من بكين العاصمة الصينية، نتابع في هذا الشهر الملتهب وبصورة يومية عن طريق شاشات التلفاز صراع أبطال العالم لحصد الميداليات المختلفة في الكثير من المسابقات الرياضية.
لكن مما لا شك فيه ان هذا الأولمبياد له طعم خاص في المجتمع البحريني فقد حصلت البحرين حتى الآن على أولى ميداليتها الذهبية في التاريخ الأولمبي بواسطة نجوم فريق ألعاب القوى.
بصورة عامة، إقامة الألعاب الرياضية الكبرى في المدن الصناعية وذات التعداد السكاني المرتفع قد يخلق صعوبات عديدة للدول المستضيفة. فمثلا، عدد سكان مدينة بكين يبلغ نحو 12 مليون تقريبا وهذا يجعلها في المرتبة 20 من لائحة المدن العالمية الأكثر إكتظاظا بالسكان. لذلك تضع بلديات هذه الدول فصلا خاصا عند تسليمها ملف الاستضافة إلى اللجان الدولية لكيفية مواجهة التحديات البيئية خلال الأعراس الرياضية الكبرى متضمنة حلول عملية لخفض نسبة الملوثات وتحسين جودة الهواء الجوي.
كما يعلم القارئ فإن الصين وخلال العقدين الماضيين دخلت طور التحول الى دولة صناعية كبرى. هذه المرحلة من النمو الاقتصادي المتسارع في شتى المجالات تسببت في خلق مشكلات بيئية كبرى على اليابسة، وفي الهواء والماء، فالقيادة السياسية الصينية ركزت أساسا على التطور الاقتصادي وخلق الثروة وبالتالي لم تكن التنمية المستدامة وخفض الملوثات من أولويات الخطط التنموية في الفترات السابقة.
لكن استضافة الألعاب الأولمبية ألقت الأضواء العالمية على التجربة الصينية للنمو الاقتصادي المصاحب لمستويات عالية من التلوث. فهناك الكثير من الأمثلة التي تناقلتها أجهزة الإعلام خلال الأشهر الماضية، فمثلا شارك نحو 20,000 شخص و1000 قارب قبل عدة أسابيع من الدورة في تنظيف سواحل البحر الأصفر من 100,000 طن من الطحالب الخضراء التي تنمو بسبب الملوثات النتروجينية الناتجة من المخلفات الزراعية والصناعية والمياه العادمة الملقاة من غير مسئولية في البحر. بالنسبة لجودة الهواء فقد قامت اللجنة المنظمة باستنباط طرق مبتكرة، فأولا لم تسمح لنحو 300,000 شاحنة من السير في الطرق المحلية منذ بداية شهر يوليو/ تموز، وثانيا قامت بالسماح للسيارات الشخصية بالسير في الطرقات حسب أرقام تسلسلها فسمحت للسيارات ذات الألواح الفردية بيوم وذات الألواح الزوجية بيوم آخر وثالثا قامت بإغلاق الكثير من المصانع في شمال الصين كمناجم الفحم، ومصانع الإسمنت والحديد والصلب ومصانع الطاقة التي تستخدم الفحم وأخيرا طلبت من المصانع بتحسين مداخن الغازات لخفض أكاسيد الكبريت والنيتروجين المنبعثة الى الهواء الجوي.
هذه الخطوات ذات الطبيعة البيئية ملازمة لنجاح الدورة لكن تقدر عبء تصحيح جزء من الوضع نحو 20 مليار دولار من قبل الحكومة الصينية لكن من المتوقع ان يهتم الشعب والحكومة الصينية بمبادئ التنمية المستدامة.
بالنسبة الى البحرين، أعتقد ان هناك حاجة لتوثيق ارتباط البيئة بالرياضة فلم لا تقام مثلا دورة سنوية للرياضات البحرية في خليج توبلي؟، فقد أعلنت وزارة الأشغال عن إعادة تأهيل وتنظيف الخليج قريبا وسيكون رائعا لو تم الإعلان عن دورة خليجية أو محلية مصاحبة لانتهاء العمل بهذا المشروع البيئي.
إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"العدد 2178 - الجمعة 22 أغسطس 2008م الموافق 19 شعبان 1429هـ