العدد 2185 - الجمعة 29 أغسطس 2008م الموافق 26 شعبان 1429هـ

الحرب العالمية على الأكياس البلاستيكية 1/2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أيام عقدتْ وزارة البيئة والمياه في أبوظبي الحلقة النقاشية الأولى، المتعلّقة بمبادرة خفض استخدام وإنتاج المواد البلاستيكية، وقد أعدّت الوزارة برنامجا لخفض استهلاك الأكياس والمنتجات البلاستيكية المستخدمة في تغليف المواد الغذائية وغيرها من الاستخدامات بحلول العام 2012، كما اقترحت الحلول والبدائل على المديين القصير والطويل للحدّ من استخداماتها.

وقد قدّم في تلك الحلقة النقاشية الكثير من الأوراق التي دافعت عن برامج وزارة البيئة والمياه الظبيانية من أجل الحد من التأثيرات الفيزيائية والصحية لنفايات الأكياس البلاستيكية، وقد انطبق بعضها من التعريف بالأكياس البلاستيكية ومكوناتها والصناعات المرتبطة ودورها الاقتصادي في الدولة، وكمية الأكياس البلاستيكية المستخدمة ونسبتها من النفايات، في حين ركز بعضها الآخر على الممارسات العالمية؛ لتقليل كمية هذا النوع من النفايات.

وتنسق هذه الوزارة مع جهات حكومية ومحلية أخرى من أجل تحديد نسبة الخفض من استخدام المواد البلاستيكية في إنتاج الأكياس. كما تعمل بالتنسيق مع الجامعات ومنظمات المجتمع المدني. وتعمل الوزارة في التوجّه إلى محلات التجزئة والجمعيات التعاونية؛ لطرح بدائل الأكياس البلاستيكية في التسوق.

ويبدو فإنّ هناك حربا عالمية ضد «الأكياس البلاستيكية» من أجل الحد من المخاطر التي باتت تشكلها على البيئة والإنسان في آن.

عمر هذه الحرب يربو اليوم على الخمس سنوات، ففي العام 2004، أعلنت بلدة هسكينسون الأسترالية حربها ضد الأكياس البلاستيكية، من أجل حظر، أو كحد أدنى، الحد من استخدام الأكياس البلاستيكية. ومن المعروف أنّ أستراليا البالغ عدد سكّانها 20 مليون نسمة تستهلك وحدَها 7 مليارات من الأكياس البلاستيكية سنويا.

وفي سياق هذه الحرب العالمية، وفي العام 2006، أقرّت إيطاليا، وهي إحدى أكبر منتجي أكياس التسوق البلاستيكية، بواقع 300.000 طن في السنة، تعديلا قانونيا، يقضي بإعطاء الأفضلية لاستخدام المواد الخام الزراعية.

وفي آسيا، وفي الأوّل من يونيو/ حزيران 2008، اتّـخذت الصين قرارا يقضي بحظر أكياس البلاستيك، واعتبرت وزارة الاقتصاد أنّ وقف إنتاج أكياس التسوّق سيتيح توفير 5 ملايين طن من النفط سنويا؛ أي ما قيمته 3.7 مليارات دولار.

أمّا في الهند فقد دعا المدير المساعد بمركز العلوم والبيئة في الهند تشاندرا بوشان إلى ضرورة «التخلّص من الأكياس التي تسبب دمارا في المناطق الحضرية».

ولم يتخلف الشرق الأقصى عن المشاركة في هذه الحرب الهادفة إلى حماية البيئة، ففي تايوان شجعت الدولة المتاجر على تحمل ما قيمته دولار تايواني واحد (34. دولار) مقابل توفير كيس من البلاستيك. وقد انخفض، بفضل هذه السياسة، الاستخدام بنسبة 80 في المئة، خصوصا بعد أن منعت الدولة المتاجر ومطاعم الوجبات السريعة والعاملين في مجال صناعة الأغذية والمشروبات تدريجيا من إعطاء أكياس للمستهلكين مجانا.

أمّا في بريطانيا، ففي مارس/أذار 2008 فقد حذر رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون بائعي التجزئة من أنه يتعيّن عليهم البدء في تحصيل مقابل مادي للاكياس البلاستيكية التي يصل عددها إلى 13 مليار كيس والتي يحصلون عليها مجانا كلّ عام وإلا ستتحرك الحكومة لإجبارهم على ذلك. وكان براون، وفقا لما نقلته وكالة أنباء رويترز، قد عقد في العام الماضي «مع إدارات الأسواق اتفاقا ينصّ على تخفيض عدد الأكياس وزيادة محتوياتها المعاد تدويرها للحد من تأثيرها البيئي بنسبة 25في المئة».

وتصل هذه الحرب إلى الشواطئ الأميركية، ففي الأسبوع الأخير من يوليو/تموز 2008 وافق مجلس مدينة لوس أنجيلوس الأميركية على «حظر استخدام أكياس التسوق البلاستيكية في المتاجر اعتبارا بداية يوليو/تموز 2010. وسيكون بمقدور المتسوقين في المدينة إما إحضار أكياسهم الخاصة أو دفع 25 سنتا ثمنا للكيس الواحد المصنوع من الورق. وتستهلك لوس أنجلوس وحدَها ما يزيد على 2.3 مليار كيس بلاستيكي كل عام.

وأحد الأسباب التي تفسّر هذه الحرب العالمية على الأكياس البلاستيكية وأوجه استخداماتها، هو سعة انتشارها، فقد بتنا نشاهد عشرات الملايين من أكياس البلاستيك توزّع كلّ يوم في المتاجر، سواء في الدول الصناعية أو تلك النامية. لقد غدت هذه الأكياس من سِـمات عالم اليوم، وربما كانت أكثر المنتجات شيوعا، فهي تمتاز بأنها عملية، بالإضافة إلى متانتها ورخص ثمنها.

وعلى المستوى العالمي، تذهب بعض التقديرات إلى أنّ المتسوقين في أنحاء العالم كافة يستخدمون عشرات المليارات من الأكياس البلاستيكية سنويا، التي يقدّر خبراء البيئة أنها تحتاج إلى ما يقارب من ألف عام قبل أنْ تتحلل. هذه الفترة الزمنية الطويلة هي التي تجعل من هذه الأكياس مصدرا أساسيا من مصادر الخطر على البيئة. لكن هناك إحصاءات أخرى تذهب إلى أبعد من ذلك وتقدر الاستهلاك العالمي بما يربو على 500 مليار كيس بلاستيك تستعمل في أنحاء العالم كل سنة، ولا يعاد تدويرها إلا بنسبة أقل من واحد في المئة. أما بالنسبة إلينا نحن العرب، فيكفينا أنْ نعرف أنّ المغاربة وحدَهم فحسب، يستهلكون ما يقدّر بحوالي مليار ونصف مليار كيس بلاستيكي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2185 - الجمعة 29 أغسطس 2008م الموافق 26 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً