانت مرتبطة بأصحابها وبعد وفاتهم ذهبت معهم.
الجماعة التي نتحدث عنها انكفأت على نفسها وأصحابها قلة حتى لو أسسوا لنفسهم كيانا، فالزمن كفيل بتفتيتها كما حدث لسوابقها، ولا أعتقد أن الأمر الراهن يستدعي الدخول في حروب ثانوية همها خلق الفتنة وزرعها من جديد لإبعادنا عن هموم كبيرة تشغل ساحتنا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
الدين لله والوطن للجميع، ولكل إنسان حرية اختيار دينه وعقيدته وكيفية عبادته لربه، ولا حكم لنا عليهم، إلا بخلقهم ومعاملته للآخرين فالدين معاملة أولا وأخرا، ولا أعتقد أننا نتعامل مع هذه الجماعة كما نتعامل مع من يكفرنا ويبيح دمنا ويسعى لقتلنا.
لا أعتقد أن هناك مستفيدا من الأحداث الأخيرة سوى من يريدون التصيد في الماء العكر، ومن يريدون إصدار القرارات والتوجيهات للحد من تكرار مثل هذه الأحداث، فلا نستغرب إن صدرت قرارات بتطبيق قانون التجمعات على المآتم والمساجد، والندوات، وفرض أخذ التصريح قبل إقامة أية ندوة وأسبابها والمشاركين فيها وعناوينها، وذلك بحجة فرض الأمن ومنع تكرار ما صار.
الحكومة لا تحتاج لمبررات لمنع التجمعات السلمية، فهي في كل يوم تخرج لنا بشيء تمنع فيه لافتات، وتزيل إعلانات، وتعرقل احتفالات وفعاليات وتتصدى لمسيرات بمختلف الذرائع، فما بالكم بذرائع وجدت لها دون أي عناء أو تعب، فماذا ستفعل؟
ألا نحتاج حقيقة لإعادة حساباتنا من جديد وعدم الدخول في معارك ثانوية لا جدوى منها سوى هدر الوقت والجهد على حساب قضايا أخرى أكثر تعقيدا وأهمية؟
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 2185 - الجمعة 29 أغسطس 2008م الموافق 26 شعبان 1429هـ