العدد 2185 - الجمعة 29 أغسطس 2008م الموافق 26 شعبان 1429هـ

أسفت... وبدوري أوضح

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

ترددت كثيرا في كتابة هذا المقال بمقدار ترددي في كتابة مقالات أخرى أسفت على كتابتها ولم أكن مضطرة لذلك، فقد لبست ثوبا غير ثوبي، ولكنني في النهاية حملت قلمي وكتبت هذا المقال لأبين ما يجب تبيانه، وتوضيح بعض الأمور الغامضة لدى البعض ووضع النقاط على الحروف، حتى لا يستغل البعض الظروف والأحوال ليضعها عني في مكانها الخطأ، طالما أن قلمي لديه القدرة على المواصلة والاستمرار في الكتابة فمن باب أولى أن يستخدم للرد على المهاترات التي تتم خلف الكواليس ومن خلف الظهور، وبجبن كبير، وبضمير لا يعرف سوى الاستخفاف بالآخرين والكلام الفاضي الذي لا له أصل ولا فصل.

لهؤلاء أقول لهم وأذكرهم بأن مهنة الصحافة مهنة المتاعب والمشاكل و «البلاوي»، وقد اعتدنا عليها ونحن مصرون على التمسك بها بإرادتنا والخيار لايزال لنا، والصحافي الناجح الذي يرغب في أن يكون له مكان متميز في عالم الصحافة عادة ما يكون ناكرا لذاته، فقلمه حر طليق يتحرك هنا وهناك باحثا عن الحقائق والحلول لا المشاكل والأزمات، لأهداف مجتمعية نبيلة، لا لأغراض شخصية ضيقة، بهدف مطاردة القضايا والمواضيع العالقة والشائكة التي تحتاج إلى إثارة بهدف إيجاد الحلول، لا بغرض الإثارة أو تحقيق المكاسب الشخصية، العمل الصحافي كما ألفناه وتعلمناه لا يتسع للأمور الشخصية ويضيق بها، ولكنه يتسع ليشمل كل القضايا المحلية والعالمية التي تستحق تناولها.

مناسبة هذا المقال وهذه المقدمة الطويلة أني كنت كتبت الشهر الماضي مقالا أثار حفيظة العديد من المراقبين، وهذا بحد ذاته أمر عادي جدا فرضى الناس غاية لا تدرك، وهناك الرأي والرأي الآخر، ولكن الغريب في الأمر أنني اتهمت حينها باتهامات كبيرة وخطيرة، وهوجمت بهجمات غير لائقة وتكاد لا تتسم باللياقة سواء في المنتديات الالكترونية أو المجالس الشعبية والجلسات الأخرى، فقد كان مقالي آنذاك حديث الساعة، سواء من قبل القراء المراقبين والمحبين لي أو من قبل المتصيدين الذين يحاولون التصيد في الماء العكر وما أكثرهم، وما أزعجهم.

هم في الغالب المرتادون للمنتديات الالكترونية الذين عادة ما يدخلون بأسماء مستعارة ويكتبون ما يحلو لهم من تعليقات غير موضوعية وغير منطقية، فهم ليسوا بمستوى الشجاعة حتى يعبروا عن رأيهم بغير أسمائهم الحقيقية، لذلك نجدهم يكتبون ما يحلو لهم خلف الكواليس، رغم كرهي لكل ما يجري خلف الكواليس لصراحتي وحبي لها، لذلك كنت ومازلت أفضل أن يوصلوا ملاحظاتهم وتعليقاتهم مباشرة للرد عليها، لكوني أصلا لا امتلك الوقت الكافي لمتابعاتها الكترونيا، كما أني لست من هواة التجول في المنتديات اصلا، ولكني اسمع واعرف بأن هناك ملاسنات ومستواها.

لم أكن يوما أتهرب من أي تعليق يرد لي من خلال القراء والمتابعين لا من خلال المكالمات الهاتفية ولا من خلال الرسائل الالكترونية، بل أعتبر نفسي متابعة جيدة لها، لدرجة أنه حتى عندما أكون خارج البحرين ويتصل أحد القراء بي بهدف إيصال ملاحظاته أو يطرح بعض المواضيع لتناولها في الصحافة فإني أرحب بذلك وادفع فاتورة المكالمة على حسابي الخاص، أما إذا كان الهدف من المكالمة الاستخفاف أو المنقصة، فهنا مثلي مثل غيري لا يرغب فيها ولا يرحب بها ومع ذلك تلقيت بعضها، أما أن يدعي البعض كما يحلو له أنني أتجاهل المكالمات فهذا كلام غير صحيح.

البعض مفلس لدرجة أن ظنونه ذهبت بعيدا عندما علق تعليقات خيالية وغير واقعية ولا يمكن أن تكون كذلك بأن هناك حاجة لمبالغ من إحدى المؤسسات الرسمية رفيعة المستوى، ما اضطرني إلى كتابة هذا النوع من المواضيع، أقول له ولأمثاله المشككين وغير الواثقين: إنني لم أكن محتاجة في يوم من الأيام إلى أية صدقة أو مساعدة من أحد، وإن شاء الله لن يأتي اليوم الذي أحتاج فيه إلى مساعدات من أحد أيضا، ليس لأنني من عائلة ثرية أو أمتلك أملاكا!، لا بل لأن كل ما أحتاجه أطلبه من الله رب العالمين، والله كريم وما في أحد أكرم منه ولا يقصر معي ولا مع غيري من المخلصين، شكرا لله رب العالمين، وكلما شكرته أعطاني المزيد فشكرا له.

