جعلت معظم الأنظمة السياسية في العالم إصلاح فلسفة التعليم أولوية استراتيجية لمواجهة تحديات قضايا التنمية المحلية ومن ثم تجهيز الأفراد وتطوير مهاراتهم الأساسية لمنافسة نظرائهم في سوق عالمي يتميز بسلاسة انتقال العمالة من بلد إلى آخر. فصناع القرار في السلطة التنفيذية يرون أن الإنسان الجامعي هو الثروة الرئيسية لبناء الحاضر والمستقبل وهو اللبنة الأساسية للنمو الاقتصادي وعندئذٍ زيادة أعدادهم ونوعيتهم دليل ورمز للتطور وقد تساهم في اللحاق بالأمم المتقدمة اقتصاديا ومعرفيا. فالمفترض أن مخرجات التعليم الجامعي سينتج إنسانا قادرا على التعلم ذاتيا لمدى الحياة، وسيساهم في زيادة الإنتاجية في موقع عمله، وسيعمق دوره الأخلاقي في المجتمع والوطن.
كلفت ثلة متنوعة ورفيعة من الحقل الأكاديمي بالإضافة إلى شخصيات مرموقة من المنظمات والشركات الأميركية الكبرى لكتابة تقرير لحساب وزارة التعليم الأميركية في العام 2006 بعنوان «امتحان الريادة، رسم لمستقبل التعليم العالي الأميركي».
السبب الرئيس لكتابة التقرير المذكور هو تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للولايات المتحدة في المرتبة 12 من حيث الإنجاز بين الدول الأكثر اصطناعية في قطاع التعليم ونتيجة لهذه المرتبة المنخفضة نسبيا فقد دق جرس الإنذار لصناع القرار في الحكومة المركزية لمعرفة المسببات للوضع المتأخر الجاري ومن ثم تقديم مجموعة من المقترحات والأفكار القابلة للتنفيذ.
المؤلفون ركزوا في دراستهم على أربعة عوامل مركزية لفهم وإدراك النظام الحاضر للتعليم العالي: حرية الوصول، التكلفة، الشفافية، والقدرة على الابتكار.
أما بالنسبة إلى حرية الوصول فقد توقفت نسبة دخول الطلاب للمرحلة الجامعية إلى مستوى 60 في المئة من مجمل طلاب الثانوية مع عدم مقدرة نسبة عالية منهم من الانتهاء من المرحلة الجامعية. إحدى الصعوبات المادية هو التكلفة العالية للتعليم ومن ثم تخرج معظم الطلبة وهم مديونون للمصارف، أما بالنسبة إلى الشفافية فقد أوجدت الدراسات أن جودة التعليم معتمدة أساسا على نتائج الاعتمادية الأكاديمية والتي لاحظت اللجنة وجود بعض العيوب، وأخيرا فقد تيقنت الدراسة أن مؤسسات التعليم العالي لم تستخدم الأساليب المبتكرة الحديثة لزيادة الاستيعاب والفعالية ومن ثم الإنتاجية.
بسبب هذه النواقص فقد قدمت اللجنة مجموعة من التوصيات الإدارية والمالية لصناع القرار لمعالجة الوضع القائم لهدف المحافظة على ريادة الولايات المتحدة من بين الأمم.
تم وصف هذه التوصيات بأنها صعبة من قبل اللجنة لكنها ضرورية لتحقيق مزيد من الشفافية في إدارة المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة ويمكن للمختصين في مجال التربية الرجوع إلى التقرير المنشور على شبكة الانترنيت لمعرفة المزيد من التفاصيل.
التعليم الأكاديمي هو حجر الأساس في الدول الغربية للاستثمار المعرفي، فالمشهور أن قرارات إنشاء معظم الشركات الغربية التكنولوجية تم في الحرم الجامعي. أما بالنسبة إلى دول العالم الثالث فالصعوبات في الحرم الجامعي تنبع من وجود بعض الأمراض والسلوكات غير الأكاديمية التي تجعل وسائل الرقي صعبة فبعض الشخصيات الأكاديمية لا تستطيع أن تدرك أن نسيج المجتمع متعدد وأن الكرسي مسألة وقتية ولفترة محدودة.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2185 - الجمعة 29 أغسطس 2008م الموافق 26 شعبان 1429هـ