تحدث خطيب جامع عالي الكبير الشيخ ناصر العصفور في خطبته أمس (الجمعة) عن أهمية الاستعداد لاستقبال شهر الله الكريم، شهر الرحمة والهداية، شهر القرآن والخير والبركات، وأشار إلى أن النبي (ص) في آخر جمعة من شهر شعبان قد وجه أنظار المسلمين إلى أهمية استقبال هذا الوافد الكريم، إذ يكون المؤمنون في ضيافة الله عز وجل في هذا الشهر، فلابد إذا من التهيئ النفسي والاستعداد الروحي للولوج إلى أجواء هذا الشهر المبارك، حتى ينعم الإنسان المؤمن ببركات وخيرات الشهر الكريم، ويكون مشمولا بالألطاف والهبات الإلهية العظيمة، ولابد في المقام الأول أن نطهر قلوبنا ونحاسب فيه أنفسنا ونخلص فيه لله سبحانه وتعالى أعمالنا ونصل فيه أرحامنا ونتعاهد فيه جيراننا وفقراءنا، وأن نتوجه إليه سبحانه وتعالى بنيات صادقة وقلوب طاهرة في أن يعينا على صيامه والقيام بما فرضه علينا من الطاعات والقربات لأداء المفروضات والتطوع بالمندوبات، وكف الجوارح عن معاصيه واستعمالها فيه بما يرضيه، وملازمة أماكن الذكر والطاعة والمداومة على تلاوة القرآن والتدبر في معانيه وآياته.
وقال العصفور فلنجعل هذا الشهر المبارك شهر طاعة وعمل وليس شهر خمول وكسل، ثم استعرض فقرات من خطبة النبي (ص) في آخر جمعة من شهر شعبان.
وتحدث العصفور في الخطبة الأولى عن دور القلب وضرورة تنقية القلوب من الأحقاد والأضغان والحسد، والكبر والعصبية وغير ذلك من الآفات المرضية، وأشار إلى أن القرآن الكريم اعتبر أن الحياة الحقيقية هي حياة القلوب المفعمة بالصلاح والإيمان والتقوى، والتي تنبض بالحب والخير، وأن هؤلاء هم الذي يستحقون ان يوصوفوا انهم أحياء، أما أولئك الذين يعيشون لأنفسهم أو يعيشون الأنانية يأكلون ويشربون ويتحركون ولكن ضمائرهم ميتة قد تكلست عواطفهم وتلاشت انسانيتهم فلا تنبض قلوبهم برحمة ولا عاطفة، وهؤلاء في الواقع أموات.
وأشار العصفور إلى أن المدار على سلامة القلب ونقائه وأنه رأس المال الحقيقي ورصيد الإنسان في الاخرة، بقوله “يوم لا ينفع مال وبنون إلا من أتى الله بقلب سليم”، وذكر الحديث الشريف الذي يقول “إن لله في عباده أنية وهو القلب فأحبها إليه أصفاها، وأصلبها وأرقها”، وقال العصفور معلقا على الحديث كيف يمكن أن تجتمع الصلابة والرقة في آن واحد، وفي قلب واحد، وأجاب بان الحديث الشريف يفسر هذا المعنى حيث يقول “أصلبها في دين الله، وأصفاها من الذوب وأرقها على الأخوان”، أي ان هذا القلب الذي يوصف بانه قوي وحازم لا يتنازل عن القيم والمبادئ الحقة مهما كانت الصعاب ومهما كانت المغريات، فالأمر المهم الذي يجب أن نتعلمه هو كيف يمكن أن توظف الصلابة في الحق في موقعها، وفي مكانها المناسب، فالصلابة لا تعني التشدد المطلق ولا الإنغلاق، ولا الراديكالية المفتوحة ولا التطرف لأجل التطرف، أو لأجل الظهور بمظهر الحزم والقوة، من دون مراعاة للظروف والأوضاع، أو مناسبة الأحوال والزمان والمكان والحدث، وحساب النتائج والآثار المترتب على هذا الموقف أو ذاك.
وأشار العصفور إلى جانب العواطف الإنسانية النبيلة من الحب والرحمة والعطف، وسائر الأحاسيس الخيرة ودورها في العلاقات الاجتماعية بشكل عام أو في دائرة العلاقة الأسرية، وقال ان الإنسان إذا تجرد من العواطف النبيلة فقد تجرد من كل خير، ثم تعرض إلى بعض الأسباب والعوامل المسببة لقسوة القلب من خلال الآيات والروايات.
العدد 2185 - الجمعة 29 أغسطس 2008م الموافق 26 شعبان 1429هـ
اسماء
مرحبا