العدد 2213 - الجمعة 26 سبتمبر 2008م الموافق 25 رمضان 1429هـ

الممثلون في دول شقيقة... ينجحون في الأداء وتعوق تميزهم اللهجات

لو جال مشاهدٌ من دول شرق الوطن العربي عبر محطاتٍ تابعةٍ لدول المغرب العربي، لصادف بالتأكيد مسلسلات وبرامج تقدم من قبل وجوه لا يعرفها، وبلهجات ومفردات لا يفهم غالبيتها. في مقابل هذا سيجد المشاهد المغاربي أن وجوه الممثلين الخليجيين مثلا غير مألوفة له، ولعله لن يعرف الكثيرين منها، كما أن بعض الكلمات والتعابير قد تصعب عليه.

بات متعارف بشكل أو بآخر، أن لكل منطقة دراما تختص بها، تهتم بقضاياها بشكل أساسي، تُقدم بلهجاتها، وتؤدى من قبل أبناء بلدها، وإن كانت المنافسة الدرامية في السنوات الأخيرة تدور ما بين المسلسل السوري، ودراما الخليج، ورواد الشاشات العربية المصريين، وإن تفاوتت الأساليب ما بين هذه المناطق، فيتقدم نوع على نوع من حيث جودة وأهمية العمل المقدم للجماهير بين الحين والآخر ويتراجع آخر لحساب غيره. وكما يبدو أن هذه الثلاثية المتنافسة دخل عليها في الفترة الماضية متنافس جديد، أطل في العام الماضي، وأوجد لنفسه مكانا أقوى في العام الحالي، فالأعمال المشتركة ما بين عدة دول عربية سواء من حيث الإنتاج أو الممثلين أو القصة أو حتى الحيز المكاني الذي تدور فيه الأحداث، تنتشر على مختلف الفضائيات العربية، تفرض لنفسها حضورا واضحا عاما بعد عام.

فبعد أن كنا نصنف المسلسلات ونقسمها وفقا للممثلين الذين يمثلون الأدوار فيها، بات العمل الدرامي اليوم ينتج في مصر على سبيل المثال فيمثل فيه فنانون سوريون ومصريون، وقد يخرج من قبل مخرجين سوريين، ويعرض على محطة لدولة ثالثة قد تكون إماراتية أو لبنانية...

البعض استهجن هذه الخلطة الجديدة في تقديم الأعمال، وخصوصا حين يقدم الفنان دورا لثقافة ليست بغريبة عليه لكنه غير متمكن منها، فبعض الممثلين السوريين المعروفين والمحترفين مثلا، قاموا بأداء مميز في أعمال مصرية، جسدوا فيها أدوارا مختلفة، ولا يمكن أن ننفي هنا أن الكثيرين منهم نجحوا وحقق حضورا مميزا، إلا أن الكثير من الانتقادات لاحقت أداءهم وخصوصا فيما يختص بموضوع اللهجات، فعلى رغم أن غالبية المشاهدين العرب يفهمون اللهجات المصرية على مختلف أشكالها، فإن اتقان روح اللهجة يبقى صعبا على الكثيرين، وخصوصا أن اللهجات ليست مجرد كلمات بل هي تعابير وانفعالات وحياة معاشة تنعكس في الأسلوب وفي الأداء، وهذا هو الذي لم يتمكن من تأديته جميع الفنايين.

ولعل من أبرز الأمور التي جعلت الناس لا تتقبل هذه الوجوه في البداية في أعمال تنتج في غير دولها، أننا اعتدنا أن نشاهدهم بشكل معين وضمن لهجاتهم وبيئتهم، فلم يكون انتقال أداء الممثل النوعي سهلا على المشاهد، الذي بات يحفظ حركات وأساليب نجوم الشاشات العربية عن ظهر قلب لكثرة ما يشاهد من مشاركات له في أعمال تلفزيونية.

في مقابل هذه الانتقادات لأعمال متنوعة التكوين، هناك من يرى فيها خطوة قوية للدراما العربية للأمام، فهي ستفتح المجال لأن تتنتج أعمال تلفزيونية ذات جودة وأداء عال، فالمخرجون السوريون الذين بات يعرف عنهم تميزهم في مجالهم، لا يمكن لهم أن ينفوا القدرات المميزة للممثل المصري الذي تراكمت عنده التجربة على مر السنين، والممثل الخليجي الذي بدأ يؤسس لدراما قادرة على أن تحاكي وتعالج واقعه، لا يستطيع أن ينفي أو يلغي القدرات الموجودة عند الأطراف الأخرى.

فالمشاركة في بعض الأعمال ما بين الأطراف المتنافسة، قد يخلق أعمالا تتفوق على المحلية وتتجاوز الحصار المفروض عليها ضمن قواعد الإنتاج في مكانها، مما قد يعطي الكثير من النصوص الدرامية فرصة لأن تصل إلى المشاهد في قالب يبتعد عن النمطية التي بدأ المشاهد العربي يعرف كل خطواتها.

وسواء أكان المسلسل الدرامي المشترك قد حقق نجاحا ملفتا للأنظار في هذا العام، أو أنه مازال بحاجة إلى الكثير من التجارب والمحاولات، فإن المشاهد العربي سيتقبل هذا النوع مع الزمن، وخصوصا إذا كانت هذه الأعمال ستقدم بفنية وتقنية وحرفية أعلى، وستأتيه بالجديد بعد أن سأم من روتين مسلسلات رمضان التي تتكرر عاما بعد عام.

العدد 2213 - الجمعة 26 سبتمبر 2008م الموافق 25 رمضان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً