إن الرياضة والتنافس... والمهرجانات الأولمبية للألعاب وكل أربع سنوات، أضحت من السمات العصرية المهمة جدا والتي تلف من حولها، مئات الملايين من المشاهدين والمشاركين بطريقة أو بأخرى!
وتقدم الدولة المضيفة كل إمكاناتها من المجهودات الجبارة، تحت تصرف الزوار! ومثلما تصرف المليارات لتهيئة الملاعب وأماكن السكن... الخ فهي تسترجعها أضعافا مضاعفة من شهرة عالمية ومردودات مادية ومعنوية وسياحية... إلخ.
وأصبحت الدول تتباهى بلاعبيها ومدربيها ويقدرهم الرؤساء والملوك والسلاطين أكبر تقدير ويدفع لهم بكل سخاء!
وقامت بالبحث والمزايدة وبصفقات مميزة لشراء الاختصاصيين الرياضيين والمدربين باعتبارهم الدجاجة التي تبيض ذهبا ولم يتوان اللاعبون بانتهاز الفرص وباتوا يجوبون العالم لمن يدفع أكثر! للتعاقد والانتماء! وأصبح الانتماء للنادي أهم من الوطن!
وأصبحت الجنسية جاهزة مع عقد العمل للدجاجة فور إمضائها له! ولا لزوم للحصول على الجنسية من معرفة اللغة فللرياضة لغة عالمية فما حاجة إدخال الكرة في «الجول» أو ضرب الآخر إلى أن يقع أرضا أو الكراتيه للكلام.
وأصبحت أسعار اللاعبين في تصاعد مع شروطهم لقبول العقود مثل كل شيء آخر... وأسعار العضلات واللياقة في ازدياد أيضا خصوصا للوسائل الحديثة التي باتت تستخدم والغالية الثمن لرفع إنتاجية اللاعب وأدائه!
لقد أصبح اللاعبون كالوجبات السريعة (Fast Food) سريعو الانتفاخ لما يملأونهم به من منشطات ومقويات اصطناعية لتغذية عضلاتهم وزيادة سرعتهم وقوتهم الوقتية (أثناء ممارسة الألعاب) وهي قوة غير اعتيادية بحيث تمكنهم من الوصول إلى القمة والحصول على درجات عالية... تصعب على غير متناولي المنشطات الوصول إليها!
ومع ازدياد التدقيق والإجراءات الصارمة لمعاقبة وحرمان هؤلاء من المشاركة تنشط أيضا في الوقت نفسه المختبرات الطبية لاكتشاف الأنواع المنشطة والتي يصعب اكتشافها بالتحاليل للدم والبول (كما هو معروف) وقد نجح البعض في عمل تلك العقاقير وبيعها وكسب الملايين!
كما مارس البعض محاولات لدفع الرشاوى للفريق الطبي لغض الطرف والتزوير في الفحوصات و النتائج!
و إذ دخلنا عصر الغش الذهبي الرياضي!... بروحه الثقيلة السمجة وانتقلت الرياضة الجميلة مع عشاقها في الماضي إلى عصر لم نعد نعرف فيه الحقيقة في الخداع البصري! خصوصا أثناء الممارسات الرياضية والسرعات الجنونية في كل شيء!
وضاعت معها الروح الرياضية الرائعة، والتي لم يكن المكسب هو الهدف وإنما الاستمتاع بقضاء الوقت اللذيذ في المشاهدات أو الممارسات الرياضية والتي كانت تمارس في المدارس صباحا في طابور الصباح والتي هي الأساس لتنمية العقول والأبدان والشعور بالفرح بعد ممارستها لطول اليوم!
وتغيرت النظرة إلى اللعب تماما بحيث أصبح الآباء يجهزون لأبنائهم وهم أطفالا صغارا التدريبات المكثفة والمضنية لإعدادهم لنوع معين مثل التنس أو الكراتيه... الخ كي يقونهم ويعودونهم على فكرة الانتصار والمكسب كي يصبحوا أبطالا ونجوما في المستقبل من دون أن يدركوا أن هؤلاء الصغار الأبرياء هم الضحايا لرغبة الكبار في تحصيل المال والمجد والشهرة على حسابهم وحرمانهم من طفولتهم ولعبهم!
يعني أصبح الإنسان بالتدريبات والمنشطات مثل الحيوانات التي يتم حبسها لإنتاج الألبان أو اللحوم أو البيض... ودراستها فنيا للمزيد من المكاسب والأرباح، وتزويدها بالضروري من العقاقير الاصطناعية فغابت الروح... روح الرياضة الحرة وإزدادت الأمراض النفسية وأضحت مجردة في لهو مادي وغول يشطف ويهدر الأموال من دون فائدة حقيقية ترجى منها لذات الإنسان والبشرية ومتعته البريئة!
وهكذا نجح رجال الأعمال في استنزاف وتزييف كل شيء جميل وتحويله إلى السبائك والميداليات الذهبية الخالية والخاوية من أية روح.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2176 - الأربعاء 20 أغسطس 2008م الموافق 17 شعبان 1429هـ