لا غرابة في كل ما جرى منذ أيام على الساحة القوقازية... كل ما في الأمر أن المحافظين الجدد في الإدارة الأميركية - وهم في أشهرهم الأخيرة - استخدموا لغة الاستعراض والمفاجآت العسكرية عن طريق وكلائهم الجدد على الحدود الشمالية والجنوبية لروسيا الاتحادية.
الهدف من وراء ذلك هو محاصرة روسيا بالقواعد الصاروخية ومنصات الإطلاق والتدخل في مناطق نفوذها الإقليمية، بعد فشل المحافظون الجدد في محاولاتهم المستميتة لتركيعها وإدخالها ضمن جوقة «الخادم المطيع».
لكن - كما يبدو من قراءة للأحداث الحالية - ان إدارة بوش نسيت أنها تتعامل مع امة لها من التاريخ والحضارة ما يجعلها لقمة «غير سائغة» لها ، وأثبتت ردود الفعل الروسية ان هستيريا المحافظين الجدد للسيطرة - عبر وكيل أعمالها في تبليسي ميخائيل ساكشفيلي - فاشلة، وأثبتت أيضا فشل مخططاتهم التي لا تكف عن احاكة المؤامرات حول الدول والشعوب لصالح رغبات ومصالح خاصة لفئة استخدمت امكانات قوة عظمى لتحقيقها رغم أنف الآخرين... ولكنها اليوم ترى بأم أعينها ان لكل شيء حدودا.
إن أزمة القوقاز تدفع إلى القول بان الثقل الروسي قد يعود مرة أخرى لموازنة نفوذ واشنطن التي تحولت تحت سيطرة المحافظين الجدد في السنوات الأخيرة الى الأحادية في العمل الدولي، وهو الامر الذي ادى الى زيادة خطر الارهاب وانعدام الاستقرار. ولذلك فإن روسيا رأت ان التوازن انعدم في جوارها عندما وصلت واشنطن الى الدول والأقاليم والكيانات المتداخلة مع حدودها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وهذا يفسرعزمها على خلق توازن إقليمي.
ان الدول التي كانت حليفة لموسكو إبان الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية وأصبحت اليوم ضمن نفوذ الولايات المتحدة الاميركية تراجع الأحداث الأخيرة وتعيد النظر فيما يتعلق بإمكانها تحقيق الاستقرار عبر شراكة متعددة، وليس كما هو معمول به في منطقتنا اذ تنفرد قوة واحدة بجميع القرارات الاستراتيجية التي يقع وبالها على رؤوسنا جميعا.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2176 - الأربعاء 20 أغسطس 2008م الموافق 17 شعبان 1429هـ