سُئل القائد الفرنسي نابليون بونابرت: كيف استطعت أن تولد الثقة في نفوس أفراد جيشك؟
فأجاب: كنت أرد بثلاث على ثلاث... من قال لا أستطيع قلت له حاول، ومن قال لا أعرف قلت له تعلم، ومن قال مستحيل قلت له جرب.
بونابرت في هذه العبارات الثلاث المختصرة كان ينقل دروسا مهمة من خلال تجربته في قيادة الجيوش العسكرية والحملات التي أشرف عليها، إذ إن كثيرا من الناس يظلون جاهلين ومتهاونين لما يمتلكونه من قدرات، أو أنهم يظلون حبيسي الصورة الذهنية المرتسمة في عقولهم، ولا يتركون أي مجال لتغيير هذه الصور والمعتقدات التي لديهم، حتى أن البعض ينفر ويقشعر شعر جسده دفاعا عما يعتقده صحيحا من أفكار وتصورات.
وإن أخذنا في التدرج في الإجابات الثلاث، نجد أن بونابرت كان يدعو من يدّعي أنه لا يستطيع إلى «المحاولة»، إذ إن كل ما حققه الإنسان كان يوما أمرا غير ممكن ولا يستطيع الشخص أن يقوم به، إلا أنه بالمحاولة والفشل وتكرار المحاولة من جديد قد حقق لنفسه ما عجز سابقا عن إتيانه، فلماذا نجيب اليوم على ما يطلب منا بأننا لا نستطيع؟ وأين هو شرف المحاولة إذا إذا لم نتعثر مرة ونقف بعدها لنواصل الطريق، فآينشتاين كان يقول «لن أقول إني فشلت ألف مرة، ولكني اكتشفت أن هناك ألف طريقة للفشل».
وعن الإجابة الثانية لمن كان يقول إنه لا يعرف، كان بونابرت يجيبه بـ «تعلّم»، أي أن ما لا تعرفه هناك من يعرفه، وهناك وسيلة لتعلمه، وحتى إن لم يكن أحد في هذا العالم يعرف، فكن أنت من يبحث عن الطريقة، فلا مفر لك لأنك لا تعرف الآن كيفية القيام بالأمر المطلوب، إذ من واجبك التحرك من أجل تطوير نفسه عبر التعلم والتنور في مجال عملك.
الثالثة، كانت بمن يصف أمرا أنه مستحيل، إذ يجيبه بونابرت بعبارة «جرب»، والتجربة على أرض الواقع جعلت من المستحيلات التي لم يكن حتى خيال الإنسان قادرا على إدراكها أمرا واقعا وملموسا بالأيدي كالطيران وبلوغ القمر ورؤية من يبعد عنا آلاف الكيلومترات على بعد شاشة، كلها تحققت بالتجارب واختبار ما يمكن أن يجعل المستحيل ممكنا.
الخلاصة هي أن ما كان يردده بونابرت على جنوده ليس سوى صيغ غير مباشرة لهزيمة الخذلان والكسل والجهل في نفوسهم، والدفع نحو ما هو إيجابي في هذه الحياة، وبالتالي ولد دينامو بونابرت الثقة في نفوس الجيش المستنير بحب التعلم والمحاولة والتجربة حتى فيما هو مستحيل إيجاده
إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"العدد 2182 - الثلثاء 26 أغسطس 2008م الموافق 23 شعبان 1429هـ