العدد 2183 - الأربعاء 27 أغسطس 2008م الموافق 24 شعبان 1429هـ

الإبداع واحتضان المبدعين

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

إن الابداع والاهتمام بالمبدعين ممن لديهم بالفطرة الذكاء الحاد والانطلاقة الحرة للتعبير عما تحويه نفوسهم ومواهبهم، من الموضوعات الشديدة الأهمية والساخنة في المجتمعات الحديثة والمتقدمة...

وهو الأساس الذي يساهم في ظهور الاختراعات على أشكالها والتي تبني الدول العظيمة، وتعتمد عليها كليا لنموها العلمي والتكنولوجي، والثقافي، والسياسي والاجتماعي...

وبدورها تتصدر العالم بما تعطيه وتضيفه إلى البشرية من عطاء وإنتاج خلاق...

فهي تقودهم وتضعهم في مقدمة برامجها الإنمائية، وتوفر لهم كل طاقاتها...

لحصولهم على كل الامكانات اللازمة وتشجيعهم على الإبداع الحر من كل القيود.

وإن وجود الثروة الطبيعية في البلاد كآبار النفط وغيرها لن تكفي للاعتماد عليها والغرف منها لتطوير وتنمية أبناء البلاد!

وفي الغالب هي ثروة مؤقتة وزائلة، قد نحصل من ورائها على بعض النمو ولكنه يكون محدودا للغاية إذا لم تُنَمَّ الثروة البشرية معها جنبا إلى جنب... وهي الأداة الأساسية والمحركة، فتنمية العقول وطرائق التفكير بات فنا وعلما مهما يدرس في الجامعات ويحفز للحصول من ورائه إلى شعوب عالية الذكاء والوجاهة في التفكير كما يحدث في علم الجينات أيامنا هذه، كما لإزالة الأمراض العضوية والخطيرة والنفسية من جينات البشر وتأتي الحرية العامل الثاني للحصول على الإبداع وهي الجزء المكمل والأكيد له...! حيث مجتمعاتنا وللأسف مكبلة بالعوامل الأسرية والاجتماعية والضغوطات الحياتية والنفسية والواجبات، والقمع يسود معظم الفئات فالكبار يسيطرون على الصغار، والرجل يقمع المرأة بتحديه لها دائما وله الغلبة كمجتمع شرقي، والقوي يقمع الضعيف، والدولة تقمع المجتمع بقوانينها البيروقراطية المجحفة في كثير من الاحيان وبالذات في حقوق المواطنين وأكل عيشهم وتعطيل أعمالهم لأي مشروع أو نشاط يريدون القيام به وتطلب منهم الأوراق التي لا حصر لها ولا عدَّ ومن دون مبرر أو حاجة رئيسية إلى ذلك إلا تأخيرهم في أعمالهم... فكيف يأتيهم أي نوع (حتى ولو بمجرد التفكير) من الإبداع ويكاد الوقت يأخذهم ويستهلك كل طاقاتهم لأداء أي عمل كان!

ثم تأتي التفرقة الطبيعية، والطائفية والسياسية وخدمات التجنيس السريع، ما يضيف خلخلة واضحة وخوفا مجتمعيا وأجواء تنافسية غير متكافئة بين الغريب والمستجد وأبناء البلاد... وتحد من سقف الحرية والإبداع، وخصوصا أن دولنا لا تبحث أو تحث على الابداع بسياساتها سواء بالاخذ بأيدي المبدعين أو تدريبهم إلا فيما ندر! وفقر المؤسسات الثقافية من الناحية المادية والاجتماعية أيضا شديد!

ثم نجابه بالكبت الديني وادخال الناس في متاهات الحلال والحرام والفتاوى التحريمية والتي لا تستند أحيانا إلى النصوص الواضحة أو الصريحة فتلعب دورها في احداث البلبلة في سلوك الناس وتهميش أنشطتهم خوفا وتوجسا من السماء!

فتضيق معها الآفاق الإبداعية، ويتناقص شعور الفرد بالثقة لدفعه إلى الأمام.

إن العمل والابداع هما الثروات الدائمة أبدا والحقيقية لبقاء وتطور البلدان وعزها... وأخيرا، ولاختصار كل ذلك أقول، إن النضال والتواصل مع الحياة وشعور الفرد بإنسانيته هو الطريق للصمود والصعود للحصول على الحرية.

وقد يأتينا الابداع صدفة... أو لا يأتي أبدا إلى أن تتغير أشياء ومفاهيم كثيرة... وحينها لا يصح الا الصحيح! والزمان كفيل ورقيب!

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 2183 - الأربعاء 27 أغسطس 2008م الموافق 24 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً