تناقلت وسائل الإعلام ملخص نتائج المسح الديموغرافي الذي أجرته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات بوزارة الاقتصاد والتخطيط في السعودية للعام 2007، والذي جاء فيه، وفقا لما نشرته صحيفة «الوطن» السعودية، أن نسبة انتشار الأمية بين السكان السعوديين بلغت 13,7 في المئة. وقالت الصحيفة: «بلغت نسبة الأمية 1,4 في المئة للفئة العمرية من 10 إلى 14 سنة، في حين وصل أعلى مستوى لها في الفئة العمرية من سن 65 فأكثر والبالغ عددهم 509573 نسمة إلى نسبة 73,9 في المئة، الأمر الذي يثبت أن الأجيال من الفئات العمرية الأصغر أوفر حظا في الالتحاق بالتعليم والقدرة على الكتابة والقراءة.»
تثير هذه الأرقام قلق المواطن العربي بشأن واقع الأمية في بلادنا، كما أنها تثير علامات استفهام وتعجُّب كبيرة بشأن مدى جدوى، قبل الحديث عن نجاح، مشروعات وبرامج محو الأمية في البلاد العربية، وخصوصا أننا العرب نحتفل مرتين بيوم محو الأمية، الأول في الثامن من يناير/كانون الثاني من كل عام وهو اليوم العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، كما أقرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) والثاني هو الثامن من سبتمبر/أيلول، وهو اليوم العالمي لمحو الأمية وتعليم الكبار، كما أقرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، «يونسكو»
لكن، وقبل الحديث عن الأمية ونسب تفشيها ومعدلات محوها، ينبغي لنا لفت النظر إلى أن تعريفات «محوالأمية» اليوم لم تعد تحصر نفسها في التعريف التقليدي لهذا التعبير والذي يشمل محو الأمية الأبجدية أو الأساسية فقط، والتي تعني عدم معرفة القراءة والكتابة والالمام بمبادئ الحساب الأساسية. لقد تجاوزت التعريفات المعاصرة هذا التعريف التقليدي والضيق كي تنطلق نحو آخر أكثر شمولية واتساعا وملاءمة لمتطلبات العصر، والذي يرى في الأمية مرضا اجتماعيا حضاريا ذا أبعاد كثيرة تشمل فيما تشمل: الأمية التقنية، والأمية المهنية، ومن ثم فعندما نحصي معدلات الأمية المعاصرة ينبغي أن تكون مقاييسنا لها معاصرة أيضا.
وقد ميز المؤتمر الدولي الرابع لتعليم الكبار الذي عقد في باريس العام 1985 بين نوعين من الأمية هما الأمية الوظيفية والأمية الاجتماعية، وتم ربط محو الأمية بتعليم الكبار، باعتبار محو الأمية خطوة أساسية أولى لعملية تعليم الكبار في التعليم غير النظامي.
كذلك، قبل الدخول في واقع ونسب الأمية في البلاد العربية، نرى من الأهمية بمكان استرجاع بعض أرقام الأمية على المستوى العالمي. فوفقا لأرقام تقرير التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، سوية، مع تقرير البنك الدولي للعام 2001، سنجد أن هناك 16 دولة من دول العالم اليوم قد تخلصت من الأمية نهائيا، وهناك 73 دولة أخرى تراوحت نسبة السكان الأميين فيها بين 1 في المئة و19 في المئة من إجمالي سكانها. لكننا سنكتشف أيضا أن هناك 22 دولة فقط ظلت نسبة الأمية فيها مرتفعة إلى أكثر من 50 في المئة وتقع 13 دولة منها في القارة الإفريقية جنوب الصحراء.
وعلى المستوى العربي دعت «الألكسو» في العام الماضي إلى «تكثيف الجهود لتقليص نسب الأمية، مؤكدة أن البيانات الإحصائية في البلاد العربية تشير إلى أن عدد الأميين من الفئات العمرية التي تزيد على 15 عاما، ارتفع عموما من 50 مليونا في العام 1970 إلى 70 مليونا في العام 2005. وتبلغ موازنة «ألسكو» - وهي من الهيئات المتخصصة التابعة إلى جامعة الدول العربية ومقرها تونس - حوالى 19 مليون دولار. كما ورد في التقرير أيضا أن عدد الإناث في الرقم المذكور يقترب من ضعف عدد الذكور. وقد احتلت مصر المرتبة الأولى بـ 17 مليون أمي، تليها السودان ثم الجزائر والمغرب واليمن، في حين احتلت الرتب الأولى في باب نقص الأمية كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر، ثم البحرين والكويت.
ومن باب الأمانة هنا لابد من مقارنة تلك الأرقم، مع أرقام عربية أخرى وردت في تقرير المجلس العربي للطفولة والتنمية الذي يذهب إلى القول إن «نحو نصف سكان العالم العربي ممن تجاوزوا 15 عاما أميون، وإن أعدادا من الأطفال العرب لا يلتحقون بالمدارس وتتسرب أعداد أخرى من الملتحقين بها، ويقدر المجلس عدد الأميين في الدول العربية «بـ60 مليونا من إجمالي عدد السكان فوق سن الـ 15 بنسبة 48,4 في المئة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2182 - الثلثاء 26 أغسطس 2008م الموافق 23 شعبان 1429هـ