العدد 2182 - الثلثاء 26 أغسطس 2008م الموافق 23 شعبان 1429هـ

حان حساب «المستوردين»

محمد مهدي mohd.mahdi [at] alwasatnews.com

رياضة

ها قد انتهت بعثتنا من مشاركتها في دورة الألعاب الأولمبية في بكين ،التي اختتمت يوم الأحد الماضي، وكان نصيبنا فيها ميدالية ذهبية واحدة فقط جاء بها العداء رشيد رمزي، وفشل ذريعٌ لبقية المشاركين، وأقصد هنا من كانت الأمنيات والآمال تعلق عليهم تحقيق ولو على أقل التقادير ميدالية برونزية، فكان حظنا أنهم جاءوا في المراكز الأخيرة، كما هو الحاصل مع مريم جمال التي كانت تنافس على الذهب، فإذا بها تتنازل عن جميع ألوان الميداليات، وطارق مبارك الذي شارك مع رشيد في نهائي سباق 1500 متر، وكان قريبا جدا من تحقيق إنجاز فريد للبحرين بتحقيق ميداليتين في سباق واحد، إلا أنه توارى عن الأنظار وجاء ثامنا، وأيضا ليس ببعيد عن يُوسف كمال الذي جاء خامسا في سباقه النهائي.

في نهاية ذلك لم نستفد من هؤلاء إلاّ بميدالية واحدة، إذ لم يكن جميع عدائينا «المستوردين» من أجل هذا الهدف عند المسئولية، إذا ظهر أنّ هؤلاء العدائين كانوا يُدافعون عن أسمائهم قبل اسم البلد الذي يلعبون من أجله، وهذا ما اتضح خلال السباقات النهائية التي شاركوا فيها، إذ كانوا يتنازلون عن الفضة والبرونز بعد أن خسروا الذهب، والكل يعلم أن البحرين أو حتى أية دولة تسعى للفوز ربما ليس بالذهب أو الفضة وإنما فقط للبرونز، وهذا ما لم يحدث معنا، فشاهدنا مريم جمال وهي تترك الميداليات الواحدة تلو الأخرى بعد خسارتها الذهب؛ لتندب حظها، وشاهدنا طارق يواصل السباق وهو في المقدّمة حتى إذا ما سبقه أحد العدائين للذهب ترك البقية.

في مقابل كل ذلك شاهدنا نموذجا آخر من الرغبة في رفع العلم البحريني متمثلا في رقية الغسرة، التي رأيناها تنطلق متأخرة في سباقها بنصف النهائي، إلاّ أنها سعت وركضت بأسرع ما لديها وجاءت خامسة، وباعتقادي لو كان أحد «المستوردين» مكانها لكان المركز الأخير حليفه في ختام السباق.

في الأخير، هل لنا أنْ نستفيد من نتائجنا في هذه الدورة وبالتالي القيام بتصحيحها قبيل انطلاقة الدورة المقبلة المقررة في لندن 2012، بالتأكيد لا، إذ اننا قومٌ لا نعرف الاستفادة من التجارب السابقة التي تعلمنا أنّ «المستوردين» مثلا لن يكونوا قادرين على التضحية من أجل البلد الذي يلعبون باسمهم بقدر ما يلعبون لأسمائهم، وأنّ سياسة الاستيراد الفاشلة التي نلاحظها لن تخدم بلدا يسعى لدخول العالمية ومنافسة الدول الأخرى، إذا لم يكن الكل فعلى الأقل البعض، وأن المواطن هو الوحيد القادر على التضحية بكلّ الغالي والنفيس من أجل بلده التي تربى فيه، خصوصا أن كل الأمور كانت متوافرة حقيقة؛ لأنْ يحقق هؤلاء ميداليات ملونة، ولا سيما أن البحرين قامت باستيرادهم من أجل تحقيق غايتها بالفوز الأولمبي.

سيكون على المسئولين المعنيين بهذه المشاركة دراسة السلبيات والإيجابيات وعرضها على الجميع، وتلافي هذه السلبيات وعدم تكرارها في المرات المقبلة، وهذه على الأقل عادتنا، ورجاء أن نبعد عنّا الأسباب الوهمية التي بدأت منذ فشل مريم جمال وتعللنا بأنها مريضة قبل السباق، فهي لو فازت غاب المرض، ولكنها خسرت فظهر! وبالتالي فإنّ الأسئلة الكثيرة التي كانت تطرح سابقا من غياب أسماء هؤلاء عن المنصات في الملتقيات العالمية لألعاب القوى التي سبقت أولمبياد بكين، ستعود للطرح من جديد، وسيكون السؤال الأكبر، ماذا حقق هؤلاء أكثر من ميداليات ذهبية لا تعد على أصابع اليد الواحدة ومنذ سنوات، وكأنهم أمسوا غير قادرينَ على إعادة الإنجاز من جديد، وهذا يحتم على المؤسسة العامّة للشباب والرياضة المسئولة الأولى عن تجنيس أو استيراد هؤلاء أنْ تقوم بدورها في الرقابة والثواب والعقاب.

أسئلة كثيرة ربما تتطرح في أذهان الكثيرين مفادها، أنه ما دام هؤلاء لم يحققوا المبتغى، فلماذا تواصل البلد تجنيسهم وهم الذين لم يكونوا قادرين على أقل التقادير على المنافسة الحقيقية، وأنه بالتالي علينا أنْ نعيد أفكارنا بخصوص هذه العملية الفاشلة ونعمل على تصحيحها.

إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"

العدد 2182 - الثلثاء 26 أغسطس 2008م الموافق 23 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً