تعتبر مشاركة الأقليات في جهود التنمية أساسية لنشر ثمار التنمية على قطاعات المجتمع كافة بشكل متساوٍ. إلا أن ثقافة مشاركة الأقليات في جهود التنمية الوطنية لا توجد أحيانا في بنغلاديش، بحيث تُترَك قطاعات مهمة من دون الأدوات اللازمة للمشاركة. مع ذلك، تعمل منظمات محلية غير حكومية على ملء هذا الفراغ.
بنغلاديش دولة مسلمة بشكل كاسح ولها رابع أكبر تجمع من المسلمين في العالم. وتشكل المجموعات الدينية واللغوية والثقافية الأخرى في الدولة، كالبوذيين والهندوس والمسيحيين والإحيائيين (الأروحيين) 10في المئة من مجمل عدد السكان. وقد أصبح الإسلام في العام 1988 دين الدولة، التي تأسست كديمقراطية برلمانية تعكس تنوع الدولة الديني وطبيعتها التعددية. وتعمل الحكومة الحالية تحت حالة طوارئ معلنة منذ يناير/ كانون الثاني 2007.
لا يتمتع سكان بنغلاديش بالتجانس كما يفترض الكثيرون، وما زالت معظم الأقليات الإثنية واقعة في شرك التخلف الاجتماعي العرضي.
وعلى رغم أنه تم إدراك التعليم على أنه حق إنساني عالمي، إلا أن التعليم النوعي ما فتئ بعيدا عن متناول السكان المحليين الراغبين في التعليم في إقليم شيتاغونغ هيل تراكت في بنغلاديش.
وتؤدي الموارد التعليمية غير المناسبة، ترافقها نسبة مرتفعة من الذين يتركون مقاعد الدراسة، ومنهم 20في المئة يُعزى تركهم الدراسة إلى معوقات لغوية، إلى إيجاد بيئة لا يستفيد فيها السكان من جهود التنمية، ولا هم مؤهلون للمشاركة فيها.
ويضم إقليم شيتاغونغ هيل تراكت، الذي يقع في الزاوية الجنوبية الغربية لبنغلاديش الذي تبلغ مساحته 5092 ميلا مربعا، أحد عشرة أقلية إثنيه تختلف عن السكان في السهول المجاورة، ليس فقط من حيث التنظيم الجغرافي وإنما كذلك في عرقيتهم ووضعهم الاجتماعي الاقتصادي واللغة والثقافة والدين وأسلوب المعيشة والعادات والتقليد.
تعتبر الشاكما أكبر مجموعة عرقية محلية في الإقليم، واللغة المستخدمة بشكل كامل تقريبا، تتبعها المارما التي تستخدم في الجزء الجنوبي من الإقليم، إضافة إلى اللغات المحلية. إلا أنه يُطلَب من طلبة المدارس الابتدائية في الإقليم أخذ دروس في البنغالية، وهي لغة الدولة.
يجعل هذا الحاجز اللغوي من الصعوبة بمكان لهؤلاء الطلبة فهم الكتب المنهجية أو متابعة دروس أساتذتهم. تصبح المدرسة مملّة بالنسبة لهم فيبدأون بفقدان الاهتمام في التعليم في نهاية المطاف.
من الطبيعي أن تؤثر التحديات اللغوية في المدارس الابتدائية على التعليم العالي. تؤدي مشكلات فهم اللغة في هذه المرحلة المبكرة إلى عملية تعلّم ضعيفة، بينما تصبح المناهج أكثر سهولة للطلبة ليفهموها عندما يتم التدريس بلغة الطفل الأصلية. ويساعد هذا على انفتاح حدس الطفل وقريحته وقوة التفكير الذهني لديه.
وعلى رغم أن الجلسة الأربعين لمنظمة العمل الدولية العام 1957 تبنت قرارا (المادة 23 (1) من معاهدة رقم 107) بتقديم معونة واضحة لتعليم الطلبة المحليين بلغاتهم الأصلية، إلا أنه لم يجرِ عمل شيء يذكر من قِبَل الحكومة لتطبيق ذلك. إضافة إلى ذلك توفر المادة 33 (kha) من معاهدة إقليم شيتاغونغ هيل تراكت التي وقّعتها حكومة بنغلادش مع Parbartty Chttagram Jana Sanghati Samity PCJSS، وهو حزب إقليمي شكّل رأس حربة حركة المطالبة بالحقوق المحلية، توفر المعونة للتعليم الابتدائي باللغات المحلية. وتنص المادة 17 من الدستور البنغالي على وجوب حصول جميع الطلبة على تعليم يتكافأ مع احتياجات المجتمع، ما يشير إلى عدم وجود عائق رسمي أمام توفير التعليم باللغات الإقليمية.
في غياب المعونة الحكومية أطلق عدد صغير من المنظمات غير الحكومية مبادرة لتعليم أطفال الشاكما والمارما والتريبورا بلغاتهم الأصلية في مرحلة ما قبل المدرسة في بعض المدارس داخل المنطقة البلدية وخارجها.
من الأرجح ألا تنجح هذه المبادرة المكافِحة إلا بدعم من الحكومة الوطنية، وستستفيد من معونة المانحين الدوليين. إلا أنها إذا نجحت فقد تشكل نموذجا لبلدان أخرى ذات شعوب متنوعة اللغات تعاني من تحديات التنمية في المجتمعات متعددة الأعراق والثقافات.
* مديرة برامج في غرين هيل، وهي منظمة غير حكومية تعمل
في إقليم شيتاغونغ هيل تراكت في بنغلاديش
والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 2184 - الخميس 28 أغسطس 2008م الموافق 25 شعبان 1429هـ