ولهم أقول: لا تحملوا همي فأنا ولله الحمد قنوعة بما لدي، ولا أحتاج أية مساعدة من أحد، وإذا أتت المساعدة فأنا سأرفضها ولن أقبلها لأنني لست في حاجة إليها، كما لا أرغب في تقلد أي منصب رسمي رفيع. الحمد لله لدي وظيفة أرتزق منها، وما في أحد سيأخذ معه إلى قبره لا منصبه الرسمي ولا كرسيه وسيأخذ معه فقط وفقط عمله الصالح وسيحاسب أيما محاسبة.

همي فقط خدمة الناس، بلا مقابل بدليل أن وقتي أملأه بخدمة الناس ومتابعة قضاياهم ومشاكلهم بلا مقابل، لم أعرف المادية يوما ولن أتغير، مهما تغيرت الظروف والأحوال، لست خائنة ولن أسمح لأي إنسان أن يتجرأ ويصفني بذلك وعليهم أن يراجعوا مصطلحاتهم من جديد، وأظن أنهم لا يعرفون معاني الألفاظ والمصطلحات التي يلفظونها وإلا استخدموها في مكانها الصحيح.

أنا وغيري المتهمون لا نتساقط بل ثابتون بإذن الله ضمن الثوابت والقيم والمبادئ، ولن نحيد عنها قيد أنملة، حتى لو تغيرت نغمة طرحنا في مقال أو أكثر لأهداف تحقيق المكاسب بصورة أسرع وأكبر، والفائدة تعود علينا، وإذا كنت مخطئة في يوم من الأيام لكوني اخترت النغمة غير الصحيحة أو تناولت مقالا ما ينبغي كتابته، وجرحت بشكل غير مقصود أحدا فأنا في نهاية المطاف بشر، والبشر معرضون للخطأ، وللجميع شطحات، وعلينا أن نتعلم من أخطائنا، وأنصح أي واحد بيته مصنوع من الزجاج ألا يحاول أن يرمي الآخرين بالحجارة حفاظا على بيته الهش، والشطارة في استخدام الأسلوب الأمثل في تبيان الخطأ وليس في الإثارات والهجمات غير المبررة لشغل الفراغ وفتل العضلات.

لم أقصد جرح شعور أهالي المعتقلين في مقالي أبدا، بل كنت أهدف إلى مشاركتهم فرحهم، كما شاركتهم حزنهم قبلها، وعلى كل حال أنظر إلى المعتقلين وكأنهم إخوة لي، وأهلهم أهلي وناسي، يؤلمني ما يؤلمهم ويفرحني ما يفرحهم.

كتبت المقال وكلي أمل أن تتحقق المزيد من الإفراجات عن المعتقلين الآخرين لتكتمل حينها الفرحة في كل البيوت، وتثلج القلوب، وخصوصا أن الأعداد الباقية أقل بكثير من الأعداد التي أفرج عنها.

البشر وللأسف الشديد يحاسبون بعضهم بعضا على أمور تافهة وإن كانت النية خير ومحبة، لذلك لم أكن أرغب في أن يحاسبني بشر لا يتصفون بالعدل، ولكني دائما أطلبه من ربي، لأنه عادل ومطلع على سرائر الأمور.

وليس من الذوق ولا من اللباقة أن ينصّب الانسان العادي نفسه قاضيا ليحكم ويصدر أحكاما مزاجية لا تتفق مع مزاجه ولا هواه، بل يتمادى حين يصدر أحكاما غيبية وغير واقعية، مقياسه الخيالي قاده لأن يرى مستقبل البعض بالنسق التقليدي غير المنصف: فلانة هكذا لأن فلان صار هكذا، وعلانة ستصير هكذا لأن علان سلك المسلك نفسه فصار أن وصل إلى هناك!

هذا هراء وسخافة لا معنى لها، فليس هناك أصلا مقاييس ولا مقادير ولا قوالب يسير عليها فلان وعلان، وليست المقدمات دائما تؤدي إلى النتيجة نفسها.

لسنا بحاجة إلى مهاترات لا معنى لها، لأنه لاتزال هناك العديد من القضايا والمشاكل التي تحتاج منا تسليط الضوء عليها، ولا وقت لدينا للرد على مهاتراتكم.

وسيظل قلمي يكتب ويبحث عن كل شيء مهم ومفيد بعيدا عن المزايدات لطالما احتفظ برشاقته وبنبض حبره، سيظل يبحث له عما يريد أن يتناوله، ولهؤلاء نقول: دعوا الخلق للخالق، وسامحكم الله.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2185 - الجمعة 29 أغسطس 2008م الموافق 26 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً