أبدى مواطنون استياءهم إزاء ما حصل حديثا من ورود أسماء لأشخاص بحرينيين حصلوا على شهادات مزورة؛ إذ وصف البعض منهم هذا الأمر بأنه جريمة بحق البحرين والتعليم مطالبين في الوقت ذاته بالتحقيق في هذه السابقة الخطيرة.
المواطن علي اليوسف طالب ماجستير إدارة أعمال أشار إلى أنه اندهش كثيرا حينما شاهد بعض الأسماء البحرينية التي حصلت على شهادات مزورة، مضيفا أن أقل ما يمكن أن يقال بأمر شراء هذه الشهادات أنه نوع من الخيانة والخداع وخصوصا بحال لو تسلم من ورد اسمه منصبا حساسا يرتبط به مصير الكثيرين. وبدوره طالب اليوسف الجهات المعنية بالتحقيق في الأمر بشكل جدي.
من جهته، تساءل المواطن أسامة الأسود: «كيف يتقبل أي شخص أن يشار إليه بمؤهل هو ليس بقدره ولا يستحقه مقارنة بمن تعب وجد واجتهد ولم يلق فرصته بالترقي بوظيفته». وشدد الأسود على أن تكون هناك قوانين صارمة من قبل مجلس التعليم العالي على جميع الطلبة لتنظيم العملية التعليمية.
ماذا لو كان طيارا؟
أما مليح محمد فتساءل: «لو كان أحد الحاصلين على هذه الشهادات المزورة يعمل طيارا مثلا، ويرتبط به مصير المسافرين ووقع ما لا يحمد عقباه فمن المسئول حينها؟».
وقال محمد إن «مسألة الشهادات وشراءها ليست وليدة هذه الأيام، بل قصة الشهادات الأميركية هي القشة التي قصمت ظهر البعير». وأضاف أنه ومذ كان يدرس في إحدى الجامعات كان يرى ويشاهد الكثير من الأمور، لكنه لم يكن يتوقع أن يستفحل الأمر بهذا الشكل الكبير. من جهتها، أشارت المواطنة اعتدال الشهابي إلى أن الأمر ليس بهذه السهولة، بل ستكون له بعض النتائج السلبية على الجميع؛ إذ سينعكس سلبا على مخرجات التعليم، وسوف يفكر الآباء والأمهات مرات ومرات قبل إرسال أبنائهم للدراسة إلى أي مكان، فضلا كذلك عمن اشترى شهادته ويتسلم الآن أحد المناصب الحساسة. وطالبت الشهابي بنشر الحقيقة على الملأ ليعرفها جميع الناس.
أين النواب من كل هذا؟
«أين النواب من كل هذا»، هكذا بدأ حديثه المواطن عون محمد، مستغربا كيف أن ممثلي الشعب صامتين ولم يحركوا ساكنا؟ مطالبا في الوقت ذاته بلجنة تحقيق عاجلة ومساءلة وزارة التربية والتعليم عما حصل وكذلك سن قانون تشريعي يقنن الدراسات العليا، آملا أن يكون النواب بحجم المسئولية الملقاة على عاتقهم من قبل من انتخبهم.
تقارير الصحافة الأميركية أقلقت الرأي العام
وكانت تقارير صحافية أميركية تحدثت عن أن أدلة جنائية حصلت عليها السلطات الأميركية بشأن بيع شهادات بكالوريوس وماجستير ودكتوراه، وأن هذه الشهادات تم بيعها الى أشخاص في مختلف أنحاء العالم، من بينها البحرين. وأطلقت السلطات الأميركية على عملية الكشف عن الشهادات المزورة (Operation Gold Seal)، أي «عملية الختم الذهبي»، في إشارة ربما إلى الختم الذي تحمله الشهادات وهو من نوع خاص لدى مطابع محددة.
