في هذا الأسبوع كان وزير الدولة لشئون الإعلام والاتصالات الأردني ناصر جودة ضيفا على البحرين. ويوم الإثنين الماضي دعا نائب رئيس الوزراء الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة عددا من الوزراء ورؤساء التحرير إلى وجبة غداء على شرف الوفد الأردني، وكنتُ ممن حضر واستمتع بالحوار الذي دار على المائدة.

جانب من الحديث دار حول مدى توافر الحرية الإعلامية في بلداننا ومقارنتها بالدول الغربية، وكيف أن هناك حدودا للمساحات المتاحة في المجال الإعلامي. ومن بين ما قاله أحد أعضاء الوفد الأردني إن الدولة لا يمكنها أن تتخلى عن سيطرتها على جانب من الإعلام - مع وجود إعلام خاص - لأن الإعلام يعتبر ذراعا مهمة استراتيجية. ومن دون شك، إن الإعلام له دور أمني، ولكنه أيضا يمثل ذراعا استراتيجية للتنمية الاقتصادية، ويمثل ذراعا استراتيجية للتنمية السياسية... بل إن منظومة التشريعات الدولية تتجه الآن لاعتبار الإعلام والمعلومة «أحد حقوق الإنسان الأساسية».

الحديث دار أيضا حول جدوى وجود وزارة إعلام؛ إذ إن الدول المتقدمة ليس لديها وزارات إعلام، وكان من بين الردود أن من ألغى وزارات الإعلام في منطقتنا العربية لم يغيّر من واقع الأمر شيئا. وهذا أمر صحيح؛ لأن الإلغاء بحد ذاته لا يقدم ولا يؤخر، إلا إذا كان ذلك ضمن رؤية استراتيجية وخطة وطنية متكاملة تقوم على إطلاق حرية الرأي المسئول، وإبعاد القسر السياسي عن صناعة الإعلام، وهناك فرق بين «القسر» و «الضغط». الضغط جزء لا يتجزأ من العمل السياسي، والجميع - في مؤسسات الدولة والمجتمع والاقتصاد - يمارس ضغطا من نوع ما، ولكن المشكلة تكمن في حال قامت مؤسسة ما بممارسة «القسر السياسي»، وعندها يتم تعطيل حرية الإنسان في التفكير ويتحوّل المرء إلى مجرد موظف مأمور، ينتظر الأوامر، وعندها تبدأ البلد بالانحدار إنسانيا.

إننا بحاجة إلى قطاع إعلامي حكومي متطوّر يواكب العصر تكنولوجيا وفكريا وحرفيا، كما أننا بحاجة إلى إفساح المجال للقطاع الخاص لإنشاء محطات إذاعة وتلفزيون، تماما كما أفسح المجال للشركات الخاصة لإصدار صحف؛ ذلك أن القطاع الإعلامي من أكثر القطاعات التي تجذب الموارد البشرية المتطوّرة، وهو يحتاج إلى رؤية بعيدة المدى تتسم بالحكمة والشجاعة لإطلاقه