العدد 2183 - الأربعاء 27 أغسطس 2008م الموافق 24 شعبان 1429هـ

دعوة لتفريغ عبدالله السعداوي... امنحوا السعداوي فضاء!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

في الوقت الذي تبادر فيه بعض الجهات إلى تفريغ بعض «رجالات الفضيلة الإسلامية» لاقتراف أبشع الرذائل السياسية الطائفية في حق الوطن والمواطن عبر مختلف المنابر الشرعية المتاحة بالمرصاد، وفي مثل هذه اللحظة الزمنية يتصاعد نداء عميق وقوي في الطرف الآخر؛ لتفريغ المبدعين الكبار من أبناء هذا البلد الطيب المعطاء، وذلك من خلال دعمهم وإسنادهم بأبسط وسائل الدعم والإسناد وأكثرها سموا من خلال تفريغهم ومنحهم الفضاء المؤاتي الذي يخوّل دفق إبداعهم الأصيل مزيدا من التجدد والتألق والاستمرارية عسى ألا يقايضوا رحيق الإبداع بخبز الحاجة المعيشية و ضفائر الخيال الشهي بسلالم الواقع الواقع!

ومن بين أولئك المبدعين الكبار الذين كانت للدعوة إلى تفريغهم ومنحهم مبتغى ذاك الفضاء الأزرق الحلمي أصداء إقليمية وعالمية تسنمت أعراف الفضاء الإلكتروني هم المسرحي البحريني الكبير الوالد عبدالله السعداوي الذي طال حلم تفريغه كثيرا جدا وتشربته عروق وشرايين ونسغ المشهد الإبداعي المحلي والإقليمي حد الثمالة التي ترددت على مدار حقائب وزارية وتعيينات وظيفية من دون أنْ تتزحزح عن حافة الوعي.

ولعلي بعد استراحة وتوقف عن الكتابة أعتذر للسعداوي عن طول تأخري في طرح هذا الموضوع وأن أعلن عن كوني أتشرف كثيرا بأنْ أعلن عن ضم صوتي إلى ذاك الصدى الهائل والعميق الداعي إلى تفريغه ومنحه الفضاء المرجوّ؛ ليواصل بتشريف وخدمة السمعة الثقافية والفنية للبحرين بأفضل وأسمى شكل ممكن، وإنْ كان صوتي أساسا معه منذ الأصداء الأولى لهذه الحملة.

فإن تضم صوتك في موكب السعداوي فهو يعني أبسط الجميل وشرف لو تعلمون عظيم، فأنت تضم صوتك إلى إنسان كبير، ومثقف موسوعي، ورائد، ورمز وقامة إبداعية بحرينية مجددة لا يمكن أن تختزل أو تتجاوز مهما يكن مواقفك الفنية وذائقتك الفنية تجاهها، فهو الذي ينتقل معه مسرحه كما لو أنه حقيبة أو مسبحة... ويبدأ كما قد انقطعت الجملة بغتة وخلسة دون سابق إنذار ودون وافر حلية وماكياج يجعل من الممثلين خشبا مسندة، فتقوم المسرحية ويتوزع الممثلون أو الممثل ذاته بموهبة ورشاقة عالية على محيط أكثر من شخصية وحكاية وذاكرة وحلم، ويشترك معه ربما أنت والجمهور في شكل حي ضمن سكة النص وارتجاليات الممثل، فالمكان والزمان لا يهم طالما أنّ ينبوع المسرح يحي رميم جثمانها وأشلائها ويحرك أثقالها النسبية بخفة الهواجس والأحلام!

ولأعترف بأنني ومنذ الصغر لطالما كنت مجذوبا ومختلبا تجاه قامة وكاريزما السعداوي وبالأخص لحيته التي أصبحت الآن بيضاء كندف الثلج كما قال عنها وكما أعاد إحياء تلك العبارة الزميل محمد العثمان مجددا في مقاله حول تفريغ السعداوي، فهام بي الخيال كثيرا إلى حد كنت أتخيّل السعداوي بملامحه وقسماته الفارقة كما لو أنه من بين الإغريق القدماء فما أن أقرأ لهوميروس أو هيرودوت أو سوفوكليس أو سخاليس حتى ما تتمرأى أمامي صورة السعداوي ومظهره كما لو أنه ناسك في سبحانية المسرح أو متصوف مسرحي يؤمن بقدرة المسرح على تحقيق السعادة الحقيقية والانتماء والنماء الدافيئ حينما تفني وتتمازج فيه مجمل صراعات الذوات البشرية المغتربة.

وكما حكى العثمان حكاية طريفة عن لحية السعداوي والوبال والصورة السيئة التي جلبتها له عند أميي الثقافة والفن فإنني وبالمثل عاصرت مثل هذه الحكايات البائسة على أكثر من مشهد، فمنهم من قال إن لحية السعداوي هي لحية «تكفيري» يمارس التقية المسرحية، ومنهم من قال أنها لحية أيديولوجية فهي لحية «ماركس» أو لحية «كاسترو» وآخر زعم أنها لحية شيخ أو مريد صوفي «مهرطق» لإبعاد الناس عن الاهتمام بشئونهم وقضاياهم في الدنيا والآخرة، ولكن بين مختلف الأحكام والفتاوى الظلامية التي طافت وجالت باطلا تجاه اللحية السعداوية إلاّ أنه لم ير أي حكم جاهل ذاك الفرق الملحوظ بين لحية السعداوي التي تعشش فيها عصافير المحبّة وأفراخها، وبين لحى الإقصاء والتكفير التي تخفي باطنا بمجاهل موغلة في الحقد والكراهية وقد تستخدم نفاقا وتزلفا كحبال للتسلّق على أبراج ومقاعد ذوي الحظوة والسلطان!

وحتى لا نتوه في فوضى اللحى وننشغل بأمر لحية السعداوي الجذابة دون أمر ودعوى تفريغه وهي الأهم فإننا في النهاية لا نخفي أمر تفاؤلنا وثقتنا الكبيرة بأنْ يتم تحقق هذا الحلم البسيط في عهد الوكيل المساعد للثقافة والتراث الوطني الشيخ راشد بن عبدالرحمن آل خليفة وهو ما يشاركني به عددٌ من الزملاء ومن رفاق السعداوي المستبشرين خيرا بجهود الشيخ راشد لحلحلة تلك الأزمة، وإنْ كنت شخصيا ومن خلال الالتقاء معه قد لمست عنده همّة عالية وطموحا كبيرا لإحياء الثقافة والتراث الوطني والنهوض به من جديد كسابق عهده ولحل الأزمات التي تؤرق المثقفين والمبدعين البحرينيين، فمتى سيتحقق ذلك الحلم؟

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2183 - الأربعاء 27 أغسطس 2008م الموافق 24 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً