العدد 2177 - الخميس 21 أغسطس 2008م الموافق 18 شعبان 1429هـ

احتضار الاقتصاد الأميركي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ربما تفاجأ أسواق المال والأعمال بخطوة أميركية غير مسبوقة في تاريخ الاقتصاد الأميركي، إذا أقدمت واشنطن على تأميم مصرفي «فاني مي» و»فريدي ماك» للإقراض العقاري. هذا ما تنبأ به أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفرد الأميركية، وكبير الخبراء الاقتصاديين السابق في صندوق النقد، كينيث روغوف الذي حذر أيضا من عواقب تفاقم أزمة الائتمان العقاري الأميركية، وتوقع أيضا انهيار أحد المصارف الأميركية الكبيرة أو ربما أكثر خلال أشهر.

والمثير في تنبؤات روغوف هي تلميحه إلى أنه على «رغم أن الاقتصاد الأميركي تخطى مرحلة مهمة، فإنه لم يخرج من منطقة الخطر تماما، وربما القادم أسوأ».

وكانت أسهم «فاني مي» و»فريدي ماك» للإقراض العقاري انهارت الشهر الماضي بسبب مخاوف من اختفاء ارصدتهما النقدية الممولة لنشاطاتهما وأعمالهما. ويعتبر هذان المصرفان العمود الفقري لسوق الاقراض العقارية في الولايات المتحدة.

يشارك روغوف هذا الرأي أحد الاقتصاديين البارزين في موقع تقرير واشنطن، أسامة عبدالله حين يؤكد أنه على رغم «تدخل الحكومة الأميركية عن طريق سن القوانين لتوفير حزمة من الحوافز الاقتصادية، وقيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة أكثر من مرة وتقديم الحوافز للنظام المالي، فإن نسبة حدوث ركود للاقتصاد الأميركي بنهاية العام 2008 تصل إلى 60 في المئة بحسب دراسة أجريت حديثا.

ولهذا يحاول التقرير الذي أعده المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية الأميركي National Bureau Of Economic Research (NBER) الإجابة على سؤال يشغل بال الكثيرين داخل وخارج واشنطن، وهو: هل المشكلات الاقتصادية والمؤشرات الحالية للاقتصاد الأميركي تعني دخوله حالا من الركود في نهاية هذا العام 2008؟».

ومن المفيد الإشارة هنا إلى ما قالته المجلة الاقتصادية الشهيرة «فورتشين» التي حذرت من أن الاقتصاد الأميركي ينخره «عفن مرعب». وجارتها في ذلك مجلة «بيزنس ويك» حين ذهبت إلى القول إن الاقتصاد الأميركي يعاني من «أكبر أزمة للرأس مالية الأميركية منذ مطلع القرن العشرين».

ويعزز من صدق مثل هذه التوقعات بشأن الأزمة البنيوية التي يغرق في رهالها المتحركة الاقتصاد الأميركي آراء خبراء من خارج الولايات المتحدة مثل رئيس البنك المركزي الصيني الذي وجه انتقادات للطريقة التي تدير بها الولايات المتحدة الأميركية اقتصادها، إذ قال صراحة في افتتاح ملتقى الحوار الاقتصادي الاستراتيجي الذي عقد في يونيو/ حزيران 2007 في انابوليس: «ان الولايات المتحدة الأميركية كانت نموذجا للكيفية التي ينبغي أن يدار بها أي اقتصاد لكنها أصبحت مثار اهتمام الآن بسبب الأخطاء التي ارتكبتها والتي تسببت في أزمة الرهن العقاري عالي المخاطر».

تفند مثل هذه الاستقراءات الرزينة، غير المسيسة أو المتحيزة، إدعاءات الرئيس الأميركي جورج بوش التي أطلقها في مارس/ آذار 2008 وزعم فيها أن «الاقتصاد الأميركي مرن وسيسترد قوته على رغم الأوقات الصعبة التي يمر بها... وأن الادارة الأميركية ومجلس الاحتياط الفيدرالي اتخذا إجراءات لحفز الاقتصاد».

وكما بدا حينها فإن بوش كان يتكئ على ما توصل إليه البيت الأبيض والكونغرس الأميركيان في مطلع العام 2008، إثر مباحثات إضافية أجراها بوش مع زعماء الكونغرس بهدف معالجة الأزمة المالية المتصاعدة التي تشهدها الولايات المتحدة، من اتفاق لتنفيذ برنامج بـ 150 مليار دولار، لإنعاش الاقتصاد الأميركي، بواسطة حزمة من المحفزات من بين أهمها خفض الضرائب.

وليس في ذلك أي من التجني على الاقتصاد الأميركي الذي لم يعد سرّا أنه تحول إلى اقتصاد مدين يبلغ العجز اليومي فيه إلى أكثر من مليار دولار يوميّا، وهذا الرقم لا يمكن تعويضه إلا من خلال ضخ المزيد من الأموال من الخارج عبر زيادة الاستثمار الأجنبي في السوق الأميركية الواسعة، والاستفادة من كون الدولار لايزال العملة المستخدمة غطاء لكثير من العملات العالمية.

كل هذه الشهادات والحوادث تدلل على أن الاقتصاد الأميركي لم يخرج من كبوته بعد، وأنه لايزال يترنح من جراء الكثير من الضربات التي وجهت إليه خلال السنوات الأربع الماضية، بل إن الأمر ينذر بدخوله في نفق أزمة بنيوية حادة جدّا، الأمر الذي من شأنه أن يوقف بعض مظاهر النمو الشكلية التي عرفها حديثا، وبالتالي علينا أن، نشهد تقهقرا حادّا يؤثر على كم غير بسيط من الصناعات والخدمات.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2177 - الخميس 21 أغسطس 2008م الموافق 18 شعبان 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً