عصر الأربعاء الماضي، شب حريق ضخم في أحد المنازل في قلب العاصمة المكتظة بالعمال الآسيويين، ولحسن الحظ تمكن رجال الدفاع المدني من إنقاذ وإجلاء أكثر من 200 عامل، كما تم إجلاء عمارات مجاورة تستخدم أيضا سكنا للعمال. ونشرت «الوسط» كيف فر الناجون عبر الأسطح إلى المباني المجاورة. والمصادفة ربما غير حسنة، اذ اشتعل الحريق بعد يوم واحد فقط من إعلان الأمم المتحدة عن نيتها إطلاق أول تقرير لها بشأن الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث من المنامة، وبعد يوم من تأكيد مدير عام الدفاع المدني أن الإدارة طورت قدراتها واستعداداتها للتعامل مع الحرائق داخل المباني المكتظة والعمارات.
كما جاء الحريق بعد عامين من حادثة مشابهة في المنامة (31 يوليو/ تموز 2007) راح ضحيتها 16 عاملا هنديا، قضى معظمهم اختناقا أثناء نومهم. وهذا يعني لو ان الحريق الاسبوع الماضي شب في الليل لكان عدد الضحايا مشابها، وربما أكبر من الحادث المذكور. وتسعى السفارة الهندية حاليا للحصول على تعويضات تصل إلى 100 ألف دينار لكل عائلة عن طريق القضاء، وسارع السفير الهندي الأسبوع الماضي إلى مراسلة السلطات البحرينية المعنية مطالبا بتنفيذ إجراءات الأمن والسلامة وعدم تسكين العمال الهنود في مبانٍ مكتظة ويستخدم فيها الخشب بكثرة لعزل الغرف والأماكن (بسبب الازدحام).
والموضوع حاليا لا يتعلق فقط بالمنازل المكتظة بالآسيويين، وإنما أيضا بالأبراج الجديدة التي ترتفع حاليا في سماء البحرين، إذ إن مثل هذه الأبراج ربما تحتاج إلى قدرات متطورة، بما في ذلك المروحيات «الهليكوبتر»، لمقاومة الحريق أو لإجلاء من يتواجد داخل الأبراج أثناء أي حادث اذا وقع لاسمح الله.
إن الطفرة العمرانية والنمو الاقتصادي المتسارع يحتاج إلى توسعة البنية التحتية، وإلى تطوير الإمكانات من كل جانب. فقد اكتشفنا قبل الحريق أن استعداداتنا في البحر ليست بالمستوى المناسب لتسيير رحلات بحرية مكثفة، والآن نكتشف أن لدينا منازل سكنية مكتظة احتجنا أن نستورد من بداخلها من عمالة غير ماهرة من أجل خدمة قطاع الإنشاءات وغيره من القطاعات التي تعتمد العمالة الرخيصة.
السفير الهندي بالكريشنا شتي قال لـ «الوسط» إن الوضع السكني يشكل خطرا كبيرا على حياة العمال، فبالإضافة إلى الاكتظاظ هناك أيضا الخشب والورق والبلاستيك والهياكل الضعيفة التي تمثل في مجموعها بداية لمآسٍ تنتظر الحدوث. نأمل ألا تحدث أية مأساة، وثقتنا عالية في قدرات الدفاع المدني، ولكن الوضع يحتاج إلى خطة شاملة ومتكاملة تثبت عكس ما تمت الإشارة إليه من مخاطر.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2180 - الأحد 24 أغسطس 2008م الموافق 21 شعبان 1429هـ