وتلا ذلك قيام أحد المواقع الأميركية بنشر أسماء الأشخاص المشتبه في حصولهم على شهادات جامعية مزورة ويبلغ عددهم نحو 9600 شخص، ووردت في اللائحة المنشورة عدة أسماء قيل إنها من البحرين.
وبحسب القانون الأميركي فإنه ليس مخالفا للقانون أن يطبع أحدهم شهادات مزيفة، إلا أن ما هو مخالف للقانون هو الادعاء كذبا بمستوى أكاديمي وتقديم وثائق لدعم تلك الكذبة.
وقالت التقارير إن سعر الشهادة المزورة يتراوح بين عدة مئات من الدولارات إلى ما يزيد على 2000 دولار بالنسبة إلى شهادة الدكتوراه. هذا ولا يزال التحقيق مستمرا مع أصحاب المطبعة التي قامت بعمليات التزوير، وقد اعترف مشغلوها بأنهم حصلوا على ترخيص من دولة إفريقية، وهي ليبريا، بعد أن دفعوا رشوة إلى أحد المسئولين هناك لمنحهم ترخيصا بإصدار شهادات. وقالت التقارير إن هذا الاعتراف من قبل مشغلي المطبعة ربما حيلة أو محاولة للهروب من القضاء الأميركي.
وأثارت التقارير الأميركية حفيظة البحرينيين، وجعلت من الشهادات المزورة حديث الساعة؛ ما حدا بجهات جامعية ونيابية للتعبير عن قلقها من أن يكون أصحاب الشهادات المزوّرة يشغلون مناصب حساسة تؤثر على الناس وحياتهم، مؤكدين أن من يشتري شهادة فمن الممكن جدا أن يبيع الوطن والناس، مطالبين مجلس التعليم العالي بالتحقيق السريع والجدي والشفاف والإعلان عن هذا التحقيق ونتائجه للناس.
لجنة «تقويم المؤهلات»: الشهادات المعادلة مدققة
وتعقيبا على موضوع الشهادات المزورة، أكّد وكيل وزارة التربية والتعليم لشئون التعليم والمناهج رئيس اللجنة الوطنية لتقويم المؤهلات العلمية عبدالله المطوّع أنّ اللجنة هي المسئولة عن اعتماد الشهادات العلمية الصادرة عن مؤسسات التعليم العالي خارج البحرين، وأنّ اللجنة لا تعادل أيّ شهادة إلاّ بعد التأكّد من صحتها بشكل كامل وموثق.
وأوضح المطوع أنّ أيّ مؤهل علمي يرد إلى اللجنة للمعادلة يتمّ تدقيقه والتأكّد من مراعاته لجميع متطلبات الدرجة العلمية الممنوحة والتخصص، كما تقوم اللجنة بمخاطبة الجامعة التي أصدرت المؤهل للحصول على رسالة تؤكّد انتظام الطالب في الجامعة واستيفاءه لمتطلبات الاعتمادية، حتى لو كان المؤهل صادرا عن جامعة عريقة ومعروفة، بالإضافة إلى التأكّد من أنّ الجامعة مرخص لها في بلدها.
تحذير للدارسين بأميركا
هذا، ودعا متحدث باسم السفارة الأميركية لدى المنامة البحرينيين الراغبين في الدراسة بالجامعات الأميركية بالولايات المتحدة إلى ضرورة التأكد من أن الجامعة التي ينوون الدراسة فيها سواء بالانتساب عن بعد أو عبر الإنترنت مصدقة ومعترف بها.
ولا يزال المراقبون يتطلعون إلى خطوات أكثر جدية وحزما من قبل مجلس التعليم العالي تجاه القضية المؤرقة؛ لأن القضية لم تعد قابلة للمساومة وفيها ما فيها من ظلم واضطهاد لأولئك الذين نالوا مؤهلاتهم بسهر الليالي لا بالمال والتزوير.
العدد 2178 - الجمعة 22 أغسطس 2008م الموافق 19 شعبان 1429هـ