العدد 2178 - الجمعة 22 أغسطس 2008م الموافق 19 شعبان 1429هـ

صرخة لتعديل قانون العقوبات

سلمان ناصر comments [at] alwasatnews.com

.

أصبحت النزعة الإباحية قاسما مشتركا في بعض الفنادق والشقق الفندقية، وهي كحال كل الظواهر الغرائزية تحترف البحث عن توفير التسهيلات الرخيصة أمام الشباب، فنجد مثلا الكثير من العاملين في قطاع الفندقة أو ما يسمى بالملاهي الليلية يسعون لتقديم مختلف أصناف اللهو لجذب الشباب وإيقاعهم في شبكة الرذيلة بعيدا عن الأخلاق الإسلامية التي يتصف بها مجتمعنا البحريني.

للأسف، فإنه وبسبب الموقف السلبي تجاه هذا المرض (الدعارة) ولضعف قانون جرم الدعارة، نرى أن الكلام عن نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة لم يعد في مجتمعنا مجرد شعار يردد للاستهلاك التربوي أو الإعلامي، ولكنه في ظل الخوف على مستقبل شبابنا يجب أن يكون هدفا استراتيجيا له أركان ووسائل على الجميع المساهمة في تحقيقها. ومن المفترض أن نمارس أعمالنا بالدعوة إلى التصحيح على ارض الواقع لتحقيق هذا الهدف، في ظل مرجعياتنا في القرآن والسنة واحترام خصائص مجتمعنا المحافظ.

كما يجب العمل على محاربة الرذيلة بطريقة مباشرة وغير مباشرة، فنفضح مروجي الأفكار البائرة والداعمين لها، والسلوكيات التي تحض على التخلف والتقليد الأعمى بدواعي دعم وتنمية السياحة، وذلك أولا بتعديل قانون جرم الدعارة، حيث يجب مراجعة هذا القانون، والعمل على سد الثغرات التي به كي يتسنى لنا تفعيل السياحة الحقيقية النظيفة مع الحفاظ على مجتمعنا المسلم المحافظ، وكذلك كي لا يلتبس جرم الدعارة لدى البعض وتفسيره على أنه إحدى نتاجات العولمة والتحرر الاقتصادي والسياحي.

تعتبر ظاهرة الدعارة في البحرين شبه العلنية معتمدة على السياحة والوافدين الأجانب، حيث تمارس الدعارة في بعض الفنادق والشقق المفروشة بدليل الأرقام التي توصلت إليها النيابة العامة في الفترة الأخيرة. وهذا ما كنا ندعو للتصدي له، لنتهم بالتخلف وعدم مواكبة المتغيرات، لذلك يجب أن يكون هناك تعديل تشريعي في قانون العقوبات، يغلّظ على أي رجل وامرأة يمارسان جرم الدعارة، بدلا من القانون الحالي المعمول به، وأن توجد مادة في قانون العقوبات تقضي بالمساواة في عقوبة الدعارة بين الرجل والمرأة، وتجرم فعل الدعارة ومن ثم يكون التجريم واقعا مع الفاعل والمفعول وليس المفعول فقط، وإلغاء الامتياز الذي يمنحه القانون الحالي للرجل، على رغم أن الفعل المادي واحد في الحالتين، لأن مواد القانون الحالي فيما يتعلق بالدعارة لا تتناسب مع الشريعة الإسلامية، ولا يجوز لأي نص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية ودلالتها، وهو ما يجب معه استبدال القواعد القديمة التي تصطدم مع الأحكام الشرعية القطعية حيث مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع في المملكة. الدعارة في الإسلام محرمة حرمة مطلقة، وتنزل في القرآن الكريم بمعنى الزنا، وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تحرم الدعارة بالمطلق.

بما أننا دولة مسلمة فيجب على السلطة التشريعية العمل على تعديل قانون جرم الدعارة، وعدم الانجراف إلى تبني الفكر الغربي الذي يعتبر دعارة الرجال والنساء البالغين مباحا في الأصل، لأنه يدخل في نطاق الحرية الشخصية التي لا مساس فيها بمصلحة المجتمع، ولا يعتبر مساسا بحقوق الأفراد، إلا في حالات محدودة جدا، منها المساس بحقوق أحد الزوجين، وهي الحالة الوحيدة التي سماها القانون الغربي زنا، وبشرط الشكوى من احدهما ضد الآخر، ويجوز له التنازل عنها. والسؤال: هل هذا ما يأخذ به في قانون البحرين؟

إذا كان الجواب نعم فهذه مصيبة، وهنا أنوه بأننا مجتمع مسلم ولا نريد لهذا الفكر الإباحي أن يكون مكونا لقوانيننا، ونحن نعمل على استقطاب القاصي والداني بما يسمى استقطاب رأس المال الخارجي فلينتبه المتغافلون.

إن النصوص الخاصة بالدعارة في قانون العقوبات تناقض مبادئ الشريعة الإسلامية تناقضا صارخا، حيث أساس تجريم الدعارة في القانون الوضعي الحالي يقوم على فلسفة غريبة عن شعب البحرين، عقيدة وثقافة ومصلحة، كما يناقض الشريعة مناقضة صريحة وفاحشة، التي تعتبر الدعارة من الفواحش والكبائر المحرمة بكل صورها وأحوالها، بينما الأمر لم يقف في الشريعة الإسلامية عند حد تحريم فعل الدعارة فقط، ولكنها تحرم أيضا كل دواعيها وما يمهد لها، كالنظر إلى المرأة بشهوة، وليعلم المعنيون أن حكمة عقوبة الزنا في الشريعة تعود إلى أن الإسلام أحل الزواج وضمن له الاحترام والالتزام.

إن مقاصد الشريعة بتشديد هذا النوع من العقوبات لا تهدف إلى مجرد توقيع العقوبة في حد ذاتها أو الانتقام من الجاني، وإنما تستهدف الردع والزجر العام، وهي في الغالب عقوبة تهديدية لا تنطبق واقعيا إلا في حالات نادرة جدا، وهو ما جعل منهج الإسلام في محاربة الجرائم وخصوصا الزنا يعتمد أصلا على إصلاح النفس البشرية والتربية الدينية والخلقية وغرس الضمير الديني ومراقبة الله وخشيته وتيسير الزواج، ليعلم المعنيون أن فساد الأخلاق وانتشار الرذيلة في المجتمع هما الخطر الأكبر الذي ينبغي أن نواجهه ونحاربه ونجفف منابعه، تماما كما هي حربنا على الإرهاب الفكري والتمييز والاستجداء وجبر الخواطر والانبطاح لتسجيل موقف هنا أو هناك بكلف باهظة الثمن، فهذه دعوة لمراجعة الذات، ولمجلس النواب أذكرهم بيوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، فلينتبه الغافلون أو المتغافلون. اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.

إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"

العدد 2178 - الجمعة 22 أغسطس 2008م الموافق 19 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً