العدد 2182 - الثلثاء 26 أغسطس 2008م الموافق 23 شعبان 1429هـ

مسجد محمد علي عمارة عثمانية بروح مصرية

في عهد محمد علي ظلت القلعة مقرا للحكم، وعاد الاهتمام بها فأصلحت أسوارها وأبراجها وأبوابها وشيدت فيها ثكنات عسكرية ومصانع للذخيرة، بالإضافة لمجموعة معمارية تركية ضخمة منها جامع محمد علي وقصر الجوهرة وقصر العدل وقصر الحرم.

ولد محمد علي سنة 2811 هـ 8671م بمدينة قولة، من ثغور مقدونيا، ولما بلغ أشده التحق بالجيش، وتجلت شجاعته ورقي إلى رتبة بلوك باشي أو قائد فرقة، وقررت الدولة العثمانية في العام 1081م إرسال حملة تركية لطرد الفرنسيين من مصر بمساعدة إنجلترا، فانتظم محمد علي في سلك القوة البحرية التي اشتركت في واقعة أبي قير وظهر اسمه في هجوم الجيش التركي على الرحمانية التي أخذها من الفرنسيين.

ولما خرج الفرنسيون من مصر رقي إلى رتبة لواء وعين على أربعة آلاف جندي ألباني، ثم أرسله خسرو باشا الوالي العثماني الجديد إلى الصعيد لمحاربة المماليك، ولكن محمد علي وصل متأخرا ففكر خسرو في الغدر به، فتحالف محمد علي مع عثمان البرديسي زعيم المماليك وتمكن من عزل الوالي سنة 3081م.

وحدثت اضطرابات في مصر انتهت بحصار الشعب المصري لـ خورشيد باشا الوالي العثماني في القلعة، وطالبوا الدولة العثمانية بتعيين محمد علي باشا واليا على مصر، فصدر الأمر بولايته في سنة 0221 هـ 5081م.

وفي سنة 1481م صدر الأمر من السلطان عبدالمجيد إلى محمد علي باشا الكبير بتثبيته على عرش مصر مع إقرار حقوق الوراثة في ذريته من بعده، ويعد ذلك استقلالا بمصر عن الحكم العثماني.

وحكم محمد علي مصر لمدة خمس وأربعين سنة، وبعد أن أتم محمد علي إصلاح القلعة، وفرغ من بناء قصوره ودواوين المالية والجهادية والمدارس، رأى أن الحاجة ماسة إلى إنشاء مسجد لأداء الفرائض وليكون مدفنا له يخلد اسمه، فعهد إلى المهندس التركي يوسف بشناق بوضع تصميم له، فوقع اختياره على مسجد السلطان أحمد بالاستانة «استانبول»، واقتبس منه مسقطه الأفقي بما فيه الصحن والفسقية «الميضأة» مع تحويرات طفيفة، إلا أننا نلاحظ أن مسجد محمد علي بالقلعة في القاهرة له روح مصرية متميزة فلقد قام بأعمال الحجارة والنحت والرخام عمال مصريون إلى جانب أعمال الأهلة النحاسية وطلائها بالذهب التي صنعت في بيت النخاسين بالموسكي في القاهرة.

إنشاء المسجد

كان الشروع في إنشاء مسجد محمد علي سنة 6421هـ 0381م، واستمر العمل فيه من دون توقف حتى توفي محمد علي سنة 5621هـ 8481م فدفن في المقبرة التي أعدها لنفسه بداخل هذا المسجد الذي اكتمل بناؤه كاملا من أسوار وقباب ومنارات وكتابات تعلو الشبابيك الخارجية والداخلية، بما فيها كسوتها الرخامية على ما هي عليه الآن.

وقد عني إسماعيل باشا بإصلاحه في سنة 0821هـ (3681م) وهذا المسجد صمم على نمط العمارة التركية وفي نهايته من الغرب برج الساعة التي أهداها لويس فيليب ملك فرنسا لمحمد علي.

ويعد موقع هذا المسجد من أجمل المواقع، إذ يشرف على القاهرة من أعلى مكان بالقلعة مطاولا السماء بمنارتيه الرشيقتين وقبته الكبيرة ويرى من أغلب نواحي القاهرة. والمسجد في مجموعة مستطيل البناء، وينقسم إلى قسمين القسم الشرقي المغطى بالقباب، والغربي وهو الصحن المكشوف تتوسطه فسقية الوضوء ولكل من القسمين بابان متقابلان أحدهما قبلي، والآخر بحري، والقسم الشرقي مربع الشكل طول ضلعه من الداخلي 14 مترا، تتوسطه قبة مرتفعة قطرها 12 مترا وارتفاعها 25 مترا عن مستوى أرضية المسجد محمولة على أربعة عقود كبيرة متكئة أطرافها على أربعة أكتاف مربعة تحوطها أربعة أنصاف قباب، ثم نصف خامس ليغطي بروز المحراب، وذلك خلاف أربع قباب أخرى صغيرة بأركان المسجد.

العدد 2182 - الثلثاء 26 أغسطس 2008م الموافق 23 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً